كل المعارضين وأنا
منهم ننظر بعين من التفاؤل الحذر إلى اجتماع المعارضة في العاصمة المصرية القاهرة
امس؛هذا المؤتمر الذي يعقد تحت رعاية جامعة الدول العربية و بمشاركة وزراء خارجية
عدد من الدول العربية والأجنبية المعنية بالقضية السورية
بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية ونائب المبعوث العربي الأممي المشترك
إلى سورية ولفيف من ممثلي أطياف المعارضة السورية. في ظل غياب ملفت لوزير الخارجية
السعودي.
الملفتفي هذا المؤتمر هو
كلمة الرئيس المصري الذي افتقدناه منذ زمن، وكلمات مصر الداعمة لكفاح الشعب السوري
والداعية إلى التوحد وبلورة رؤية موحدة لسوريا الجديدة الديمقراطية التي تطمئن
أطياف الشعب السوري كله.
الأمر الآخر الملفت
للنظر هي المؤامرة التي لم تغب عن المؤتمر؛ والتوافق المريب بين الأمين العام
لجامعة الدول العربية مع أطياف من المعارضة عملوا بجد على بلورة رؤيته والمعروفة
سلفا، والتي ما فتئ يتاجر بشعاراتها على حساب الدم السوري النازف، ولاءاته الثلاث
التي مازال يعزف عليها منذ بداية الثورة ارضاءا لشريكه رامي مخلوف، والتي يخفيها وراء
خطابه القومجي؛ مناشدا المعارضة السورية إلى الارتفاع إلى مستوى تضحيات الشعب
السوري والإسراع بالتوحد والسمو على أي خلافات حزبية.
أيضا الملف هذه المرة
أنه ارتقى في كلمته حين طالب بضرورة وضع تصور لنظام تعددي ديمقراطي لا يميز بين
السوريين. و حين أوضح أن الحكومة السورية لم تلتزم بتعهداتها للجامعة العربية
ولجأت للخيارات العسكرية، وأخيرا اعترافه أن الجيش الحر كان من أجل الدفاع المشروع
عن النفس،معترفا لأول مرة أنه لا يمكن المساواة بين ما تقوم به القوات الحكومية
وبين ما تقوم به بعض المعارضة فالقوات الحكومية هي التي تبدأ وتستخدم الأسلحة
الثقيلة.
في الحقيقة حاول
المؤتمر جر المجلس الوطني الى خندق لاءات الجامعة العربية، والتي هي لا للتدخل
الغربي من خارج مجلس الامن، ولا لتسليح الجيش الحر، ولا لاستبعاد الاسد من سدة
الحكم.
وهذه اللاءات التي
تشكل الحصن الحامي لنظام الطاغية في معركته مع الشعب السوري، وبالتالي كان على كل
شريف سواء من الذين حضروا أو من الذين امتنعوا عن الحضور أن يسجل اعتراضه عليها،
وأن لا يستمر في هذه المهزلة الى النهاية، لأن هذا الطاغية لا يفهم إلا لغة القوة بينما
المعارضة الخلبية لا تفهم الا لغة السلم، ولا تبالي بالمجازر اليومية التي يقوم
بها هذا الطاغية وعصابته، وهي عمليا لا تقدم أية عون للمعارضة الفعلية أو للشعب
السوري سوى التبرير للمتآمرين مع الطاغية للاختباء وراء مواقفها المخزية، بغية
تبرير مواقفهم هم.
إن اغراق المعارضة في تفاصيل وضع خطة خارطة الطريق لحل الأزمة
السورية قبل رحيل الحذاء عن السلطة، هو نوع من الترف لا مكان له الآن، وأن الهدف
المحوري اليوم هو كيف نقضي على هذه الطغمة الحاكمة، ونبني دولتنا بعدها، وليس بناء
دولة الاحلام فوق كراسي الأوهام، من خلال التمني بأن يتعطف ويتكرم سيادة الحذاء بتفويض
نائبه للتفاوض مع المعارضة على أن تتولى الحكومة السورية الانتقالية الإعداد
للإشراف لانتخابات نزيهة في ظل سيادته.
المؤسف في المؤتمر هو
البناء على اجتماع جنيف و خطة انتقال السلطة من خلال تشكيل حكومة انتقالية بمشاركة
كافة الأطياف ومراجعة النظام الدستوري والقانوني وإجراء استفتاء على التعديلات ثم
إجراء انتخابات حرة. والتي تغيب عنها الآليه الفاعلة، بحيث لا تتناسب مع كفاح الشعب
المستمر منذ خمسة عشر شهرا.
إن التعبير عن آمال
وطموحات الشعب السوري هو في التخلص من النظام الشمولي الذي لم يتوان عن استخدام كل
وسائل القمع.
وأن هدف توحيد
المعارضة هو التوصل إلى اتفاقات ورؤى مشتركة حول أنجع السبل للقضاء على الطاغية، بالتنسيق
والدعم اللامحدود مع الجيش الحر، بغض النظر عن لاءات العربي، وأن المسؤولية الوطنية
العليا هي في توجيه رسالة واحدة إلى العالم، بأن الأولوية هي لازالة الطاغية
بالقوة، وبالتوافق مع القوى الفاعلة على الساحة الداخلية والمتمثلة في التنسيقيات
والمجالس العسكرية، وإلا لا مكان لهم في سورية المستقبل، وسيبقون في جمهورية
الأحلام التي يبنونها على أنقاض الأوهام الدولية.
وأن اختلاف المعارضة
ضروري ولكنمن أجل تقديم بدائل ذات مصداقية واقعية تتعامل مع متغيرات القوة وليس
متغيرات الضعف، وبناء الدولة السورية الديمقراطية التي تضع الإنسان وكرامته وحريته
في مقدمة الاهتمام، وبالتالي لن يتحقق ذلك دون "اسقاط النظام برمته"
أولاً.
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق