الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-07-27

ويتحقق الحلم بعد طول انتظار – بقلم: د. عبد الغني حمدو



هي سعادة قل نظيرها , يعيشها الرجل بعد أن تحققت أحلامه كلها, يحتاج إلى القليل من الاسترخاء  , حتى  تختمر في داخله اللحظات السعيدة التي عاشها في الأيام الماضية.

قد تغمر السعادة الانسان لبعض الوقت , ولكن مهما بلغت درجات المتعة النفسية والحسية, ومهما بلغت درجاتها علواً, سيحتاج الانسان بعدها , لفترة هدوء يراجع فيها الأحداث ليستشعر حلاوتها مرة ثانية.


حلم حياته كان أن يتعرف على المعالم السياحية في العالم , أن يجلس هو والمقربين منه في صالات جميلة وفي أرقى الفنادق العالمية , وأن يدعو لجانبه كل من تهواه نفسه , وبعد أن حصل كل ذلك واستمتع استمتاعاً قل نظيره , جلس وأغمض عينية , على كرسي هزاز في شرفة جناحه المطل على البحر , وكانت حركات الموج خفيفة , تعبر بين طياتها سمكات بشرية متعددة الألوان , ليطغي مزيداً من السحر على المكان في المياه الزرقاء , وصوت الأمواج الخفيفة يداعب أذنيه , وفي غمرة سعادته تلك , كانت نسمات المكان الخلاب تداعب جفنيه , حتى استسلمت عيناه لها.

ابتسم في البداية , وكيف أن حلمه قد تحقق , بعدما كان فقيراً معدم الحال , قد تمر عليه أيام لايقتات إلا طعاماً بسيطاُ من متصدق , أو من قطعة خبز مرمية في الطرقات , ولا يستر جسمه إلا القليل من الثياب , بينما حلمه الآن قد تحقق , من مأكل وملبس وخدم وفي أفخم الأماكن وأعلاها سعراً , وكل مالذ وطاب , ومع من يحب  .

لقد بلغ حجم التبرعات لهذا اليوم رقماً قياسياً , لقد فاقت المائتا مليون ريال , لعل المتبرعين أناساً كرماء ؟!

فلو قسمنا هذا المبلغ , على ثمانية أشخاص , فإن نصيبي سيكون عالياً جداً وسيتحقق حلمي الكبير.

 وخزات بداخله بدأ أثرها لتختلط مع تلك السعادة , قد تكون وخزات بقايا ضمير إنساني مازالت في داخله , حاول تتبعها وفعل معاكس يشده للابتعاد عنها , ولكن لم يجد نفسه إلا منساقاً وراء تلك النداءات الانسانية في داخله .

جرائم ارتكبت في وطني , عائلات ذبحت ذبح الخراف , لو كانت تحمل وسيلة للدفاع عن نفسها , لاستطاعت معاقبة الجاني قبل ارتكاب فعلته الشنيعة تلك , لكانت دافعت عن عرض وشرف النساء , لكانت قد حقنت الدماء , فالمجرم لايمكن ردعه إلا بالقوة , ولكن من المسئول ؟

هل سأكون وحدي المسئول عن الأمر ؟
فلست الوحيد
كُثر مثلي... وقد سبقوني واستولوا على التبرعات المقدمة للثوار والأيتام والمشردين , والأرامل والثكالى , فلماذا ألوم نفسي فقط ؟

لن أفعل.... سأعيش في سعادتي , سأحقق كل أحلامي , فمن مات وقتل وذبح وحرق وهو حي (الدنيا فانية ولا طعم لها ولا لون لأمثال هؤلاء , فقد اختاروا الآخرة , وطلقوا الدنيا )

والحياة فرص , والذكي من يستفيد من الفرص , فكم عانيت في حياتي , ولم يلتفت إلي أحداً, وفرصة جاءتني , لعلها تكون هبة من السماء حطت علي , حتى أنعم بأيامي الباقية.

كل شيءٍ مكتوباً ومقدراً , هكذا أقنعونا من سبقونا علماً ومعرفة .

فإن كان مقدراً النصر , فإن الأموال التي أخذتها لن تقدم ولن تؤخر من الأمر شيئاً .
فكفاكي أيتها البقايا المحطمة في داخلي وخزاً
وما الضمير إلا من اختراع الضعفاء .
د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق