الكثير من الفئات المترددة من الداخل والخارج ، سواء من الشعب السوري، أو
من الدول الشقيقة والصديقة أو الدول العظمى ، تتعامل مع الشعب السوري المتظاهر ،
من منطق الربح والخسارة وليس انطلاقا من اعتبارات أصيلة ، فتارة تنظر إليه على أنه
خارج عن القانون ، وتارة تتهم المظاهرات بأنها لم تكن سلمية في بدايتها ، أما الغرب
فينقسم إلى قسمين من زاوية المصالح الأول له مصلحة مع النظام ويعتبر نفسه خاسرا في
حال ذهابه ، والثاني ينظر للثورة بعين مصلحة الكيان الصهيوني فتراه يلعب بين بين
ففي الظاهر يبدو متعاطفا مع الثورة ، ومن وراء الكواليس يدافع باستماته عن النظام
خوفا على أمن إسرائيل، ويتاجر في بقاء النظام على كرسيه، مقابل تحصيل أقصى تنازلات
ممكنة منه ، وهو يعمل جاهدا على عدم تمكين الثوار من ادوات النصر الحاسمة في
معركته هذه .
لكن الخطر اليوم لا يأتي فقط من اطالة أمد الثورة وانما من الخوف على اصالة
الشعب السوري وصعوبة استرجاع هذه الأصالة بعد أن نخر سوس النظام في جسدها عقود
مديدة .
فهل الشعب السوري قادر على استرجاع
اصالته ؟ .
وهل المترددون قادرون بعد انضمامهم للثورة على تنقية الجسد السوري من السوس
الذي نخر به؟.
لنعود إلى الشعب السوري الثائر وننسى خسارته سواء كانت في الأرواح أو
الجرحى أو المعتقلين ، ونقول أن شهداءنا أحياء عند الله يرزقون بإذن الله، والجرحى
مثابون بإذن الله وأجرهم عظيم ، أما المعتقلون فهم في حفظ الله ، وهذه ضريبة
الحرية .
و بالرغم من فداحة الخسائر المادية ، ولكن عندما يتم حساب الخسائر الإجمالية
، نجد أن الخسارة الجوهرية هي في محاولة تشويه الأصالة السورية والتي بنيت عبر
حضارات متراكمة .
وأعتقد أن الشعب السوري سوف يكون أكبر الخاسرين في حال انتصار الثورة على
حساب الأصالة السورية، أو فشلها لا سمح الله مع غياب هذا الجوهر النفيس ، لأنه
يكون خسر عروبته و كرامته وحريته واصالته في حال بقي النظام ، ويكون خسر مروءته
ووطنيته في حال ذهب النظام ودخل الشعب في الاقتتال الطائفي وسادت النزعة الغرائزية
بين مكوناته، وهذا ما يعمل عليه الأسد جاهدا منذ بداية الثورة .
أما الدول الشقيقة و الصديقة فهي
خاسرة أيضا ، لأنها من جهة فقدت قلب العروبة النابض كما يقال ، وأيضا فقدت شعبيتها
ومصداقيتها داخل سورية، و سوف تخسر أيضا مصالحها في حال ذهب النظام ان شاء الله
بعد تحويل سورية إلى صومال أخرى.
وخاصة بعد دخول عناصر لا تمت لجوهر الثورة بصلة ، وتظهر تصرفاتهم كحالة
شاذة غير مقبولة ، يتم استغلالها اعلاميا لتشويه الثورة والثوار.
وهذه الحالة شاهدناها في معركة هنانو في حلب عندما لجأ هؤلاء إلى إعدام
مجموعة من أزلام عصابات الأسد التي رفضت الاستسلام لهم حيث تم اعدامهم ميدانيا ومن
ثم تم الاعلان عن اعدامهم بذات الهيئة التي تظهر عليها اعدامات المدنيين من قبل
عصابات بشار.
هنا نقول أنهم ربما انتصروا في معركة ؛ لكن على حساب أصالتهم خسروا معنى
الثورة وقدموا بذات الوقت حجة مجانية لكل من يريد ان ينال من الثورة و الجيش الحر .
لأنها ستستخدم من قبل امريكا و الغرب للضغط على المعارضة و الدول الداعمة للثورة
لوقف تسليح الجيش الحر بحجة مشاركة جهات اصولية ..
كما انها تضعف التقارير الاممية في ما يتعلق بالتحقيق بالانتهاكات لحقوق الانسان
و تجعل المعارضة و النظام في كفة واحدة .......
فالأثار السلبية لهذه التصرفات كبيرة جدا وأهمها هي القيم الكبيرة التي
قامت الثورة على ترسيخها في ضمير الأمة والعالم .
خاصة وأن مثل هؤلاء لا يمكن بناء سوريا المستقبل على أكتافهم ، أيضا لا
يمكن استعادة الأصالة السورية من خلالهم .
فمن قتل هؤلاء بهذه الصورة لا يمكن ان يكون سوريا ولا يمكن ان يكون انسانا سويا
مهما كان الدافع لهذا التصرف المدان، فتصوير مشهد هؤلاء الجنود وهم مربوطين مقتولين
اشبه ما تكون بهمجية شبيحة الأسد، فلنرفع الصوت
بسرعة قبل ان تتحول كتائبنا إلى عصابات مأجورة في ثورتنا؛ وتصبح شبيحة مقرفة تبريء
السلطة من جرائمها وتسرق منا الأصالة السورية.
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق