الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-09-11

مهمة الإبراهيمي، تمديد في عمر النظام، أم فرصة للخلاص منه - بقلم الدكتور/ عامر أبو سلامة


الإبراهيمي، من مخضرمي السياسة، وموصوف بالعقلانية، واستلم ملفات دقيقة، كان يوازن فيها بين المعقول والمقبول، ليخرج في الغالب بنتائج مرضية نسبياً.
أما أن يقبل بالمهمة خلفاً لعنان، فهو أمر مثير للدهشة، ويدعو للتساؤل.
ذلك أن مهمة عنان فشلت فشلاً ذريعاً، بل هي نقطة سوداء في تاريخ عنان، وفي تاريخ الأمم المتحدة، وكنت قد كتبت مقالة بعنوان( مبادرة عنان وقف للقتل، أم فرصة للمزيد منه)، وقد تبين أنها فرصة للنظام المجرم في سورية، وغطاء له، لإرتكاب مزيد من القتل، والجرائم البشعة، والمجازر الجماعية، فأراد عنان أن يتلافى سمعته بإستقالة، لم تكن لتمحوا هذا السجل السيء، من تاريخ الرجل الذي يتحمل قسطاً كبيراً من وزر هذه الجرائم التي حدثت في زمن مبادرته، ولكن على الأقل أوقف المزيد من تداعيات السوء التي سجلت بإسمه، وعلى ذمته.


عنان فشل، وترك للإبراهيمي تركة ثقيلة، مليئة بالتعقيدات، ومثقلة بالتناقضات، ومشبعة بالدم، وتقطر فشلاً، من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها، فماذا أنت فاعل، أمام هذا المشهد أيها الإبراهيمي؟ وبأي نفق مظلم دخلت؟

بصراحة، إن الإبراهيمي استلم ملفاً محروقاً، وقضية شائكة، وعليه أن لا يختم حياته الدبلوماسية، بإحتراق يأتي على الأبيض والأخضر، من تاريخ حياة الرجل، خصوصاً، وأن الرجل قالها بالفم الملآن، بأنه ليس واثقاً تماماً، حيال فرص إنهاء النزاع في سورية، والتسلح بالأمل والتذرع به، ليس كافياً لإتخاذ قرار، بهذه الخطورة، يحمله مسئولية تاريخية عظمى، في مفصل غاية في الدقة والتعقيد، من تاريخ سورية، بل في تاريخ العالم.

والمتوقع، لمنهجه في العمل، أحد أمرين:
-        أن يمضي بمبادرة عنان، فهذه ستكون كارثة عليه، وعلى الشعب السوري، إذ سيمضي على طريق سلفه، بمنح النظام، فرصة جديدة لمزيد من القتل، وارتكاب الجرائم، وهدم البلد، وبهذه الحالة، يكون الأمر، عبارة عن تصميم في المضي على نهج مبادرة عنان، عن عمد وسابق إصرار، ولكن بوجه جديد أخضر، وصورة حديثة، يحملها الإبراهيمي، وهذا يعني أن تواطأ دولياً
يهدف إلى إقعاد هذا الشعب السوري، والعودة به حضارة وعلماً وبنية، مائة سنة إلى الوراء، وإلا فإن المجرب لا يجرب، ومن جرب المجرب فعقله مخرب، ومن عجب أن يقبل الإبراهيمي- إذا كان الأمر على هذه الصورة- مثل هذا التكليف، ويمضي بطريق، غير واضح المعالم، يقوم على لغة التخمين، وآثاره السيئة بينة على الشعب السوري.
-       
أن تكون عنده خطة قد توافق عليها، مع الدول الكبرى، من خلال حل سياسي، يؤدي إلى انتقال للسلطة، على غرار ما حدث في اليمن، كما تشير لهذا بعض التسريبات، وهذه الخطة، لها سلبياتها وتداعياتها الخطيرة، ومنها:

   1-   استمرار جرائم النظام، ومعاناة الشعب السوري، لأن هذا الحل، يكون على النفس  الطويل، ويحتاج إلى زمن ليس قليلاً، فهي خطة - من حيث النتيجة- شبيهة بالأولى، وسيقبل بها النظام- كعادته- من باب كسب الوقت، والخداع، ليستفيد من عامل الزمن الذي يظن أنه في صالحه.

   2-    الوضع في سورية، غير الوضع في اليمن، شكلاً ومضموناً، وهذا بدوره سيؤدي إلى مطاولة، تضر بالشعب وبالبلد، فالنظام قام على الطائفية، ومن فهم هذه التركيبة، يدرك ما معنى مثل هذا الكلام، الذي نقوله، ومن نواتج هذا عدم التنحي بسهولة، وإن قبلوا المبدأ يراوغون في التفاصيل، وأيضاً لن يحققوا شرط شعبنا، بإسقاط النظام بكل رموزه، وسيحرصون على بقاء مجموعة كبيرة من رموز النظام، ومن ثم (كأنك يا أبا زيد ما غزيت)، وتعود حليمة لعادتها القديمة.

والخلاصة: أعتقد أن مبادرة عنان فاشلة مسبقاً، لأنها جاءت على أنقاض مبادرة ساقطة، وما بني على باطل، فهو باطل، هذا من جانب، ومن جانب آخر لأن المجتمع الدولي، ما زال ناقص الإرادة في هذا الشأن، وهذا يعني، دخول المسألة في عالم المطاولة والتسويف، وشغل المعنيين بالشأن السوري الثوري، بقضايا غالبها استنبات بذور في الهواء، ورقم على الماء، حتى نصل إلى الحلول الناشفة، وكل هذا في وجه الإبراهيمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق