الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-07-09

الصفوية تقتل المفكر الكبير الدكتور علي شريعتي لأنه احتج على انحراف المرجعية - الدكتور - خالد أحمد الشنتوت


يمكن القول أن شهادة ميلاد التشيع الصفوي هي ذاتها شهادة وفاة العقل والمروءة لدى الطائفة الشيعية المؤمنة بتفريس المذهب الجعفري من أجل أن يكون المذهب معبراً لاستعادة المجد الفارسي الكسروي القديم الذي جاست أقدام الحفاة زرابي البلاط ومحقت إمبراطورية فارس ! ولم يعد يسيراً توعية الشيعة في العراق لكي تحذر من فتكات القومية الفارسية الجريحة والتي تحقد على العرب والمسلمين منذ الوهلة الاولى حتى ضج الخليفة العادل عمر بن الخطاب رض الله عنه من النفس القومي الفارسي فقال قولته المشهورة : ليت بيننا وبين بلاد فارس جبلا من نار !


لقد استفحل الخطر الصفوي في المذهب الشيعي فحرص على تفريس المرجعية في كل العالم الشيعي وتجهيل العقل الشيعي المتنور وتغليف الموت والكوارث بغلاف الورع والتقى ! ولذلك رأيت أن أضع بين يدي أبناء مذهبي نموذجاً للقومية الفارسية ( الصفوية ) التي طالت حياتنا فخربتها ونحن اليوم نرى ونسمع كيف فعلت الصفوية بشعبنا العراقي وكيف سرقت أمواله وشردت مفكريه وفرقت مليارات العراق باسم مؤسسات وهمية ووكالات يديرها أبناء فارس الجدعان !

فما هي حكاية الدكتور شريعتي الذي قال : لا ، فاأكت إلى الأبد !! تتغير الوجوه وتختلف الأدوار وتتلاحق الأزمنة وماسونية الصفوية هي هي ! فالدكتور علي شريعتي ( 12 ديسمبر 1933 - 22 جولاي 1977 ) أحد أهم منظري المسلمين التنويريين في العصر الحديث ! التفت إلى خطابه الغرب ووجدوا فيه نموذجاً راقياً للتفكير الديموقراطي المتحضر ! وقد دعا إلى تخليص الديانات كافة و المذاهب قاطبة من الشعور بالانغلاق حيال الآخر ! وحذر أبناء الجنس البشري من مغبة تحويل رسالة السماء إلى مؤسسات للعماء والوباء فتعاطف مع دعوته كبار رجلات الدين من الديانات السماوية جميعاً ! ولأن شريعتي مفكر أكاديمي فقد تناول شريحة هو ابنها وربيبها وحاديها ! فتلبث عند المسلمين وحذرهم مما حاق بالإسلام من البدع والإضافات التي رسمت صورة بشعة للدين الإسلامي الحنيف في الوجدان العالمي وانعكست جوعاً وخراباً وكوارث على المسلمين برغم من أنهم يجلسون على خمس كنوز الكرة الأرضية ! وبما أن الدكتور علي شريعتي مسلم شيعي جعفري فقد كرس جهده كي ينقِّّي المذهبَ الجعفري من البدع والضلالة التي تمارسها مرجعيات السوء ! وكان جهده قائماً على تحذير المسلمين وبخاصة الشيعة من ضلالات التحريفية الصفوية للمذهب الجعفري ! فكلفه نضاله الدؤوب حياته فاغتيل في شقته بلندن بأيد إسلاموية شيعية صفوية !

ثم خرج تقرير طبي زائف على الرأي العام مؤداه أن شريعتي مات بالسكتة القلبية ! ونحاول فيما يأتي التلبث عند شريعتي الإنسان ثم شريعتي الداعية المفكر !  أبصر علي شريعتي النور لوهلة حياته الأولى في قرية مازينـان ضمن أعما ل محافظة خراسان في 12 ديسمبر 1933 الميلادي ! ثمرة لزواج ربط بين أبيه الشيخ محمد تقي شريعتي وأمه السيدة فاطمة ابنة الشيخ محمد الحسين الزاهد ! الأم ورعة تمضي يومها بواجبات البيت وتأدية الفرائض الدينية اليومية ! أما الاب فقد كان مثقفاً موسوعياً ! وكان يدعو إلى إنقاذ التشيع مما علق به من الطقوس الصفوية والمجوسية والخرافات والبدع ! وكان علي رفيق أبيه في حله وترحاله ! يصغي إلى خطاباته ! ويصلي خلفه وربما دخل في جدال مع أولئك الذين يرون في دعوة والده مروقاً عن الدين وتهديماً للمذهب الجعفري ! فقد كان علي معجباً بأبيه أيما إعجاب ! وربما تأثر به ! فكانت دعوته تواصلاً مع دعوة والده ! وهكذا التفتت حكومة الشاه محمد رضا بهلوي ملك إيران المخلوع ! إلى خطر علي شريعتي رغم نعومة أظفاره ! وربما حاول عدد من علماء الدين السلفيين الشيعة إيغار قلب الملك الإيراني على تحركات علي محمد تقي شريعتي ! وربما كانت تقارير السافاك ( المخابرات الملكية اليرانية المعروفة بالخبرة والغدر والدموية ) قد نبهت الشاه إلى خطر الشيخ محمد تقي شريعتي الشيخ المثير للجدل ! فتواصل في ذاكرته المرعوبة كون الابن ( علي ) استمراراً لدعوة أبيه محمد تقي ! وحين ثار رئيس وزراء إيران في خمسينات القرن العشرين الدكتور محمد مصدق على حكم الشاه ودعا إلى تأميم النفط وتوزيع الثروة على الفقراء وإطلاق الحريات الديموقراطية وفصل الدين عن الدولة بل وفصل الشيعة عن الخرافة والبدعة ! انضم علي شريعتي إلى دعوة مصدق وتظاهر تأييداً له ووقع العرائض وتخندق مع الثوار! فإذا فشلت ثورة مصدق بسبب من رهانه البسيط على المتنورين والفقراء وبسبب من تخلي التيارات اليسارية عن تأييده وتكالب الدول الغربية عليه وتداعي دول المنطقة السعودية وتركيا والباكستان لوأد الديموقراطية في قماطها ! بدأت السلطة الإيرانية بتصفية خصومها دون رحمة فاضطر علي شريعتي إلى الاختباء في المنزل القروي الذي يمتلكه جده لأمه الشيخ محمد الحسين الزاهد على حافة الصحراء (دشت كوير ) وما إن خفت هستيريا السافاك قليلاً حتى خرج علي إلى الشارع وتابع دوامه في كلية الآداب كأن شيئاً لم يكن ! ووجد علي شريعتي في عدد من رجال الدين التنويريين والمتحاملين على الصفوية ضالته من نحو الزنجاني وبازركَان وطالقاني ! وفي ربيع عام 1958 تخرج علي شريعتي من كلية الآداب وحصل على البكالوريوس بدرجة امتياز ! وكان أحد أخواله من آل زاهد ذا جاه وحظوة لدى البعثات فضلا عن كون علي شريعتي الأول بين خريجي الجامعة !

 ورغم العقبات الكأداء التي نصبت في طريق إكمال مشواره الأكاديمي خارج إيران إلا أنه وبسبب من عناده حصل على مبتغاه ! عناد شريعتي وأحقيته مع جهود عام كامل نال بعثة إلى فرنسا خريف 1959 ! وبسرعة نمَّت عن ذكائه وهمومه فقد تعلم اللغة الفرنسية ليتكلم بها بطلاقة ويكتب كما لو أنه فقيه في اللغة الفرنسية والشهيد علي شريعتي يكتب بأربع لغات هي الفارسية والعربية والإنجليزية والفرنسية بل وأحيانا اللغات القديمة واللهجات الحديثة ! وبعضها شبه منقرض مثل اللغة التي كتب بها شكسبير ! وكانت مرحلة التلمذة في فرنسا من أخصب مراحل حياته فقد ثقف علماً غزيراً وعلق خبرة كبيرة وكسب صداقات مع أساطين النضال و الفكر العالمي المعاصرين نحو جون بول سارتر وسيمون دي بوفوار ومالرو وتشي جيفارا وفرانز فانون ومالك حداد ! وحين سقطت حكومة الثائر الكونغولي باتريس لوموبا على يد الغادرين تشومبي وكازنكا خرجت الألوف الغاضبة في شوارع باريس محتجة على قتل بياتريس لومومبا ركلا بالبساطيل وطعناً بالسكاكين وسحلاً بالحبال ! وقد أعتقل شريعتي في باريس وهناك في المعتقل تعرف على عدد من مناضلي الشعب الجزائري فتولد لديه شعور جارف بمظلومية الشعب الجزائري وكان علي شريعتي قد افتتح فرعاً لحركة تحرير إيران في أوربا وتم افتتاحها مقترناً بريادة العالمين الثائرين بازركَان وطالقاني سنة 1961 ! ورغم الاعتقال والملاحقة في باريس مع الفاقة وملاحقة السافاك له فقد تحصل علي شريعتي على دكتوراه دولة في الصلة بين الدين وعلم الاجتماع ثم أضاف إليها دكتوراة دولة ثانية في التاريخ الإسلامي ! واكتفى بشهادتي دكتوراة وبحوث معمقة في الواقع الإسلامي وصداقات كوكبة من المناضلين ذوي البعد العالمي فقرر ترك فرنسا قافلاً إلى إيران ولكن أمراً بإلقاء القبض عليه كان بانتظاره في مطار بلده وحجز لفترة وجيزة ثم أطلق سراحه بكفالة ! وقد حاضر علي شريعتي في جامعة مشهد وبات خطيباً في مركز الإرشاد الديني فتحلق حوله المريدون والطلبة ممن تطلعت نفوسهم إلى التنوير! وكان كثير الإعجاب بعدد من الشخصيات الاسلامية من نحو أبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي وبلال الحبشي ! ومن المحدثين كان معجباً بالسيد أبي الحسن الموسوي الأصفهاني ورفاعة طهطاوي ومحمد عبده وجمال الدين الأفغاني والدكتور عبد الرحمن بدوي وادورد سعيد ! وحاول علي شريعتي بعناده المعروف وحماسته المعهودة إدخال الفكر العلمي و الأكاديمي إلى الحسينيات والجوامع والمراكز الدينية فشكل لجاناً شبابية عديدة منها مثلاً : لجنة تاريخ الإسلام ولجنة الأدب والفن ولجنة تفسير القرآن ولجنة اللغة العربية ولجنة اللغة الانجليزية ! فكانت حسينية(مركز) الإرشاد الديني مثابة كلية علوم واللجان مثابة أقسام ! وقد شاع أمر هذه الحسينية الأكاديمية ونجاحها في خلق جيل ملتف حولها متبن لخطابها مما أثار حفائظ رجالات الدين والسياسة والتجار فتشكل حلف غير مقدس بين القوى الظلامية المتجلببة بجلابيب الفكر الشيعي الجعفري وما هدأ هذا الحلف ولا عرف النوم حتى استطاع توفيز الحكومة الشاهنشاهية وتحفيزها لإغلاق هذه الحسينية التي عبرت الخطوط الحمراء للفكر الصفوي الشيعي بتبنيها المنهج العلمي العقلي وكان لهم ما أرادوا فأغلقت الحسينية في نوفمبر 1973 وأعتقل أعضاء اللجان فيها ومن باب أولى تم اعتقال الشيخ علي شريعتي ووالده الشيخ المسن محمد تقي ولبث شريعتي الابن والأب والمريدون في السجن دون محاكمة مدة سنة وستة أشهر لاقوا فيها أنواع العنت و التعذيب الجسدي والنفسي وكان غياب شريعتي عن الشارع قد مهد السبيل للظلاميين أن يقنعوا الغوغاء من زعانف الشيعة أن الشيخ شريعتي مرتد عن الدين الاسلامي ! وأنه اعتنق الوهابية ! وأنه ينتقص من أهل البيت ! وأنه زنديق ! فهاجت الغوغاء وماجت فهجمت على بيت شريعتي وقد احرقوا مكتبته في غيابه وفيها بعض مخطوطاته ومخطوطات والده ! ولم يعرف ماذا سيكون مصيره لولم يتدخل المسؤولون الجزائريون لدى الحكومة الإيرانية فأطلق سراحه عام 1975 ! ويعزى تدخل مناضلي الشعب الجزائري بسبب مواقف شريعتي من نضال الشعب الجزائري ! وبسبب الاحتجاجات الصاخبة التي شهدتها الجامعات الجزائرية فقد خرجت تظاهرات غاضبة اشترك فيها الطلبة والأساتذة مطالبة بإطلاق سراح الدكتور علي شريعتي ووالده ومريديه ! وخرج شريعتي على أن يوقع يوميا في دفتر مختار محلته ووضع تحت المراقبة الشديدة لكنه استثمر أوقات خلوته في البيت فصنع عددا من الكتب المهمة من نحو المذهب الجعفري كما هو ثم ولاء أبي ذر الغفاري ثم إسلام سلمان الفارسي وعدد من البحوث الكثيرة !! وتنحصر أطروحة الدكتور علي شريعتي في التحذير من التشيع الصفوي الذي يمثل شوفونية الفكر القومي الفارسي ! وقد فضح بالعبارة الجريئة وسائل المرجعية الصفوية في استغلال الناس من خلال استغفالهم وتغليب الطقوس الغرائبية على طبيعة الإسلام السمحاء ! ووصف شريعتي وقد بات مرجعاً دينياً وصف المرجعية بأنها العلق الذي يمج الدم الشيعي طمعاً بالمال المغتصب من غفلة الناس وجهلهم كالخمس والحقوق التي تذهب إلى البنوك الغربية دون أن ينفق تومان واحد على المستحقين ! كان الشهيد الدكتور علي شريعتي يصرخ في وجه علماء التشيع الصفوي قائلاً : ليس الإسلام ملكا للمسلمين وإنما المسلمون ملك للاسلام ! ليس الإسلام للفرس بل الفرس للإسلام ! وقد أحصيت مؤلفاته فبلغت مئة وخمسة وعشرين أطروحة مهمة في التنوير والتبشير والفلسفة والأدب وعلم الاجتماع ! وكان النظام في إيران مجلبباً بفتاوى المرجعية الدينية والسافاك فشكل هؤلاء مع الغوغاء خطراً مباشراً على حياته وإزعاجاً مفسداً لمنهجه وتأليفه ! وبعد أن عجزت السلطات الفارسية والمرجعيات الدينية من كبح جماح الشيخ شريعتي ونصحهم المستشارون بعدم تصفيته داخل إيران لأن ذلك سيهيج الرأي العالمي العام ووسائط الإعلام وجمعيات حقوق الإنسان ضد الشاه وظهيره المرجعية الدينية وبكل المكر الفارسي الصفوي تم إبلاغ الدكتور شريعتي على حين غرة بأن الحكومة الإيرانية ستوافق على مغادرته إيران والإقامة في بريطانيا إذا وعد شريعتي بإغلاق فمه ! ويبدو أن فكرة اغتياله بعيداً عن بلده إيران قد تبلورت ونضجت في أقبية السافاك ! فغادر إيران ووصل إلى بريطانيا مطلع الشهر الخامس مي 1977 وكان قلبه يحدثه أن أيامه باتت معدودة ! فكتب إلى ولده يقول : ( ولدي الحبيب إحسان .. تحياتي لك وأشواقي وصلواتي ! .. هامس يهمس في داخلي أن الأيام تخبيء لي شيئاً ما ! ولا أدري ماذا تخبئه لي الأيام القادمة ! لست قلقاً على نفسي ولا على رسالتي ولكنني قلق من أن تضطهد الحكومة أطفالي ووالدي وهو بين الشيخوخة والمرض ! لكنني مثل الكركدن أسير في خط مستقيم حتى النهاية بحزم وتصميم .. والدك علي شريعتي لندن 23 جون 1977) .ولم يقض في شقته سوى تسعة وعشرين يوماً حتى لفظ أنفاسه الزكية حين دس له طبيبه الذي جندته السافاك ووضعت في حسابه مليون جنيه استرليني وهو ما يعادل مليون ونصف المليون دولار أمريكي دس له السم في الدواء ثم أعلنت وفاته بسبب الجلطة ! وقد أخزى الله حكومة شاه إيران فكشفت نفسها حين منعت دخول جثمان الدكتور علي شريعتي ليدفن في مسقط رأسه ! فاضطرت عائلته ومريدوه إلى دفن الشهيد في مقبرة المغتربين المتاخمة للروضة الزينبية في سوريا ! وظنت حكومة الشاه أنها تخلصت من أقوى خصومها ولم يدر بخلدها أن طلبة شريعتي ورفاقه سوف يسقطون العرش الشاهنشاهي ومعه مرجعية العمى والسوء بعد فترة وجيزة ! لقد كانت كتب شريعتي تستنسخ في إيران وتوزع في البيوت والأسواق والمعسكرات نذكر منها كتاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي .

عبد الاله الصائغ
assalam94@gmail.com
مشيغن المحروسة 24 اوغست 2008


-----
الدكتور خالد أحمد الشنتوت
www.Dr-khaled.net

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق