الجميع يتذكر اللحظة الحاسمة في الثورة اليمنية عندما تم
قصف المسجد الرئاسي الذي كان يتجمع فيه الرئيس مع كبار معاونيه وتلك الواقعة التي
لفحت بنيرانها وجه الطاغية اليمني لتنذره بضرورة المسارعة والموافقة على الحلول المستوردة
من الخارج ، عندها بدأت التكهنات حول هوية الفاعل وأن القذيفة كانت عبارة عن صاروخ
متطور لا يوجد إلا في آيادة خفية تملك الصلات اللازمة للوصول إلى مثل تلك الأسلحة
.
بالأمس عادة عقارب الساعة إلى الوراء وبلحظة مفصلية
وتاريخية ، كانت فيها الثورة تدق ابواب دمشق لتنذر الطاغية وأزلامه بأن ساعة
الحساب اقتربت ، أتت العملية النوعية في مقر مكتب الأمن القومي في الروضة ، لتقضي
على رؤوس نظام الحكم السوري والتي تسمى بالعرف السوري بخلية الأزمة، حيث كانت
نتائجها متناسبة مع رتم وسخونة المعركة الدمشقية الحاسمة لتغير قوانين اللعبة
الثورية ، لأنها حتى لحظة كتابة المقالة كنست من مسرح الثورة اربعة من عتاة الفعل
القمعي المناهض للعمل الثوري السوري ، حيث غيبت كل من وزير الدفاع داوود راجحة من
الطائفة المسيحية، ونائبه آصف شوكت المحسوب على الطائفة العلوية أو على العائلة
الأسدية، بينما وزير الداخلية محمد الشعار ورئيس الأركان حسن تركماني من الطائفة
السنية، طبعا هذه الخلطة الاجرامية متناسبة تماما مع المقولات التي يرددها الجميع
في الداخل والخارج بأن الاجرام في سورية ليس طائفيا وانما يتم استغلال الأقليات
وتخويفهم وجرهم للفعل الطائفي خوفا وترهيبا وتحريضا.
الملفت في الأمر هو اعادة ترتيب الأوراق الدولية
السياسية وفق تسارع الأحداث وهذا ما لاحظناه في تأجيل التصويت على قرار مجلس الأمن
الى اليوم الخميس، ظنا من بعض اللاعبين أن دول الفيتو المتعاونة مع الطاغية بشار
سوف تغير من مواقفها بعد تلك العملية، ولكن من المبكر القول أن كل من روسيا والصين
سوف تستجيب لتغيّر الخريطة الاجرامية السورية نتيجة خروج لاعبين من العيار الثقيل
من المباراة النهائية على كرسي الديمقراطية في سورية.
وذلك لأن موقف
كلتا الدولتين ايديولوجي مبني على ثوابت لايمكن التراجع عنها نظرا لتركيبتهم
الاستبدادية وخوفهم من المد الديمقراطي الاسلامي في أطراف دولهم الرخوة.
أما اللاعبين الأساسيين في المسرح العربي والمتمثل
بالغرب فهم يتتبعون الأحداث ويعيدون ترتيب أولوياتهم وأوراق لعبهم وفق مآلات
الأمور ، دون بذل لكثير عناء مرخين العنان لمبادرة عنان وللفيتو المزدوج الذي
مازال يرفع عنهم الحرج تجاه الرأي العام داخل دولهم أولا و أمام المجتمع الدولي
ثانيا.
لكن هل يقبل الحذاء بشار بما قبل به سابقه من مبادرة
دولية تخرجه من ساحة اللعب السياسية السورية ليحل محله واجهة ذات مسحة ديمقراطية،
تأتي نتيجة انتخابات ديمقراطية تتيح لمتخذي القرار الابقاء على منظومة الحكم
الاستبدادي؛ كما هو الحال في كل من مصر واليمن.
هنا المراهنة تكون خاسرة إذا اعتقد الغرب أنهم قادرون
بعد أن أخرجوا الشعب السوري من قمقمه الاستبدادي على اعادته الى قمقمه مرة أخرى ،
لأن حرية الشعب السوري دُفع ثمنها غاليا من الدم الحر المسفوح على شواهق المجد،
ولن نرضى باقل من الحرية ثمنا مهما تكالب علينا من عتاة .
بالأمس يطل علينا حسن نصر اللات ليصف مقتل عصابة المجرمين
في دمشق بانهم ( القادة الشهداء) وهم رفاق سلاح ويحزن لرحيلهم.
هؤلاء، قتلة الاطفال
والامهات والشباب ، هؤلاء قادة الشبيحة الذين اغتصبوا النساء ودمروا البيوت
ونهبوها ، هؤلاء الذين ارتكبوا كل تلك الجرائم ، فليفخر هو وحزبه برفاقه؛ وليحشر
معهم يوم القيامه ، فحساب الله قادم لكل من سفك دم الشعب السوري كائنا من كان سوريا
او لبنانيا او ايرانيا .
اليوم "سقط النظام" سقوطاً مدوياً باول اعتراف
رسمي بهزيمته النكراء في عقر داره؛ من قبل "الجراثيم والمراهقين" الذين سخر
منهم اليوم فقد بشار "حرسه القديم" .
اليوم سوف يختار الشعب السوري نهاية ما تبقي من الطغاة وأزلامهم
وكل من لازال متشبثاً بمركب القتلة الغارق في الأسابيع القادمة.
ووعداً منا لكل الغربان الجائعة التي تحلق فوق سماء ثورتنا،
لن نسمح لهم باختطاف ثورتنا او المزايدة عليها أو المتاجرة بأرواح شهدائها. فالنصر
بإذن الله قادم لا محالة..
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق