الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-07-31

إلى من يهمه الأمر في بلاد الربيع العربي – بقلم: د. عامر أبو سلامة



حدث تغيير، وسعد كثير من الناس به، وتحولت حركة الحياة بلون جديد وطعم آخر، إنه التغيير الذي صنع على عين الله، فالمنة فيه لله وحده، الذي قدر ودبر، ووفق ويسر، ومن مقتضى هذا شكر الله تعالى، الذي يذل من يشاء، ويعز من يشاء، ويرفع من يشاء، ويخفض من يشاء، يهب الملك لمن يشاء، وينزع الملك ممن يشاء.

ومن لوازم الذكرى، أن الأيام دول، وبقاء الحال من المحال، وحتى تدوم النعمة، لابد من شكر المنعم، وبهذا تدوم، ولا دوام إلا إذا عملنا على إزاحة كابوس الماضي، بإشراقات المستقبل, وطيب الحاضر الجميل وتجديده،زرنا بعض البلدان، فتمنينا في واحدة، لو أن الحكومة، أو منظمات حزبية أو مجتمعية، دعت ليوم نظافة، فتنقل القمامة، وتكنس الشوارع، وتزرع الورود، وتصبغ بعض الأشياء (المصدية)، فهذا يعطي وجهاً جديداً ومتواضعاً، لغد مشرق، فتبتسم الحياة، من بعد، ببناء حضاري قادم، إذ أن مثل هذه البدهيات، عنوان لما بعدها، من صناعات الخير،وبناءات الحضارة، ويومئذ يسكت الشامتون والمترصدون والمتربصون، الذين يريدون للأمة بقاء ما كان على ما كان، وحينها تلقمهم حجراً، بكل بناء جديد، وعطاء يذوق طعمه المواطن، فيتوقع المزيد، ويتشبث بصانعه، الذي صار منهج عمل، ودستور بناء، وجدول خير، ينتقل من صفحة إلى أخرى، في عالم متناغم، كله عطاء ونماء، والماء إذا بلغ القلتين، لم يحمل الخبث.


ومن كان على المنصة اليوم، مطلوب منه الكثير، وتلزمه جملة من حزم الخير التي يجب أن تؤدى بشكل صحيح، ليوم أسس فيه لفجر قادم، على قيم العدل، وناتج الخدمة، وبراهين التغيير.

الناس ملوا الكلام، وسئموا الشعارات، وقد صبروا على أصحابها ردحاً من الزمن، أما اليوم فلا أراهم يصبرون على مرددي الشعارات بنفس الصبر الذي مضى، والمدد التي أعطيت، والمهل التي منحت، فالحذر الحذر، من ركون لمثل هذا الأمر، والمطاولة فيه، وإلاّ سوف تكون انتكاسة، من عادتها أن تحدث مرضاً أشدّ من الأول، فندخل في حيص بيص، وأرجو أن لا ندخل في نفق مظلم من جديد، عاقبته ستكون وخيمة، فخطأ أن يكرر المرء نفسه، ولو في عالم الخير، فكيف إذا كرر مصيبة غيره في عالم الشر؟؟!!

الأمة على المستوى القطري، تريد تحولاً في الشكل، بداية من رفض صورة تنشر، وصنم يصنع، وهالات حول الأشخاص تبنى، وبعض الدول التي تمجد المؤسسات لا الأشخاص، لا ترى فيها صورة لزعيم، تطوف، البلاد من طرفها إلى طرفها،  فلا تجد  فيها تمثالاً للقائد الضرورة!!!! كما يحلوا للطغاة أن يتغنوا بمثل هذه المقولة، التي تؤصل للدكتاتورية، وتعمل على إحداث دكتاتور مستبد، وطاغية متفرد، إن لم يكن اليوم، ففي الذي بعده.
 
الناس يريدون من يخدمهم، لا من يريد منهم المديح، ويطالبهم بالتصفيق، فوطنوا أنفسكم على مشاريع البر، بمفهومه الشامل، وواقعيته المواكبة، التي تبني الواقع، على أسس القيم الحضارية، مادياً ومعنوياً، وهي بنفس الوقت تستشرف رؤية مستقبلية، يكون أساسها مفهوم التداول، خصوصاً في عالم الأشخاص، فإذا لم يكن ذلك كذلك، فعلى الدنيا السلام.

ومن مقتضيات الشكر لهذه النعمة ولوازمه، تلمس هموم الناس، والعمل على حلها بشكل مباشر، بلا تأجيل، ولا تسويف، من خلال ترتيب دقيق لسلم الأولويات، وبهذا ينجح الأمل( واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب).
                           ************************
من ذاق طعم الظلم، وألم القهر،وقهر النفس، وويل الذل، ونار السجن، وعض الجوع، وشر الفتن, وحرّ الجلد،  وشعر بكارثة إراقة الدم،ومصيبة فساد النظم، عرف هذه المعاني، حق المعرفة( ومن ذاق عرف)، والمصائب تجمعن المصابينا، ولا يستوي من عرف، مع من لم يعرف، من حيث المقدمة، ومن حيث النتيجة، ومن ثم، من حيث التكليف.

 وهموم الأمة في إطار ما نذكر كثيرة، وفي بقاع شتى في الأمة، وأعتقد أن قضية الشعب السوري، هي القضية الأولى في الأمة، على مستوى وجوب مساندتها، والوقوف إلى جانبها، يجب أن تدرج في قائمة الأولويات، أنها الأولى، لأنها قضية سريعة، ولا يمكن تأجيلها، بحال من الأحوال أو صورة من الصور، ونقولها صريحة: إن كل دولة، وكل حزب وجماعة، وكل نشاط شعبي، لا يجعل القضية السورية، على رأس القائمة في أجندته اليومية، فإننا نضع ألف إشارة استفهام عليه، وعلى سلوكه، فالقضية السورية، محك، يكشف حقائق معادن الناس، وصدق من سمى القضية السورية، بأنها الفاضحة، وبأنها الكاشفة.

عندما كانت الحرب على غزة، تعاطفت الأمة بكل قوتها، وحق لغزة ذلك، وواجب على الناس أن يقفوا معها هذه الوقفة، وغزة وأهلها يستحقون أكثر من ذلك، وفي سورية اليوم غزة أخرى، بل غزات، في الشام غزة، وكذلك بحلب وحماة وحمص وديرالزور والساحل ودرعا وإدلب، ففي كل محافظة من محافظات سورية، غزة ملتهبة، فأين النصير؟؟؟

الشعب السوري اليوم، يعيش كارثة كبرى، ومصيبة عظمى، والنظام المجرم، يقوم بحرق البلد، بنياناً وإنساناً، وفي مساحات شاسعة من البلد التي كل قطعة منها، تحكي صدق ما نذكر، فهل يجوز الصمت، ولم هذا التعاطي مع القضية السورية بهذا البرود المذهل، عليكم أن تقوموا بواجب المساندة لشعب سورية، ليتحرر كما تحررتم.

إن من الظلم أن تترك أخاك يعاني ما يعاني، وأنت تتفرج على المشهد، كأنه فلم سينما، تتأثر للتو، ثم ما تلبث أن تمنهج المسألة بهذه الروحية التي تتعاطى معها وبها، وليس من رأى كمن سمع، والنائحة الثكلى، ليست كالمستأجرة.

على جميع من نخاطب، وكل من يسمع الصوت، وقد ألقى السمع وهو شهيد، أن يبادر إلى مبادرات جادة، وحلول عملية، وتواجد على أرض الحقيقة بكل ما تحمل من معاني ما يجب أداؤه، في هذا الظرف العصيب من تاريخ سورية، فالتاريخ لا يرحم، وسجله لا يمحى، وسوط حكمه دامغ، ولون قضائه فاضح.

شعب سورية، بحاجة اليوم إلى الموقف السياسي (الصريح القوي)، والتعاضد مع منظومة دول العالم، ضمن أدائها القانوني، من أجل النصرة والخلاص، فنصرة المظلوم، واجب جميع الأمة خاصة، والعالم عامة.
في سورية، أمة تذبح، هذا شهيد، وذاك هدم بيته، وعلى مد البصر ترى مزرعة تحرق، ومدن تقصف، والمشهد يحكي بعمومه، قصة يتامى، ومشردين، وجرحى، وتعطل للحياة، في غمرة يوم مليء بالهموم، ومثقل بالأحزان، ويحتاج إلى ملايين الأموال، حتى نحقق بعض الكفاية.

الهمة ضعيفة- ولنكن صرحاء- والتعاطي بطيء، والمساندة محدودة، والموقف لا يتناسب مع حجم المأساة، فهل من متعظ؟ وهل من معتصم؟

وهل من بطل، لا ينظر إلا إلى واجب الوقت، وفرض الساعة، فيؤدي الذي عليه؟؟!! ولا يجوز الاعتذار، بهموم الوطن، على حساب قضية أمة تباد، ولو كان هذا العذر مقبولاً، لتعطلت مشاريع الأمة الجماعية، فمن يقول لنا: اعذرونا، عندنا همومنا، وما فينا يكفينا، نقول لهم: لا عذر لكم، بل لازم نجاح الربيع في أي بلد، إظهار صدق التعاون في البلد الآخر، تحققاً بروح الجسدية المتعاضدة، فالتعاضد ليس كلمة تقال، ولا فكرة تردد، ولا فلسفة تلاك، ولكنه سلوك وعمل. ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).
 ولا عذر لأحد. ( واتقوا النار، ولو بشق تمرة).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق