خرجنا على الدنيا في نهاية خمسينات القرن الماضي
نردد ما غناه محمد عبد الوهاب
للشاعرالمرحوم علي محمود طه
أخي جاوز الظالمون المدى
فحق الجهاد وحق الفدا
ترنمنا بها فشحنت قلوبنا وعقولنا، إذ كنا نسمعها في
المذياع وفي طابور الصباح المدرسي،وفي كل مكان حتى حفظناها عن ظهر قلب ... وبعد
سنين من القهر وتغير المعالم والمعاني في عصر العولمة . هل تغير شيئ ؟!
............ لعل الظلم والظالمين ما زالوا، فهذه سنة الحياة . ولكن ما بال الجهاد
والفداء وهما من سنة الحياة أيضاً؟ .. لعلهما تغيرا، فوجب تغيير الشطر الثاني من
البيت الاول.. والتركيز على ما استجد من أمور كانت موجودة سابقاً ولكن دون "
فلاش "
أخي جاوز الظالمون المدى وهـم"
سـادة" خـّربـوا البلـدا
يثبتهـم في الكراسي اليهـود
وواشـنـطـنٌ أطـلقـتهـم يــدا
فعاثـوا يميناً وعاثـوا شمالاً
وكانـوا ذيــولا بـِسفـل العــدا
يـذلـون أمـتهـم... باقـتـدار! وإلاّ أُزيحوا وضاعوا سدى!
والعجيب الغريب أن من واجب الحكام أن ييسروا
لمواطنيهم الحياة الحرة الكريمة، طبعاً هذا في كوكب المريخ وأخيه عطارد ! لأن
الحرية – هناك – تعني الإبداع والتفوق، وهي عنوان الرقيّ والتقدم . ولن ترى أمة –
طبعاً هناك – تفعل المستحيل إلا بالحرية والشعور بكرامة الإنسان .... وتنميةُ
المواهب رهن بكل ذلك .... أما في بلاد ( الواق الواق)!، فالأمر مختلف اختلاف الليل
والنهار .
فما يكون مفيداً في مكان يضر في مكان آخر، وما يصلح
في بقعة ينتفي صلاحه في بقعة أُخرى بضم الهمزة طبعاً . فعندنا قوانين لزمت المواطن
فلم تعد تنفك عنه لفائدته وفائدة الوطن ! :
فـفيـنـا القـوانيـن عُـرفـيّـة تسوق الـمُواطن كبشَ فــدا
تلازمه في النهار، وليلاً يـراهـا
تـؤانسـه مـوعِــدا
وعلى الرغم أن العدو الإسرائيليّ تحيط به البلاد
العربية فالحرية ديدنه . وترى اليهوديّ
يبدي رأيه دون خوف ولا وجل، يسقط وزارة
ويرفع أخرى . ويهدد الحكام ويتوعّد لأنه سيد الموقف وجميع الأحزاب تسعى لإرضائه
لتعزز موقفها فإن حكامنا – أجلّكم الله – يرون من قوانين الطوارئ سلاحا يحاربون به
– على زعمهم - الفوضى ويجمعون بها الأمة .
فما ينبغي أن يُرى ذو فؤاد خليٍّا من الهـمِّ، أو أسـعَـدا
فهـذا العـدوُّ يحاذي البلادَ
وكبتُ المواطن يؤذي العِدا!
وكمُّ العبـادِ يذل الأعـادي ويقطِف نصراً ويُعلي يدا
لذاك ترى الحُكم يبني سجوناً
يذيق بها المخلصين الردى
وينشئ أجهـزة تستبيح
الـــــــــــــــــــــحياة وتطفئ نـور الهـدى
وتصدر قوانين
جائرة ضد أصحاب الرأي المخالف، فهؤلاء يتدخلون بالسياسة العامة، ويؤلبون
الشعب على الحكومة الرشيدة التي آلت على نفسها أن تفكرنيابة عن الأمة وتتصرف نيابة
عنها ! وقرار العار 49 الذي يحكم بالإعدام على الإخوان المسلمين في سورية ومن
يؤيدهم مسلط على رقاب الشعب منذ أربعة وعشرين عاماً:
تصوغ قرارا ًبوأد سريع لكـل شـريفٍ ومـن أيـّـدا
لماذا التفكـر بلـه
الـتدبـرُ أليست حكومتنـا
أرشـدا ؟!
تفكِّـر عنا برأي
حصيف أضاع الرشاد وما
سددا!
والحقيقة أنهم
ينادون بأهداف، ظاهرها الوحدة والحرية، وباطنها التشرذم والدكتا تورية
والتسلط فهم ينادون بالاشتراكية ويسرقون قوت الشعب، وينهبون ثرواته، ويحطمون
اقتصاده :
وتفرض فكراً لحزب رديء
يرى الفهمَ قد حازه أوحدا
ينـادي بأهــدافــه لامعــات
وتعـكـُس أفعـالُـه الأسْـودا
فحرية الشعب أمست قيوداً
وكان " بوحدتـه " واحـدا
وطالت شرورُ النظام الجميعَ
فجـارَ وغـلّ وقـد أفســدا
فـلـم تنجُ منـه بلاد الشـآم ولا الرافـدان ومـن أنجـدا
وهذه الجولان منذ أن اغتصب النظامُ الحكمَ في سورية
لم ينطلق منها ضد العدو الصهيوني فدائي، فقد أمنت إسرائيل هذا الجانب، وضمن لها
الهدوء على أن تضمن له البقاء على صدور الأمة .
فبدلا من قول الشاعر :
فجـرد حسامـك من غـمـده
فـلـيس لـه بعــدُ أن يُغـمـدا
انقلبت الأمور إلى أن يقال :
فـثبـت حسامـك في غـمـده
وأهمله كي يحتـويه الصدا
فإذا صدئ السيف عاد قطعة حديد ليس غير ..... أو
يكون البيت :
فـسلـمْ سـلاحـك للأمْرِكـا نِ كمجنوننــا إذ بـدا ما بـدا
وخاف اقتلاعاً كما في العراق فنادى : الأمانَ وما عرّدا
وإلى أين يعرّد " يهرب "مجنون ليبيا من سيده في البيت الأبيض إلا إليه ذليلاً، وقد
دفع صاغراً المليارات الكثيرة ديات القتلى في الطائرتين الأمريكيتين !؟ ليأمن على
نفسه ونظامه أن لايقتلع، ولا نحاشي أحدا منهم إلا الصالحين، وقليل ما هم، أو هم في
طور العدم .
على كل حال قضى وانتهى ولم يرْثه القومُ حتى العِدا
وظنّ الدوام ! وهذا
محال فمات طريداً وما أُنجدا
مصير الطغاة بأرض الشآم مصيرٌ ذلـيـل أراه ابتـَدا
وترى الشاعر يستنكر بشدة أن يطأطئ الناسُ الرأس
للعدو فيغتصبَ حقوقهم ويذلَّ عروبتهم، فلا بد من الجهاد لاسترداد ما اغتصبه اليهود
:
أنتركهم يغصبون
العروبــــــــــــــــــــــــــــــة مهـد الأبـوّة والسؤدُدا
وليسوا بغير صليل السيوف
يجيبون صوتاً لنا أوصدى
ولكننا في هذا الزمن الرديء والأيام الخانعة :
تركناهمُ يغصبون العروبة جهاراً نهـاراً فلا سـؤددا
وصرنا ننادي السلامَ فبـُؤنا بخـزي أذلّ ومـا أنجــدا
أضعنا فلسطين ثم العراق فبـئس السلامُ بمـا أوردا
وكان شباب الأمة من كل ساح في بلاد الإسلام يقصدون
فلسطين للدفاع عنها، ولعل الشاعر بروحه الوثابة والمغني بفنه الأصيل جعلا من القصيدة
بركانا ثائرا، فتنادَوا ملبين :
فلسطين يفدي حماك الشباب
وجل الفـدائيّ والمفـتـدى
فلسطين تحميك منا الصدور فإما الحيـاة وإما الردى
ولعل الموسيقي البارع والشاعر المبدع رأيا الحياة في
طلب الموت، كما قال العربي قديما : اطلب الموت توهب لك الحياة فقدم الشاعر الحياة
على الموت لأهمية أن يحيا العربي عزيزا، ومدّ الموسيقيُّ ألف الحياة ورفع الصوت،
ثم خفضه في الردى .
لكن أولي الأمر يرون غير ذلك
فلسطين
" لا تندهي "قد سقطنا
فلسطين " والله مافي حدا"
قلاك
أولـو الأمـر لا تندُبيهـم
فليسوا رجالا ولكن صدى
تداعَـوا
إلى تلْ أبيبٍ سـراعا يظنـونها
الغُنمَ والمـوردا
وقام
الشبـاب الأبيّ الجسـور يـدكّ
الـيهـود ليسـتشـهـدا
وظل
الشباب أسودَ العرين
وكان الشهيدُ الفتى السيّدا
وإنّ
الشــبابَ بعـون الإلـه جنودُ الفداء وفيضُ الندى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق