بعد مرور ستة عشر شهراً على اندلاع الثورة الديمقراطية السورية ، باتت
المرحلة التي تمر بها الثورة اليوم ، تُملي على القوى الثورية المعارضة في الداخل
والخارج ، سلوك سبيل التحليل العلمي الموضوعي في استقراء الشأن السوري ، والأخذ بالمنهج العقلاني
النقدي ، عوضاً عن الاكتفاء بالخطاب الانفعالي والإعلامي التجييشي الذي تجاوزته
الثورة.
إن عقلنة الثورة الديمقراطية السورية ، ونقلها من الحالة الشعبوية العفوية
، إلى الحالة الشعبية المنظمة تتطلب ما يلي :
·
إنزال الأفكار وتجسيدها على أرض الواقع ، من
خلال التوجه صوب تأسيس أحزاب سياسية معارضة ، ومؤسسات مجتمع مدني ،
باعتبارها معاول لهدم النظام في المرحلة الحالية ، وشبكات وطنية
للمرحلة المستقبلية ،تحمي البلد من السقوط في الفوضى عقب انهيار النظام الشمولي ،
الذي يمتلك جميع محددات الحياة الوطنية.
·
البدء الفوري بتأسيس وتفعيل سلطات ثورية بديلة
مزاحمة لسلطات النظام ، وعدم الاكتفاء بإسقاط شرعيته السياسية المتمثلة
بالاحتجاجات الشعبية ، أو شرعيته العسكرية المتمثلة بالانشقاقات التمردية ، بل
يتوجب العمل على استكمال إسقاط شرعيته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والدبلوماسية ..( للمزيد
: كيفية إنشاء السلطات البديلة للنظام السوري – فاتح الشيخ – جوجل).
·
الإفادة من التجارب الثورية للشعوب الأخرى التي سبقتنا في الانتقال الديمقراطي
، بما يخدم الثورة السورية ، مع ضرورة الابتعاد
عن استنساخ التجارب ( الاسترشاد فقط).
·
إعادة تصويب مسيرة
العمل الثوري ، ونقد أية خطابات أو ممارسات خاطئة للقوى السياسية المعارضة ، أو
القوى العسكرية المتمردة ، أو الشارع الاحتجاجي ، حيث أن الثورات لا تولد في الغرف
المعقمة ، بل في الشوارع والساحات العامة ، المفتوحة لجميع أبناء الشعب بغض النظر
عن هوياتهم المتباينة، وضرورة امتلاك الجرأة الكافية في إدانة الخطابات
السياسية الأيدلوجية أو الطائفية المفسدة للوحدة الوطنية.
·
عدم اعتماد أسلوب أحادي في النضال
الثوري ، وبيان أن للثورة الديمقراطية السورية إستراتيجية وطنية واضحة تأخذ بالجهاد
المزدوج ، ولها ذراعان متكاملان يعضد أحدهما الأخر لتدمير النظام:
الأول : سياسي مدني
الثاني : عسكري دفاعي
وهي التجربة الثورية الناجحة للساندنست في إسقاط نظام سوموزا في نيكاراغوا عام 1979م.
·
وقف تبادل الاتهامات وحملات التشكيك ، ما بين
المعارضة الداخلية العاملة على الأرض والمعارضة الخارجية ، وضرورة إدانة أي
خطاب يعمل على إثارة الفرقة بينهما.
·
تقديم الحلول العملية ، والسياسات التنفيذية
، والبرامج التفصيلية الميدانية، والإرشادات الدورية للمواطنين ،
لما يتوجب عليهم فعله لتفكيك النظام ، تنفيذاً لإستراتيجية العصيان المدني ( للمزيد : مائة وثلاثون أسلوبا لإسقاط
النظام السوري – فاتح الشيخ – جوجل ).
وأخيراً نقول /
إن الموضوعية في قراءة الواقع السوي اليوم ،لا تعني الحياد بأي شكل من الأشكال
، بل الانحياز المطلق لجانب الثورة والمستقبل والحق والمبادئ ( لا تجتمع أمتي على
ضلالة ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق