يعتقد كثير ممن يراقبون
اليوم مشاهد الاستنكار العنيفة ضد السفارات الأمريكية في الوطن العربي أنها
احتجاجات ضد الفيلم المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ونعتقد أن هذه القراءة
للمشهد إنما هي قراءة سطحية ، ففي تقديرنا أن هذه الفورة العربية ضد الأمريكان ما
هي إلا تعبير صارخ عما يعتلج في صدور العرب من مشاعر السخط والغضب تجاه المواقف
الأمريكية من "الربيع العربي" ، وبخاصة منها موقفهم المتخاذل ـ بل
المتواطئ ـ تجاه الجرائم الرهيبة التي ترتكبها عصابات الأسد في سورية ، فقد اكتفت
الولايات المتحدة حتى الآن بالشجب والإدانة والكلام الفارغ الذي "لا يودي ولا
يجيب" على حد تعبير إخواننا المصريين ، مع أنها الدولة العظمى التي تدعي أنها
المدافع الأول عن حقوق الإنسان وحريته وكرامته !
ولهذا نعتقد أن الفيلم
المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن سوى القشة التي قصمت ظهر البعير كما
يقولون ، فقد وجد العرب الفرصة سانحة بهذا الفيلم للتعبير عن استيائهم وغضبهم واستنكارهم
لتلك المواقف الأمريكية التي تناقض دعواهم الزائفة بالحرية والدفاع عن حقوق
الإنسان !
ولئن وصف المسؤولون الأمريكان
أن الذين هاجموا السفارات الأمريكية بأنهم "حفنة من الغوغاء" فإننا نقول
للأمريكان بكل صراحة ووضوح إنها بضاعتكم ترد إليكم ، فإن غوغائية مواقفكم هي التي
تلد هؤلاء الغوغاء ، وما هذه الهجمة ضد سفاراتكم إلا "البلاغ رقم واحد"
الذي ينذركم بأن الشعب العربي سوف يتحول كله إلى غوغاء إذا بقيتم على تلك المواقف
.. وقد أعذر من أنذر !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق