الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-09-09

على رصيف الثورة السورية "1" ... المعاناة تصنع التاريخ - د.أحمد محمد كنعان


مما لا شك فيه أن التغيير في حياة الأمم يبدأ من عالم "الأفكار" ، فالفكر هو الذي يحرك الهمم ، ويدفع الناس للبحث عن تغيير أحوالهم إلى ما هو أفضل ، إلا أننا مع تسليمنا بأهمية الأفكار ودورها في عملية التغيير فإننا ـ في الوقت نفسه ـ نؤكد أن للمحن والمعاناة والألم كذلك دوراً لا ينكر في عملية التغيير ، فالحروب والنزاعات والصراعات وتسلط بعض الناس على رقاب بعض ، والمآسي والكوارث التي تنتج عن ذلك كله ، كانت وماتزال هي المحرك الأهم الذي يدفع عجلة المجتمع باتجاه أحد طرفي المعادلة ، إما نحو الارتقاء في سلم الحضارة والرخاء والرفاهية والتمكين في الأرض ، وإما نحو السقوط في منحدر التخلف والانحطاط والتبعية!


وكم من أمة سحقتها المعاناة فأعادتها إلى عصور الظلام ، أو أخرجتها نهائياً من مسرح الوجود بعد أن كانت ملء السمع والبصر ، وكم من أمة بالمقابل جعلتها المعاناة تصحو إلى نفسها ، وتعيد حساباتها ، وتنهض من تخلفها لتصنع لنفسها تاريخاً جديداً تفخر به وتعتز بمنتجاته ، كما حصل مثلاً لكل من ألمانيا واليابان في أعقاب الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) إذ استطاعت هاتان الدولتان أن تنهضا بسرعة بعد الهزيمة الكبيرة التي وقعت بهما من جراء تلك الحرب ، فقامتا على عجل تلحقان بركب العلم والتقدم ، وتشاركان مشاركة فعالة في كل شيء وتعودان فتأخذان بجدارة مقعديهما المتقدمين في المؤسسات العالمية لصنع القرار !

وها هو "الربيع العربي" يطل علينا اليوم ليحملنا إلى عهد جديد ، بعد معاناة شديدة عاشتها أمتنا في ظل الاستبداد والظلم والقهر ، مؤكداً أن الأمم العظيمة تولد من رحم المعاناة والألم ، وقد أنجزت بعض أقطارنا العربية ربيعها بجدارة بعد معاناة طويلة مؤلمة ، وبدأت رحلة البناء بهمة عالية ، فيما تعيش بلدان أخرى معاناتها الشديدة بصبر وثبات وإصرار على تحقيق ربيعها المنشود ، وتلك هي حكاية سورية التي تزرع اليوم أرضها بالشهداء ، وترويها بالدماء الزكية ، بانتظار أن تتفتح شقائق النعمان ، ويبوح الياسمين بأعظم حكاية من حكايات الحرية والإباء !
د.أحمد محمد كنعان
Kanaan.am@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق