الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-09-12

السوريون .......... والدكتور – بقلم: إياس غالب الرشيد


كل سنة تنتهي امتحانات الثانوية العامة .. وتصدر نتائجها .. يتساءل الجميع من سيدخل كلية الطب ...وتدور حلقة من الثرثرة من قبيل  :( ماذا ستدرس ؟ صيدلة، ليش ! والله نقصني عن الطب علامتين، واحتمال أعيد البكالوريا) ، هذا هو سقف السوريين العلمي ، ومن أجل ذلك يرتفع شأن المرء في سوريا إذا كان دكتوراً، أو عنصر مخابرات .


هلك حافظ أسد عام 2000م ، وورث بشار الملك ، ورث مع الملك أشياء كثيرة، مثل رئيس الجمهورية ، والقائد العام للجيش والقوات المسلحة  برتبة فريق، والأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي ، على الرغم من أن  هذه المناصب السالفة الذكر كان يقتسمها عدة رجال في الستينات، عندما  وثب البعثيون مع  الناصريين وبعض المستقلين إلى السلطة ، ثم قذف البعثيون بشركائهم بعيداً، وانفردوا بالسلطة، ثم قذف حافظ أسد بشركائه إما إلى المنافي، أو إلى السجون، أو إلى جهنم، وأصبح هو كل شيء ، ولكنه لم يكن دكتوراً .

بدأ التسويق لبشار قبل هلاك أبيه ، وقد قُدِّم على أنه دكتور وشاب ويعرف بالكمبيوتر ، ألهبت فكرة كون بشار دكتوراً مشاعر السوريين وتقبلوه ، و تسنم سدة السلطة ،وبدأ مشروعه الإصلاحي، والسوريون سعيدون بالنظر للدكتور، الممانع، المقاوم ، الإصلاحي ،وبعد أحد عشر سنة تكشفت أشياء كثيرة بالنسبة للسوريين، حيث استشرى الفساد في كل زاوية، وأصبح  طريقة و منهجاً في إدارة البلاد ، وسقطت نظرية المقاومة والممانعة  بعد أربع وأربعين سنة على احتلال الجولان، وسكينة الجبهة وكسل الجنود الإسرائليين  البادي للعيان، وقد بدأ يلمحه كل من يزور منطقة الجولان، ويلمح معه كثافة الغطاء النباتي وأصوات العصافير التي لا يقلقها صوت رصاص الدكتور الممانع .

سقط كل شيء وبقي الدكتور بابتساماته التي يوزعها ،ولغته الفلسفية الملتفة  على نفسها وعلى المتلقي المسكين الذي يثق بالدكتور ، حتى جاء فتية درعا وكتبوا على جدار مدرستهم بعد سقوط  زين العابدين ومبار ك: ( جاك الدور يا دكتور)، وعلى الرغم من الإيقاع الموسيقي الذي تحمله هذه الجملة بسبب السجع فإن القضية ليست بهذا التسطيح الإيقاعي ، لقد سقط الدكتور عند فتية درعا،ولقب الدكتور آخر ما تبقى له بعدما سقط رئيساً وحزبياً وعسكرياً واقتصادياً وسياسياً، لقد سقط بوصفه مشروعا أرادوا التسويق له، وحملوه على ظهر الدكترة .

لقد أدرك هؤلاء الفتية بحدسهم سقوط المرحلة وتآكلها بمقولاتها الخشبية ،وأفكارها العقيمة ؛التي لا يمكن أن تصنع مستقبلاً لفتية تأملوا طويلا في حال الثورة المصرية، وتشربوا تجربتها، واستشفوا منها حقائق عظيمة ،على الرغم من أنهم في المرحل الإعدادية ولا يوجد بينهم دكتور .

السوريون اليوم يكرهون كلية الطب ؛لأنها كانت سبباً في صناعة رجل نسي قسم أبقراط ،وتحول إلى جزار ينشر الموت في كل مكان ، السوريون لا يوجد بينهم الآن من يريد أن يصير دكتوراً ، إنهم هدموا هذا التقييم –على الرغم من أنه كان سبباً في تسويق بشار وإيصاله للرئاسة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق