الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-09-12

من موروثات الأنظمة الشمولية وتأثيراتها على الثورة السورية - د. عبد الغني جمدو


ليس مستغرباً عندما نقول أن الموروث الثقافي للأنظمة الشمولية وتأثير ذلك الموروث على الأفراد والأحزاب والتكتلات غريبا , عندما يتعلق الأمر بالأطراف الداعمة للثورة , وقد تجلى ذلك التأثير وتعددت مظاهره , حتى صار بالامكان ملاحظة ذلك بكل سهولة ويسر .


فلو عدنا لأهم الركائز التي يرتكز عليها النظام الديكتاتوري أو الشمولي أو المستبد , والتي تتفق جميعها على تبني هذا المسلك لدعم وجودها وهو : العمل المستمر على جعل الثقة مفقودة في المجتمع على صعيد الأفراد والتكتلات .


في بداية الثورة السورية لم تكن تلك الموروثات موجودة أو ذات أثر يذكر ,لأنها كانت ثورة شباب متمرد على القديم ,أراد التخلص من قيوده والمتمثلة بنظام ديكتاتوري شمولي قمعي فاسد .

ولكن بعد أن دخلت على الثورة الأحزاب المتصارعة فيما بينها بالأساس على السلطة , والمتصارعة مع النظام على نفس الهدف , لذلك نحت هذه الأحزاب نفس منحى النظام في الطعن بالآخرين , وذرع عناصر الريبة بين المؤيدين للثورة , مما ظهر أثر ذلك على الثوار السلميين والعسكريين في تعدد الرايات وتعدد المشاريع والتنظيرات المختلفة , واتهام كل طرف للطرف الآخر بالخيانة والتآمر والتسلط والتوجه لخدمة مصالح الأجندة الحزبية والفئوية وغيرها , يتقاطع معها أهداف النظام الحاكم والذي برع في استغلال عدم الثقة تلك , حتى يكون المردود السلبي على تقدم وانتصار الثورة أشمل وله تأثير أكبر , وهذا الذي نراه ماثلاً أمامنا , ولعله يكون من أخطر الأمور التي أخرت انتصار الثورة السورية .

إن الفئات الداعمة للثورة السورية , كلها وعلى الاطلاق تسير باتجاه واحد , ومسار واحد وهدف واحد , هو استنساخ النظام الحالي بنظام شمولي يتبع أجندتها , وتعد قواتها وإمكانياتها للانقضاض على السلطة بعد سقوط هذا النظام المجرم .

وكل هذه الفئات الحزبية والداعمة للثورة تعارض أي تدخل خارجي عسكري لصالح الثورة , في حين تغض الطرف عن التدخل العسكري الخارجي والمؤيد للنظام والمساعد على استمرار القتل والتدمير والخراب المستمر منذ سنة ونصف وحتى الآن .

كل الداعمين للثورة السورية كما يدعون , يجتمعون على مقولة واحدة هي:
نحن ندعم الثورة السورية والشعب السوري وسندعمه بكل الامكانيات المتاحة , ولكن لايمكن أن يكون هناك أي  دعم عسكري , ولا ندعم أي تدخل عسكري يوقف آلة القتل والدمار , وضد أي تدخل عسكري خارجي .

كما عبر كل قادة الأحزاب والتكتلات السورية المعارضة , وكذلك قادة العالم المؤيدين للثورة والمؤيدين لنظام , ونجد أن كل دول العالم وعلى الاطلاق لاتريد اسقاط النظام الحاكم , وتقدم له الولاء والدعم والمباركة , من خلال افعل ماشئت فلن يَدعم من عاداك أحداً .

لذلك سيترك الأمر كما هو ولن يكون هناك تدخل خارجي ولا دعم عسكري أو مادي إلا لاستمرار الثورة واستمرار النظام بجرائمه ضد الوطن والمواطن حتى يمكن استنساخ نظام شمولي مستبد , تغير واجهة النظام الحالي بنظام قادم له نفس المنحى ونفس الاتجاه , ويكون مسمار جحا له هو القضية الفلسطينية واعمار البلاد , فلا العراق بنيت ولا حتى عادت الكهرباء .

فلو يعي قادة الثوار الحقيقيين هذه الحقائق , وعملوا على التخلص من تلك الموروثات الهادمة ,والتوجه لبناء وطن جديد حديث تتضافر فيه كل الجهود الخيرة , لاختلف مسارها وتسارع مسار النصر الحاسم على الظالمين .
د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق