قبل أيام عادت ذكرى أحداث سبتمبر التي
قتل فيها ثلاثة الالاف أمريكي نتيجة هجوم تبناه ما يسمى تنظيم القاعدة قبل عشر سنوات
إن هذه الأحداث التي تعيد الى الأذهان
ما يعتبرونه الذكرى الأليمة بالنسبة للأمريكيين و لسنا بصدد مناقشة مشروعية تلك العمليات
من عدمها فلا أحد يقبل بقتل
الأبرياء من أي دين او ملة كانوا و
رغم أن لكل شئ سبب و قد كان العالم و ما يزال يغض بصره متعمدا على الأسباب الحقيقية
لتلك الهجمات من تهميش المسلمين و دعم الدكتاتوريات بالعالم الإسلامي و العربي و الإنحياز
الكبير للدولة العبرية و محاولة السيطرة على المنطقة و جعلها تابع مطيع لأمريكا و الغرب
و بما أنه لا زالت أمريكا و العالم
الى الآن يرفضون الإعتراف بالأسباب الحقيقية المسببة لهذه الأحداث
و بما أن أمريكا قد أعلنت الحرب على
ما تسميه الإرهاب و على تنظيم القاعدة و قد كانت نتيجة هذه الحرب أسوأ و من كل النواحي و كانت بمثابة صب الزيت على النار
فلا بد من نقاش نتائج هذه الحرب بعد
احدى عشر سنة من قيامها بدلا من البكاء كل
سنة على الضحايا الذين سقطوا كان الأحرى بأمريكا مناقشة الأسباب الحقيقية و النتائج
لهذه الحرب الطويلة الأمد لتتجنب أمريكا و العالم حدوث مثلها بالمستقبل
إن المتتبع لنتائج هذه الحرب لا يرى
الا خسارة لأمريكا خلال هذه هذه السنوات
خسارة من النواحي الإقتصادية و الإجتماعية
و السياسية و حتى العسكرية
و من أهم هذه الخسائر
اولا : لقد احتلت امريكا افغانستان
و دمرت البلاد و قتلت الألاف من المدنيين و شردت مئات الألاف من اجل القضاء على القاعدة
لقد ارتكبت امريكا جريمة تفوق ما حدث
في سبتمبر الذي كان يمكن معالجته بغير القوة العسكرية المدمرة
لقد خسرت أمريكا ما تعتبره قيمها بالحرية و العدالة و الديمقراطية في ما فعلت
فقد قتلت مقابل كل مواطن قتل من مواطنيها المئات من الأبرياء و ليس من الذين قاموا بهذا العمل و مع ذلك لم تستطع القضاء
على القاعدة بعد كل هذه السنوات من هذه الحرب طالبان الأن اكثر قوة و أكثر صلابة و
أكثر من نصف أفغانستان تحت سيطرة طالبان و أنتشار طالبان الى منطقة جديدة و هي باكستان
فالعمليات ضد القاعدة لم تكن إلا زيادة قوة لهذا التنظيم و زيادة لانتشاره مع خسارة
أهم ما تراه أمريكا يميزها و هو قيم و مبادئ الديمقراطية و الحرية و حقوق الإنسان
ثانيا : احتلال بلد ثان ذو سيادة و
عضو بالأمم المتحدة مع تدمير البلاد و البنية التحتية و قتل مئات الألاف و تشريد الملايين
من أهل العراق و قد ادى ذلك الى استحداث فرع جديد لتنظيم القاعدة بالعراق بدلا من القضاء
عليه و كانت الخسائر آلالاف القتلى من الجنود الأمريكان من أجل ثلاثة الالاف من الضحايا
في سبتمبر و نتيجة طريقة المعالجة الخاطئة لأمريكا لهذا الحادث
ازداد عدد الضحايا الأمريكيين بدلا
من أن يقل
هذا مع تدمير بلد كامل و قتل اكثر
من مليونين كلهم من الأبرياء الذين لا علاقة لهم بما حدث في أمريكا و ترسيخ الطائفية فيه
فهل كانت أمريكا تريد ذلك فلا هي أوقفت
خسائرها و لا هي احترمت سيادة الدول و حقوق الإنسان
ثالثا : من أهم ما خسرته أمريكا هو
مبادئها التي تحاول أن تقول لشعبها أنها استهدفت من أجلها و هي الحرية و الديمقراطية ففي
أمريكا الآن اكثر رواجا لما يسمى الإسلام فوبيا و أكثر تقييدا للحريات خصوصا للمسلمين
و عموما لكل المواطنين الأمريكيين فهي الآن تتصرف كالدول الدكتاتورية
من الإعتقال التعسفي و الإعتقال بدون
محاكمة لفترات طويلة و مراقبة خطوط الهاتف لمواطنيها و و التعدي على الخصوصية بمراقبة
شعبها بطائرات بدون طيار و التعذيب و التشديد الشديد للرقابة في مطاراتها بما ينتهك
الخصوصية لمواطنيها و المقيمين و الزائرين
و سجن جوانتانامو شاهد على ذلك فهو
يقبع فيه المئات من دون محاكمة و من دون تهمة محددة و الأهم من ذلك أنها تبرر ذلك و
تشرعن له في قوانينها أي أن الحريات اصبحت تنتهك بالقانون نفسه
لقد خسرت أمريكا اهم مبادئها بعد هذه
السنوات من حربها
رابعا :استنزافها و خسائرها الإقتصادية
الهائلة بعد الحرب شغل أمريكا باقتصادها المنهار عن سيادتها العالمية التي تضعف تدريجيا
بوضوح منذ الحرب على ما يسمى الإرهاب
فهي الآن في محاولة لإنقاذ ما يمكن
انقاذه من اقتصادها
خامسا : القاعدة الآن أكثر انتشارا
و أكثر قوة من قبل فها هي قوية في أفغانستان
و انتشرت الى اماكن اخرى كثيرة مع زيادة قوتها فهي موجودة بقوة في باكستان و موجودة بقوة كبيرة باليمن كما أنها اكثر انتشارا و قوة في أفريقيا
و ها هو تنظيم القاعدة بالعراق يستعيد
قوته من جديد
إذن الحرب لم تستطع القضاء على التنظيم بعد كل هذه السنوات من الحرب على الإرهاب
سادسا : أمريكا الآن في تراجع عالمي
واضح في نفوذها و قوتها وتأثيرها مع ازدياد مشاعر الكراهية ضد أمريكا بالمنطقة العربية
و الإسلامية و بالعالم ايضا فهي لم تقض على تنظيم القاعدة و خسرت اقتصادها و نفوذها
سابعا : أمريكا الآن اكثر خوفا و ليست
أكثر امانا فالمواطن الأمريكي أكثر خوفا سواء في امريكا او خارجها نتيجة ازدياد مشاعر
الكراهية و عدم القدرة على القضاء على التنظيم المعادي و العالم كله اصبح أكثر خطرا
أيضا بعد هذه الحرب على ما يسمى الإرهاب
ثامنا : خسارتها لبعض حلفائها بالمنطقة
نتيجة الربيع العربي نتيجة لعدم قدرتها على حماية حلفائها بسبب ضعفها بسبب الحرب على
ما يسمى الإرهاب
بالنتيجة أمريكا في تراجع على كل النواحي
سواء تراجع نفوذها بالمنطقة سياسيا و تأثيرا او ضعف اقتصادها الشديد و تخليها عن قيمها
الإنسانية و الحرية و الديمقراطية التي كانت ترى أنها أهم ما يمثلها و القاعدة في نمو
و ازدياد و هذا حدث نتيجة التغاضي عن الأسباب الحقيقة لحادثة سبتمبر و محاولة إطفاء
النار بالنار بدلا من اطفائها بالماء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق