الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-07-11

المعارضة السورية .. تحت سقف الجامعة العربية - بقلم: فاروق مشوح


           
       لم يكن اجتماع المعارضة السورية هذا تحت رعاية الجامعة العربية العتيدة هو الأول؛ بل كان هناك أكثر من اجتماع، والعديد من اللقاءات .. لكنه كان الأوسع والأشمل حتى بلغ المدعوون ما يزيد على مئتين وخمسين مدعوًّا؛ وهو حشد واسع لا تدل كثرته على خير كبير، وأمل مرتجى .. فلقد روي عن أحد عجائز العرب القدماء أنها دعت على قبيلة منافسة لقبيلتها بأن يكثر الله شيوخ قبيلتها، ويزيد في رؤوسهم؛ وكانت تريد من ذلك اختلاف الرأي، وتعدد الاتجاهات، وتفرق الكلمة فيهم .. ونحن لا ندعو بذلك _ونعوذ بالله من مزرعة البصل التي كلها رؤوس_ لكننا نصف واقعًا نراه بأعيننا، ونشهده في متابعاتنا، ونعيشه معاناة منذ انطلاق ثورتنا..


       هذا ملمح أولي نسجله لهذا الاجتماع الحافل بما هبّ ودبّ من الآراء والأفراد والاتجاهات والأهواء، ومع كل مرارة هذا المظهر البادي للعيان، المعلن على الملأ في الزمان والمكان .. فإن له ما يبرره من تعدد المنابت والأصول لهذه المعارضة، ومعاناتها من نظام القمع والاستبداد والجريمة الحاكم في سورية على مدى العقود الماضية، ومن اختلاف البيئات، وتباين المواطن التي عاشت عليها طيلة هذه الفترة .. إننا نقول بالرغم من كل ذلك فإن هذه العلل الكامنة، والأدواء المستحكمة لا تشكل سببًا في تعليق الكثير من الجهات تقاعسها في النصرة على مثل هذه الظروف، وتأخرها في المساندة، وإحجامها عن الدعم الواجب؛ بل امتناعها عن تقديم ما يلزم، ويُلزمها من قوانين دولية، وشرائع إنسانية؛ بأنها ذرائع واهية، تعلق عليها هذه الجهات تخاذلها المهين وعجزها الرهيب فيما هو لازم وواجب وضروري لهذه الثورة الإنسانية النبيلة في عنق كل إنسان حر شريف ..

       إن المعارضة السورية؛ بالرغم من كل ما ذكرناه سابقًا، تتفق في غالبيتها الساحقة على هدف رئيس وأساسي في ثورة الشعب السوري؛ وهو إسقاط النظام الحاكم بكل أركانه وعناصره .. وهذا الهدف النبيل يجمع عليه أبناء الداخل قبل المعارضة وبعدها، وهو الذي يوحد الجميع، ولو كانت الجهات التي تخذل ثوارنا في سورية صادقة في دعاواها ومقنعة أو مقتنعة في حججها لاكتفت بهذا الهدف وساعدت عليه الشعب السوري بكل شرائحه وأقسامه داخل سورية وخارجها .. ولكنها حجة ضعيفة واهية اتكأت عليها دول الغرب وأمريكا التي تتخذ من حقوق الإنسان وشرائع الأمم المتحدة سلاحًا لمصالحها ووسيلة مكشوفة لابراجماتيتها الهزيلة وهي تغطي كل ذلك بعدم رغبتها في نصرة الثورة الباسلة التي لم تضع في حسابها إلا بسالة أبنائها، وشجاعة ثوارها وصدود شعبها ..

       المعارضة السورية قوتها في توحدها مع نضال شعبنا السوري في الداخل، وحمل أهدافه ومعاناته بلا التفات إلى يمين أو يسار، وألا تعول على دول ليس في حسابها إلا مصالحها، وأن مطالب هذه المعارضة ليس لها أن تخرج عن مطالب الثوار في سورية من سلاح فعال، وعون إنساني داعم، والعمل ما أمكن على مناطق محمية وممرات آمنة، وإمداد الجيش الحر بكل ما يلزم، وهذا هو الذي يرفع مكانة المعارضة، ويحقق أهدافها التي يجب أن تكون هي أهداف الشعب بلا نكوص أو أغراض خاصة محدودة كما يحدث الآن في اجتماعها هذا الذي عنيناه .."وليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" ...
13/شعبان /1433هـ
3/7/2012م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق