الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-07-25

نصيحة للثوار ومن ناصرهم – بقلم: د. عامر أبو سلامة


وأنا أتابع على صفحات الفيسبوك، وأقرأ ببعض المواقع، وجدت ظاهرة مؤلمة، لابد من التنبيه 

على خطرها آناً ومآلاً، ذلك أنها تمثل حالة من حالات الهبوط، والارتكاس في حمأة الفتنة.

هذه الظاهرة، هي تراشق التهم، على مستوى الأسر والعشائر، فتتهم بعض العشائر، أو الأسر، بالعمالة للنظام، وأنهم شبيحة، وبلغة فيها تعميم، ونبش لقضايا هي من عمل شياطين الإنس والجن، وردود الأفعال مستمرة في هذا الإطار، الذي ينبيء بخطر كبير، هذا يسب هذا، وذاك يرد عليه بالمثل، وهكذا.


 لذا كان واجب النصح، ضرورة ملحة، في هذا الشأن، قبل أن تقع الفتنة، ويزداد الخرق على الراقع، ونترك تركة، قد تكلفنا الكثير من الجهد، لمعالجة أثارها وأعراضها، نحن بغنى عنها، وبيدنا نردها، وقديماً قالوا: درهم وقاية، خير من قنطار علاج.

وفي البداية لابد من الإشارة إلى معنى دقيق في هذا الشأن، من خلال مقدمتين:
الأولى: بأنه لا توجد عشيرة، ولا بلد، خالية من الصالحين، ومن الطالحين، وفي كل عشيرة وبلدة، ما يكفيها، في هذا الجانب، أو ذاك، وإن كانت النسب مختلفة، في الخير والشر، من عشيرة لأخرى، ومن بلد لآخر، لكن الأصل هو ما نذكر، ولا يخالف في هذه الحقيقة، إلاّ مكابر، أو متعصب، ذلك الذي يرى العصمة لهذه القبيلة، أو تلك، فقبيلته مجمع الفضائل، ومنبع المكارم، منها كان الشجعان، وفي رحاب مضاربها كان الفرسان، إلى آخر هذا الكلام، وقل مثل ذلك في التعصب للبلدان، وهذا لا يستقيم أمام حقائق الواقع، ولا فكرة الصلاح، خصوصاً إذا أضفنا له ذلك التعصب الأعمى، الذي يذم به سائر القبائل الأخرى إلاّ قبيلته، والبلدان كافة، إلاّ بلده، ويجردها من كل فضيلة.

عم النبي- صلى الله عليه وسلم- أبو لهب، وفي هذا دلالة عميقة على صدق حقيقة، ما نريد الوصول إليه من معنى، وقل مثل ذلك كثير من أمثلة التاريخ والواقع، من مثل ابن نوح- عليه السلام- وزوج لوط - عليه السلام- وصدرت مخجلات، من أفراد أسر، بالفضل عريقات، وظهرت من مجموعات بشرية، مؤلمات، وفاضحات.

وهذا أمر بدهي لمن ألقى السمع، وهو شهيد، فلا يراهن، على قبيلة كاملة، أو بلد بأجمعه، في الخير والفضل، إلاّ قليل عقل، ولا يضمن قبيلة بالجملة،وكذا بلداً، إلاّ من في فهمه خلل، وفي تصوره دخن، خصوصاً إذا علمنا بأن الضامن غارم، وفي غمرة احتدام مثل هذه الصراعات، يقوم عاقل ليقول: أنا لا أضمن حتى ولدي، وكل شيء في الحياة ممكن، والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء.

الثانية: وهي تبنى على الأولى بصورة من الصور، مفادها أن الذي يعاقب – بأي نوع من أنواع العقاب- هو المجرم فقط، ولا غير المجرم ( ولا تزر وازرة وزر أخرى)، والمرء بريء حتى تثبت إدانته، من هنا يكون العقاب بالجملة، ظلماً كبيراً، وشراً مستطيراً، وخطراً عظيماً، وجرماً فظيعاً، بل هو لغة الطواغيت الذين نحاربهم، ونهج المجرمين التي قام الربيع العربي، لتجديد الحياة، برفع مثل هذه المظالم، من سلوك الساسة، ومناهج القادة، فلا نعيد الأمور جاهلية ، تعود على نفسها بالإبطال، فتكون حماقة، ما بعدها حماقة.

واليوم، هناك أشرار، من كل قبيلة، ومن كل محافظة، يقفون مع النظام، ويمثلون صورة الشبيحة، بأسوأ حالاتها, وأبشع أفلامها، وبعضهم قد ارتكب جرائم مروعة، خدمة للنظام، وربما كانوا من أسر معروفة بالخير، واشتهرت بالفضل، فيجب أن نحصر الشر فيهم، ونركز على عقابهم هم ليس إلاّ، ولا يجوز أن نعاقب قبائلهم، أو بلدانهم، أو أسرهم، ولو بشطر كلمة، فضلاً عن أن يتخذ هذا سبيلاً لذم القبيلة هذه،أو سب البلد ذاك، أو لشتم الأسرة تلك، بل يتمادى بعض الذين لا يقدرون مسئولية الكلمة، بشتم بلد بكامله، بحجة أن فلاناً الشبيح من ذلك البلد، أو تلك القرية، أو ذلك الإقليم!!!!

بل يجب- إطفاء للفتنة- أن نذكر القبيلة هذه، أو البلد ذاك، بما عرف عنها من طيب الخصال، وجميل الفعال، وأن هذا الشبيح، أو ذاك الخائن، الذي ظهر منها، لا يمثل سوى نفسه، والحذر كل الحذر، مما يفعله بعض الذين لا يقدرون الأمور، تقديراً صحيحاً، من النيل من القبائل، أو الأسر، أو البلدان، بالحجة التي كررنا الكلام عنها، والمرء بطبيعته – إلاّ من رحم الله- يؤخذ بردود الأفعال، خصوصاً في المناطق ذات الطابع العشائري، فتتحول المسألة إلى صراع، وربما إلى عداوة تصب في نهاية المطاف، في صالح النظام.

والنظام حريص على شق الصف، وإحداث الفرقة، وإشعال الفتنة بين الناس، على مبدأ فرق تسد، وعلى قاعدة: (فخار يكسر بعضه)، فنرجو من الإخوة الذين في الثورة يعملون، ولها يؤيدون، ولرجالها ونسائها يدعمون، أن لا يكونوا عوناً للشيطان، بمساندة هذا النظام، بمثل هذه الفعال، وعلينا أن نكون سبباً في الوحدة والتجميع، ونحن أشد ما نكون حاجة لهذه المعاني، ونحن نواجه النظام لإسقاطه، الذي سيكون قريباً بإذن الله، وسنكون أكثر حاجة لفقه الوحدة، ورص الصفوف، بعد سقوط هذا النظام، حتى نبني وطننا، بأيد متشابكة، ونفوس متحابة، خالية من وحر الصدر، وغش القلب، متساندة، متعاضدة، فرحم الله من جمّع، وقاتل الله من فرّق.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق