بعد كل مرحلة من مراحل التصعيد الثوري وتنامي الانشقاقات بين السياسيين والعسكريين ، تلجأ العصابة الأسدية إلى
ارتكاب المجازر في محاولة لتعديل ميزان الرعب والوهن الذي اصاب الفئات المؤيدة
للطاغية، ومستنفرة خاصتها ليرجفوا في الارض .
فبعد انشقاق مجموعة من الجنرالات وعلى رأسهم اللواء
عدنان السلو القائد العام للقيادة العسكرية حاليا، و رئيس أركان إدارة الحرب
الكيماوية السابق، مع ثمانية ضباط آخرين، وهم عميد واثنان برتبة عقيد واثنان برتبة
مقدم وثلاثة برتبة رائد.، تبعه انشقاق سفير سوريا في بغداد نواف الفارس و قبله
السفيران رياض نعسان أغا سفير سوريا في عمان، وفاروق محمد طه سفير سوريا في
بيلاروسيا والدكتور محمد حبش وقبله اللغط عن حصول انشقاق مناف طلاس وما اردفه من
انشقاق للعميد الركن طلال محمد فرزات والعقيد سليمان أحمد فرزات والعقيد محمد خير احمد فرزات والمقدم عبد
المنعم علي فرزات ، تبعه انشقاق الضباط من ابناء القبائل وخاصة النعيم عشيرة
الابونمي الرفيد :
اللواء عدنان الرفيع والعميد عبدالاله البشير النعيمي والعقيد
الركن صالح الحمّادة النعيمي والمقدم صالح
البشير النعيمي وغيرهم كثر.
لجأ رئيس العصابة إلى ارتكاب مجزرته الآخيرة في التريمسة
، بعد استنفار جميع عناصر التحريض الطائفي في القرى المحيطة، أتبعها بحملة قادها
زعيم المرجفون مفتي الاجرام الأسدي في خطبته العصماء بعد أن احتل المنبر الأموي؛
ليقول: كما قال المرجفون فى زمن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اذا
خرجت سرايا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنهم قد قتلوا، أو
هزموا، وأن العدو قد أتاكم.
ويتوجه بحديثه إلى الذين تورطوا واستدرجوا وأصبحوا سجناء
في الأسلحة التي حملوها لينظر إليهم ويتبين أنهم يعانون من حبس لا داخل أربعة
جدران وإنما داخل هذه الأسلحة التي استدرجوا في حملها والذين عاشت آمال في أذهانهم
وتصوراتهم واعتقدوا أنهم علموا الآن أن هذه الآمال تحولت إلى أوهام، "
متسائلا.. "ما المآل الذي ينتظرونها أو النصر الذي كان راسخا أو رسخ في أذهانهم".
ويحذر من أن الاستمرار على هذا النهج والبقاء في طريقه
سيأخذهم إلى كرب أسود يزجهم في شقاء لا يمكن وصفه ، لافتا إلى أنه يمكن للشيطان أو
لغير الشيطان أن يخدعهم بأن نصرا قريبا سيتحقق وبأنهم سيقطفون ثمرات هذا النصر
ولكن الحقيقة هي أن باب هذا النصر الموهوم قد أغلق وفق دلائل واضحة.
فالبوطي يُعتَبر انموذجا للمرجفون سود الأكباد على الثورة وأهلها: ألسنتهم لاتعرف
إلا الشر؛ يبشرونك بأن الأسد قد أفنى العباد و أباد البلاد ، حتى يضعفوا عزيمة الثوار
ومن يناصرهم بالنفس والمال والدعاء؛ ليوهنوا القوى، ويفتتوا العزائم الصلاب.
حتى إذا جاءتك مثل هذه الأنباء المقلقة، والأخبار
المفزعة، وأنت فى منأى عن الواقع فترت عزيمتك وضعفت همتك فى نصرة إخوانك بالنفس
والمال والدعاء؛ إذ أنك من خلال هذا الإرجاف فقدت الأمل، وتضخم اليأس فى محيطك، وبذلك
تكون العصابة الأسدية قد كسبت مكسباً عظيما، ليتسنى لهم أن يبيدوا الثورة ، دون أن
يكون هناك نصرة من أحد، أو رادعا يردعهم.
يُرهبنا: بأن الأسد
وعصابته يملكون الأسلحة الفتاكة، والآلات المدمرة، ، وأن أصحاب القرار والكلمة
النافذة مازالوا يقفون معه يساندونه، فبإرجافه هذا يريد أن يقول لنا: ارفعوا
أيديكم وضعوا أسلحتكم فلا طاقة لكم بالطاغية وجنوده..
وللأسف فهو من
أبناء جلدتنا و يتكلم بألسنتنا: يستغل مصائب العامة ، ليعكس الأحداث التى تقع فى
مساحة صغيرة ، ليصور لنا الحدث وكأنه قاصمة الظهر التي لا قيام بعدها. وتتنّوع مواضعيه
التي يتحدث حولها دون مصداقية أو تروٍ في معالجة الحدث بشكل سليم.
يسعى من وراء ذلك إلى :
1- إظهار ضعف الجيش
السوري الحر، وتوهين قواه؛ وهذا ما تسعى له العصابة الأسدية من خلال نشراتهم
وإعلاناتهم وأخبارهم؛ وهو ما يسمى: بـ 'الإرهاب الفكري' ، و'الحرب النفسية'.
2- خدمة مصالح الطاغية ، من خلال زعزعة ايمان السوري
بقضيته ، ليضعف همته عن العمل الثوري، فيكون ذلك مكسبًا للعصابة، بطريق غير مباشر،
فمن هذه
النتائج:
- تخويف الثوار من عدوههم حتى لا يستمروا
في الثورة ، وحتى يبقى المواطن ذليلاً تحت وطأة الظلّام من خلال هذا الإرجاف.
- إماتة النصرة في نفوس المؤيدين للثورة
في العالم، وإماتة الآمال في انتصار الثورة من خلال بث الأحداث الكاذبة التي توحي
بهزيمة الثورة، وكسر شوكتها.
- توقف العمل الثوري والإغاثي في سورية
وخاصة المدن التي أُعلن عنها بأنها دمرت وعادت إلى قبضة القوات الأسدية.
- جعل الثائر أسيرًا لهذا الإرجاف،
فتتشبع روحه، ويتغذى عقله من هذا، فيصل به الحال إلى اليأس ، والقنوط من النصرة .
- إضعاف إيمان الآخرين بالنصر، وخاصة
السفهاء من الناس، لأن النفس البشرية تتأثر بما يجري حولها سلبًا وإيجابًا.
- إدخال الحزن والهم على الغيورين
على الثورة من خلال تسويق المآسي لهم، ونقلها بصورة بشعة، فيتأثرون بمثل هذا
النقل.
- تشجيع الشبيحة وحثهم على الاستمرار
في أعمالهم ؛ فكأنما المرجفون يقولون لهؤلاء: الطريق لكم مفتوح، وليس أمامكم ما
تخشونه؛ ففي كل وادٍ بنو سعد، والشر قد عمّ وطمّ ، فاعملوا ما شئتم.
ونحن هنا لا نعنى بكلامنا السابق أن نغمض أعيننا عن
الواقع وما فيه من الظلم، ونخدر الناس بأننا بخير والحمد لله، وأن ليس في الإمكان
أفضل مما كان. وإنما ننكر على المرجفة الذين يتكلمون بروح انهزامية مشيعين لليأس
والخوف في صفوف الثوار.
مبتعدين عن قوله تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى
أَمْرِهِ} [21] {'سورة يوسف'} وقوله: { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ
بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [8]{
'سورة الصف' }.
نقدم العلاج النافع، والحل الدافع بقوله تعالى:
{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [55]{
'سورة الأنعام'} .
ونحن هنا نقول للمرجفون أمثال البوطي إن عملكم
هذا حرام ؛ لأن فيه أذيّة للثوار السوريين وتخويف وتهويل، وهذا
أمر لا يجوز؛ يقول الإمام القرطبي رحمه الله:'الإرجاف حرام؛ لأن فيه ضرر، فقد دلت
الآية على تحريم الإيذاء بالإرجاف': { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ
الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي
الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا
قَلِيلًا} [60] {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}
[61] {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ
اللَّهِ تَبْدِيلًا} [62] {'سورة الأحزاب'.
ونقول للثوار الذين يسمعون لهؤلاء المرجفة عليكم :
- بتقوية الرجاء بالله سبحانه،
وتفويض الأمر إليه، والاعتماد عليه؛ حتى تخف وطأة هذه الأراجيف على قلوبكم. فإذا
سمعتم مثل هذه الأحداث المقلقة فقولوا:'حسبنا الله ونعم الوكيل' فإنها بلسم نافع،
وعلاج ناجع لمثل هذه الأقاويل، ولنا في رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أسوة حسنة.
- وتقوية القلب وتعويده على استقبال
هذه الأنباء بنفسٍ ملؤها الهدوء والثقة بأن ما يحدث إنما هو بقدر الله عز وجل،
ولعل في المحنة منحة.
- فرايات الثورة بدأت ترفرف في
أنحاء سورية شرقًا وغربًا.
- والعاملون على الثورة يتكاثروا
وخاصة أفراد الجيش السوري الحر .
- وأصبحت هناك تنسيقيات ومجالس
محلية ومجالس عسكرية وأفراد، يعملون بدقة وبمنهجية
واضحة لمصلحة الثورة.
- ظهر في الساحة اعلام يتفوق شكلاً
ومضمونًا وقراءً على اعلام الطاغية وصحفه ووسائل اتصاله.
فالظلم مهما تنامى.. ومهما طالت جذوره وفروعه؛ فإن له
يدًا من أهل الثورة حاصدة.. فلا خوف.. ولا اضطراب؛ فبشائر النصر تلوح في الأفق:
-
{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} [171] { إِنَّهُمْ لَهُمُ
الْمَنْصُورُونَ} [172]
{وَإِنَّ
جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [173]{ 'سورة الصافات'}.
- {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا
وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [139]{ 'سورة آل عمران'} .
فأبشروا يا ثوار.. واستبشروا.. ولا تثنيكم الكلمات
المثبطة عن العزم على المضي قدما بثورتكم، ولا توقفكم الأنباء المرجفة فتراوحون
مكانكم ، واعتصموا بحبل الله، وثقوا بنصر الله،{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ
فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [101]{ 'سورة آل عمران'}.
واجعلوا هذه الأراجيف خلف ظهوركم؛ فإنما هي من جند الطاغية..
{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ
وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [175]{ 'سورة آل عمران'} . فهو يخوفنا
برجاله تارة، وبكلماتهم تارة، وبتيئيسنا تارة، والله وحده حسبنا وناصرنا وكافينا،
فنعم المولى ونعم النصير ..
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق