كتاب
التاريخ كتاب عظيم، فيه العبر والعظات، والدروس والتأملات، لنتعلم منه ونستفيد حتى
لا نقع في الاخطاء، فالعاقل من اتعظ بغيره، والأحمق من رأى غيره يقع في حفرة فوقع
فيها..
ولكن
هذا الكتاب الكبير الممتد عبر العصور، الذي يحتوى آلاف الثورات، ولن نعود الى بعيد
فالواقع المعاصر خير واعظ وناصح أمين، فدروس أفغانستان وغزو الاتحاد السوفييتي لها،
وثورة ليبيا واليمن ومصر غائبة عن المعارضة..
قامت
الثورة بسواعد الشباب والنساء والأطفال في سوريا، والمعارضة
كانت في خبر كان، نائمة نومة أهل الكهف، فاستيقظوا على صرخات الثوار " هي لله هي
لله " تراهم سكارى وما هم بسكارى، فوقع الخبر كان على أسماعهم شديد، إذ لم
يكن يدور في تفكيرهم أو خططهم أن يخرج ضد
هذا النظام الوحشي أحد..
استفاقوا
من كل حدب ينسلون نحو الثورة، فمنهم الصادق، ومنهم المنافق، ومنهم النفعي، ومنهم
المتسلق، ومنهم ومنهم... والثورة ماضية في طريقها لا تلتفت هنا أو هناك وإنما
تتطلع إلى السماء، ماضية الى الامام بعزم وقوة وهمة وشجاعة، حاملة الموت على كفها
لتبني الحرية للآخرين..كما وضحها الصحابي الجليل ربعي بن عامر حينما قال لكسرى ملك
الفرس " جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد "
لقد
شدت الثورة انتباه العالم بشبابها وبناتها وأطفالها ورجالها ونسائها الصابرين والصابرات، والمحتسبين والمحتسبات،
والثابتين والثابتات أمام القصف والقنابل بصدور عارية وحناجر مدوية بالتكبير.. ولم
تشد انتباه المعارضة الى هدف الثورة..
وتسير
الثورة كل يوم حاملة الشهداء والجرحى والمعتقلين، ومؤتمرات ومبادرات يعقدها
الغرب هنا وهناك ليس من أجل الشعب السوري
ووقف نزيفه، وإنما لمعرفته بأهمية سوريا بشكل عام، ومكانة انتصار الثورة بشكل خاص،
ومكانة مصالحه في المنطقة ، وحتى اليوم لم تعرف المعارضة أهمية ومكانة سوريا
والثورة !!... وما مؤتمر القاهرة ببعيد، فالدماء تغطي سوريا، وهم يتجادلون
ويتقاتلون ويتناوشون على الكراسي !!!
أيها
أولى عقد مؤتمر تتبناه المعارضة بكافة اطيافهم لدعم الجيش الحر أم مؤتمر القاهرة
للحديث ما بعد الوحش !!!
أيها
أولى عقد مؤتمرات لكيفية القضاء على الوحش ومن معه بعد ان تخلى العالم عن الثورة
أم مؤتمر القاهرة للحديث عن ما بعد الوحش والوحش يغرز انيابه في جسد الوطن سوريا.!!!
أيها
أولى عقد مؤتمر لدعم اللاجئين والمشردين وكيفية تأهيلهم وعلاجهم من الصدمات
النفسية التي مروا بها أم مؤتمر القاهرة، والوحش يهدم ويقصف ويدمر، واللاجئون في
ازدياد !!!
نعم أولى وأولى وأولى ولكن شكرا لهذه المؤتمرات
التي قد يقول أن هذه المؤتمرات ليست في مصلحة الثورة، ولن تستفيد منها الثورة شيئا
!! فالحقيقة ان هذه المؤتمرات كانت في صالح الثورة، ويكفي
الثورة فائدة أن تميز الخبيث من الطيب، وليفضح الله المنافقين على رؤوس الاشهاد...
وان يكون دليلا واضحا على الانفصام بين الثورة والثوار وبين المعارضة فشكرا لمؤتمر
القاهرة !!!!
إن
الثوار بحاجة ماسة الى مراجعة مع النفس ومع الواقع فالنصر لهم، والأرض لهم، والوطن
لهم يسقونه بدمائهم ويفدونه بجراحهم واعتقالهم وتشردهم، وإذا رجعنا الى بداية جهاد
المجاهدين الافغان للاتحاد السوفييتي نجد أن خلافاتهم لم تكن ظاهرة بوضوح، ولكن
بعد سقوط النظام الشيوعي ظهر النزاع بين القادة، وذهبت ريحهم، مخالفين قول الله
تعالى { وَلاَ
تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ }( الانفال : 46)،
وفي ذات الوقت كان الغرب يعقد المؤتمرات هنا وهناك بزعم الدعم تارة والمصالحة تارة
أخرى ووقف العنف تارة ثالثة وهلم جرا حتى رتب الغرب أوراقه واستفاقت افغانستان على
كرزاي عميل علماني لا يمت للجهاد ولا للإسلام بصلة، عميل قادم من مؤتمر بون
للمصالحة الافغانية الذي صاغته الولايات المتحدة الامريكية رغم أن المؤتمر كان تحت
رعاية الامم المتحدة.
وتم تصفية المجاهدين
وهم يقولون أكلت يوم أكل الثور الابيض، وما تزال افغانستان حتى اليوم رمزا للتخلف
والتمزق العرقي بعد أن كانت محط انظار العالم كله، وكانت محل قبول لدى العالم
الاسلامي...
إن
الحديث عن ما بعد الوحش هو حديث في الهواء كفقاعة الصابون ليس لها اثر، وليس لها
قيمة سوى التسلية
فوجود الوطن أهم من وجود الكرسي، فالوطن موجود برحيل الوحش وزبانيته وأعوانه وأما من يخلفه فهذا امر متروك للثوار وليس
للمعارضة.. وأحذر الثوار من أن يترك هذا الامر الى المعارضة..
يجب
على الثوار أن يأخذوا الدروس والعبر من الثورات التي قامت حولهم ومن احداث
افغانستان وأحداث البوسنة والهرسك فالعدو واحد، يتربص بهذه الثورة للقضاء عليها، ولذا يجب
عليهم ألا يزهدوا ويتنازلوا عن قيادة
البلاد بعد رحيل الوحش وشبيحته وزبانيته، فالوقت أيها الثوار ليس وقت زهد في
المناصب، بل هو الرباط وملء الثغرات بأمثال الثوار، اصحاب القوة والأمانة، وما
موقف خالد بن الوليد من غزوة مؤته عندما استلم الراية إلا لملء الفراغ قبل ان
يستلمه من يفسد عليهم حياتهم ، وما موقف قطز عندما تولى السلطة في أيامه العصيبه إلا
لملء الفراغ قبل ان ينقض اصحاب المطامع والمفاسد على السلطة فتضيع مصر، فأوقف المد
الهمجي للتتار وهزمهم وأخرجهم من بلاد الشام...
والمتأمل
في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد ألوانا من الزهد في هذه الحياة الدنيا، ومع
ذلك أنشأ دولة، ولم يسمح لغير المخلصين الاقوياء الأمناء من تولي المناصب، فبنى
أمة وأقام حضارة للعالم كله.
ولذا
يتوجب على الثوار الاتي :
1- الاتفاق وعدم التنازع، والانسجام والتماسك كالصف المرصوص، فلا مجال
من قريب أو بعيد للخلافات الشخصية أو المصالح الوهمية، فالشهداء والجرحى
والمعتقلين والمشردين ينتظرون المحافظة عليهم.
2- الحذر من تفتيت اهدافهم او تقوية بعضهم على بعض فأعداء الثورة في
الداخل والخارج استطاع ان يفرق المعارضة، وان يستحدث رؤوسا جديدة للمعارضة فكل يوم
نسمع معارضا يتحدث وكأنه قادم من المريخ لا يعرف اين سوريا فضلا عن ماذا يجري فيها
؟
ولذا
يجب الحذر من الانقسامات او التفتيت فالعدو قد لا يفتت النفوس بأحجام كبيرة ولكن
يفتتها بأحجام صغيرة قد لا يشعر بها المرء نفسه وتدريجيا لا سمح الله يكون كما حدث
للأخوة الاعداء في افغانستان.
3- عدم الدخول في أي مفاوضات مع أي جهة عربية او
غربية لا تنص على رحيل النظام الوحشي بأكمله، ومحاكمة كل من تسبب في اراقة الدماء، وجرح
الجرحى، وتشريد المشردين، وتعذيب المعتقلين، وقطع
الطريق على أي كرزاي، وعلى أي متسلق وانتهازي ومتطفل راكب لموجة الثورة
4- أن تكون مهمة قيادة البلاد بعد اسقاط الوحش للثوار وليس لأحد في الخارج او لأحد من المنشقين
حديثا.
5- استمرار الجيش الحر في توجيه ضرباته النوعيه وعدم التوجه الى مبادرات الشيطان عنان، أو الى
أشقياء سوريا في مؤتمراتهم التآمرية، والتوجه الى الله سبحانه وتعالى، فمنه سبحانه
النصر، ومنه سبحانه العون والمدد.
6- التأكيد على هوية الثورة فالثوار ( الغالبية العظمى) مسلمون سنيون، والشعب
السوري مسلم بالفطرة، والشعب السوري تعايش مع بعضه البعض على مدار التاريخ في ظل
عقيدة الاسلام الشاملة والايجابية والمتوازنة والربانية والثابتة، فلا تهاون في هذه
المظلة التي استظل بها الشعب السوري بكافة طوائفه، وكل من يحاول تغيير هذه المظلة
فمثله كمثل مبادئ النظام الوحشي وعليه الرحيل أو ترحيله.
7- عدم الوهن واليأس { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ
وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن
تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ
وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} ( ال عمران: 139-142)
والله
أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق