يسأل البعض سؤلاً
وجيهاً وفيه الكثير من النظر. يسألون هل رئيس النظام السوري (قاتل شعبه) من الغباء
لدرجة مازال يعتقد معها أنه سينتصر على شعبه بعد عام ونصف من المجازر، ويعتقد بأنه
سيبقى في الحكم؟ واذا كان يعرف أن لاأمل له بذلك، فلماذا هو غير قادر على التوقف ويصر
على (قتل الشعب وتدمير الوطن) بدلاً من الهرب بأسرته وأمواله على الطريقة
التونسية؟
الحقيقة فالجواب
يكمن في الجزء الثاني من السؤال. إذ يبدو أن هذا النظام حين سمح له بالوصول إلى
الحكم، وماتؤكده الأربعون سنة الماضية، قد وضعت له ثلاثة خطط ليعمل بموجبها:
الخطة (أ):
تسليم الجولان وتصفية المقاومة الفلسطينية وحماية أمن إسرائيل ورعاية المصالح
الدولية في المنطقة، وله مقابل ذلك أن يفعل مايشاء. وقد رأينا كيف أنه نفذ هذه
الخطة بحذافيرها بعد أن كانوا قد سمحوا له بحرب تشرين في بداية عهده ليستعملها في
الدفاع عن نفسه أمام المشككين به.
الخطة (ب):
في حال نشوب ثورة مسلحة (محدودة) ضده، فمعه الضوء الأخضر ليقوم بمجازر (محدودة) في
مدن ومناطق (معينة) حتى يقضي على الثورة ويعود ليتفرغ للخطة (أ)، ووعدوه أن أي إجراء
عدائي دولي ضده لن يتجاوز الادانة التنديد والاستنكار. وقد رأينا كيف طبق النظام
هذه الخطة في حماة عام 1982 ووفى المجتمع الدولي بوعده له عبر أربعين عاماً.
الخطة (ج):
وهي موضوع هذه المداخلة. على مايبدو فهذه الخطة تقول أنه وفي حال نشوب ثورة (شاملة)
ضده في كل المدن والمناطق، فمن (غير المسموح) له، وهذا المهم هنا، أن يتنحى أو
يهرب أو حتى أن يقوم عليه أحد بانقلاب، بل عليه أن يقوم بتدمير وحرق أكبر قسم ممكن
من البلد وتركه مشلولاً وعاجزاً لفترة طويلة.
إذا كان هذا
صحيحاً، فما يبدو في الظاهر وكأنه (انتقام للنظام) من (الثائرين) ضده، قد يكون
أيضاً جزءاً من خطة (مفروضة عليه) يمكن اختصارها بالعبارة التالية:
(ابق على كيفك ، ولكن إن كنت سترحل، فترحل على كيفنا
وبعد أن تحرق البلد أولاً)
وهذا يعيدنا إلى الشعار الشهير (الأسد أو نحرق
البلد)، والسؤال هنا: على من تعود (نون) صيغة المتكلم الجمع في كلمة (نحرق)؟
هل تعود، كما يبدو في الظاهر، على الأسد وجماعته وهم الذين حشروا أنفسهم في عنق
الزجاجة وماعادوا قادرين على التراجع أو الخروج؟ أم على الدول التي (تدعمه بصراحة ولكنها
هي نفسها ربما غير قادرة على إيقافه على أرض الواقع)؟ أم تلك التي (تعاديه ظاهرياً
وقادرة على إيقافه حين تقرر ذلك، ولكنها تتفرج على مجازره ولاتفعل شيئاً)؟
من جهتي
فأرى أن حرف (النون) في (نحرق البلد) يعود منطقياً على من هو قادر على إيقاف
الحريق إذا أراد. ولكنه، ليس فقط اختار أن
لايفعل، بل ويوفر الوقت و(الغطاء الدولي) للمجرمين للاستمرار بتنفيذ مهمتهم.
(أسوأ من العدو هو من يدعي أنه صديق ويطعن في الظهر)
***
بقلم: طريف يوسف آغا
كاتب وشاعر عربي سوري مغترب
عضو رابطة كتاب الثورة السورية
الأحد 29 شوال 1433، 16 ايلول، سيبتمبر 2012
هيوستن / تكساس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق