الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-07-26

مناف رمضان ... ومناف طلاس – بقلم: إياس غالب الرشيد


كرة القدم تلك اللعبة الساحرة التي عشقتها طفلا،كانت تمثل لي نموذج الانتصار والرجولة يافعاً؛ في زمن شحت فيه الانتصارات ، واتشح بالهزائم والانكسارات. كانت هذه الأشياء في ثماننيات القرن الماضي، عندما كنت أظن ظنا قريبا من اليقين أن تحرير الجولان وفلسيطن هو مسألة وقت فقط، تحتاج بعض الترتيبات العسكرية لجيشنا الباسل ... هذا الظن اليقيني بدأ يتلاشى رويدا رويدا، حتى تبخر، وذهب أدراج الرياح، عندما بدأت مفاوضات السلام سنة 1992 عندها أدركت أن كل استنتاجاتي ورؤاي مبنية على مغالطات زرعتها في ذهني منظمة طلائع البعث.


 كان مناف رمضان أحد الأبطال الأسطوريين الذين تعلقت بهم، بعد الخيبات العسكرية التي منيت بها، ولا أنسى ما حييت الهدف الذي سجله بطريقة (الدبل كيك ) على نادي الوحدات الأردني سنة 1990 وسقط بعده مغشيا عليه، وتوقفت المباراة لأكثر من ربع ساعة، ودخل الفريق الطبي لمعالجته، ساعتئذ شعرت بالهلع !!! وبدأت أتساءل لماذا لم يتحمل مناف رمضان هذا السقوط ، على الرغم من أنني شاهدت حركة (الدبل كيك ) عند كثير من اللاعبين الأوروبيين والبرازيليين  وغيرهم كثير، ولم يسقطوا مغشيا عليهم؛ كما حدث مع لاعبي الأثير.. وظل السؤال معلقا لسنوات عدة، حتى اجتمعت مع شقيق أحد اللاعبين السورين  في جلسة عامة، وأخبرني أن غذاء هؤلاء اللاعبين لا يتجاوز الفلافل، وعندما تبدأ البطولات، يستدعونهم على عجل ،ويقذفون بهم في الملاعب، بعد حصص تدريبية سريعة، لا تكفي لصنع لياقة للجري في حارة صغيرة.

عند سقوط مناف رمضان في تلك المبارة أمام فريق الوحدات اقتربت الكاميرة من وجه ذلك الفتى السوري، وبدا شعره متهدلا، يغطي جبينه، وبعض الخصل تنسدل على عينيه .

 غابت صورة مناف رمضان عني دهرا طويلا، ما استذكرتها إلا عندما أطل مناف طلاس علينا على قناة العربية بشعره المتهدل على جبينه، وتم تقديمه بوصفه ضابطا، يحمل رتبة عميد في الحرس الجمهوري، لم أشعر لحظة واحدة أن هذا الرجل يمكن أن يكون ضابطا في الجيش بحثت في ذاكرتي عن أشخاص يشبهونه استذكرت ممثلا أجنبيا لا اعرف اسمه، واستذكرت صورة مناف رمضان.

 هذا (الفتى- الكهل) مناف طلاس يقدم اليوم بوصفه ضابطا كبيرا، وهو لا يعرف من الجندية شيئا، ولم يخض حربا في حياته، والغريب أن القنوات الفضائية تسوق له بوصفه شخصية توافقية تقود مرحلة انتقالية، حيث إن يديه لم تتلوثا بدماء السوريين أثناء الثورة، على الرغم من أن لواءه الذي يقوده هو الذي تصدى للمتظاهرين القادمين من الغوطة الشرقية؛ دوما وحرستا، عندما زحفوا في الشهر الرابع منذ أكثر من سنة لاحتلال ساحة العباسيين، واستشهد في هذا الزحف بضع وسبعون متظاهرا، وكان مناف طلاس على رأس لوائه، كما روى شهود العيان ، وإذا تجاوزنا موضوع التلوث الدموي عند مناف طلاس، ماذا نقول بالانغماس بالفساد وسرقة الاقتصاد السوري هو وعائلته وهو أحد الأسباب الرئيسية للثورة السورية، هذا لعمري أمر عجاب !!!!

 عندما بدأ التسويق لبشار الأسد مطلع القرن الماضي قيل لنا إنه شاب ، (ويعرف بالكمبيوتر) واليوم يطلع علينا مناف طلاس بثياب الإحرام معتمرا، والغريب في الصورة أن شيخا يرافقه ويحدثه، على الرغم من أن هذا الطواف أو السعي يمارسه الناس فرادى  منشغلين بمناجاة ربهم .. اعتقد جازما أن هذه الصورة لتسويقه رجلا مؤمنا جاء ليغتسل من ذنوب الماضي، أو أن هذا الشيخ يلقنه بعض الأدعية، يناجي بها ربه، لأن رجالا مثل مناف طلاس، لا يعرفون العبارات التي يحدث المؤمن بها ربه؛ لأنه لم يكن مضطرا في يوم من الأيام إلى ذلك.

 (هذا الفتى- الكهل) المدلل الذي كان يعشق ركوب السيارات الحديثة، ويحمل -مجازا -رتبة عميد في الجيش، و لم يخضع لتدريب عسكري محكم، مثل حال مناف رمضان، الذي ما احتمل جسمه الغض الذي لم يأخذ قسطا كافيا من التدريب فسقط مغشيا عليه في المبارة بعد شقلبته البهلوانية، إذا كيف لهذا  (الفتى- الكهل ) المدلل  أن يقود مرحلة انتقالية في بلد يقلب نظام حكم هو أحد أركانه، ويقوض جيشا بني على أساس فاسد، تمنح فيه الرتب كما تمنح الأعطيات.

 أطل علينا مناف طلاس بشعره المتناثر على عينيه،و يبحث المتآمرون  على الشعب السوري عن دور له في المرحلة القادمة .. تفحصت كثيرا في وجه الرجل بحثت له عن عمل يمكن أن يمارسه في المستقبل، استذكرت صورة مناف رمضان، واستذكرت صورة الممثل السينمائي الأجنبي الذي لا أذكر اسمه ، وبما أن مناف طلاس كهل اقترب من الخمسين فلا يمكنه ممارسة كرة القدم، لذلك يمكن ترشيحه للعمل في السينما؛ ليقوم بدور رئيس للمرحلة  الانتقالية  في فيلم فانتازي؛  لأن الواقع السوري أثناء الثورة أفرز رجالا حقيقيين لا مكان فيه لأشباه الرجال.            



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق