الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-07-26

لن يكسب المعركة ولن يبقى – د. سماح هدايا



"إذا مشيت مع التاريخ ستحقق ماتريد. فعندما يكون التاريخ معك تنتصر مهما كلفك الأمر من تضحيات وأثمان. وعندما تنحرف بك القدم عن دربه ؛ يتركك التاريخ ولايبالي" ونظام الأسد عاند التاريخ وعاكس إرادة الشعوب الحرّة  في صناعة التاريخ. فلن يكسب المعركة ولن يبقى؛ لكنّ السؤال الذي يثير الجدل، لا لأنّه منطقيّ في جوهره بل؛ لأنّ العالم كلّه يتكلم فيه:  هل سيتنحّى بشار عن الحكم؟ نعم أو لا؟
وبناء على عدّة حجج وتسويغات مهمّة؛ فإن اليقين  كبير بأن بشار لن يتنحى.

والتّسويغات هي:
1-           طبيعة سلوك المستبدين الطغاة السفاحين. والأمثلة كثيرة؛ فليس بالأمر النادر في تجارب التاريخ استمرار الطغاة في جبروتهم وتشبثهّم بالسلطة والإرهاب حتى هلاكهم الأخير. والقصص في جعبة التاريخ كثيرة.


2-           التمثيل الطائفي. وبشار يمثّل طائفة، بغض النظر عن اتفاقها كلها وموافقتها عليه؛ فطاقة الطائفة كقاعدة شعبية تمدّه بكثير من الدعم والظل ؛ تمسكا  بموقعه الرمزي وما يحمله من دلالات عنصريّة محرّكة للقوة البهيمية الهائجة.

3-           الغلو في جرائمه الفظيعة ؛ فهو لم يعتد على حياة فرد واحد ليكون الصفح عنه ممكنا. هو اعتدى على عموم  الشعب وبشكل منهجي وعشوائي. والغلو في الجريمة  الجمعيّة عنوان عريض على نقطة التحدي الدموي لإرادة الأمة حتى الفناء. ومن المنافي لمنطق أفعاله الانسحاب والتنحّي  بعد قتل كثيرين، والتمرّغ في دماء الجرائم الفظيعة. لو كان الأمر قابلا للجدل وواردا في تفكيره لتنحى منذ البداية، أو بعد اشتداد حالة الانتفاض على حكمه. إنها سادية السفاحين والطغاة المجرمين هي محركه للبقاء والاستمرار في الإرهاب.

4-            الخوف الباطن من العقاب؛ فالسفاح يدرك  أن الثأر والانتقام في انتظاره ليدفع ثمن جرائمه .ولأنه  يخاف ويخشى القتل سيظل متمسكا بالبندقية حتى الأخير ولن يثق بأحد. فدمه قد يكون مطلب الجميع، ومطلب أركان حكمه الانتهازيين الباحثين عن منفذ جديد للبقاء والسلطة.

5-           القوة الباطشة التي اعتمد عليها يشار،  لم تكسبه معركته؛ لأنه خسر سياسيا؛  لكنّه سيظل ممسكا بقوته العسكربة حتى تهاويها؛ فأوراقه السياسية ضعيفة شعبياً، حتى وإن دعمت نظامه روسيا وإيران. ولأنه يخشى  هريمته العسكرية؛ سيظل يقاوم كسر جيشه بكل أشكال العنف والإرهاب؛ معتقدا  أنه بالقتل والقوة  واللعب على تهديد مصالح الدول الكبرى قد يغير الوضع ويربح .

6-           مازال النظام  يحس بقوته في تحرّكه داخل دائرة تحالفات سرية مع  عدة قوى وحركات مؤثرة عالمية وعربيّة وإقليمية؛ فيستمد منها دعمه؛ فتضغف في نظره إمكانية تدخل  قوى العالم عسكريا لإسقاطه...وفي حال تدخلها لديه، كما يظن، رصيده ليهدد مصالحها ويلجم قوتها.

    إن عوامل النجاح في حركة الشعوب تتمثّل في الإرادة والإيمان بالمبادىء العليا والكفاح من أجل تحقيقها. وإذا لم تحقق ثورة الشعب السوري مبتغاها وهدفها في الحرية والعدالة الكرامة؛ فإنها ليست بثورة.  ولأنّ ثورة الشعب السوري الآن متصلة بحركة التاريخ وقوة التغيير ستنتصر وتصل إلى أهدافها. وبالطبع ليس هزيمة  بشار الفرديّة هدفها، فقط، وليس في محدوديّة أن تنتقم منه وتثأر . بل هدفها من إسقاطه تكسير نظام الاستبداد كله من رأسه لأساسه. ومن المسخرة أن بعض الشخصيات التي  كانت  جزءا من عملية الذبح والاستبداد والطغيان، وشاركت الأسد في جرائمه؛  أخذت تنشق قبل مسافة قليلة من نهاية المعركة، وتتخلى عن بشار ومنظومته..هي  تريد أن تغير حساباتها؛ فالحصان الرابح الآن لم يعد بشار الذي كانوا قد راهنوا طويلا عليه وإنما  الثورة . وعليهم أن يحتالوا ويراهنوا عليها ليكسبوا. 

 النصر في الثورات، ليس مقايضة على المصالح. هو الإيمان بالمبادىء والسير مع حركة التاريخ من اجل تحقيق الأهداف الكبيرة. وأهداف الثورة السورية  في الحرية والعدالة والكرامة تتفجّر من طاقة إيمان ونضال كبيرة. ولذلك لن يستمر طريق المجزرة طويلا ولا طريق المراوغة والخداع والتآمر؛ فالثورة تسير في موكبها العظيم؛ ولا تعرقل طريقها أوجاع مخاضها الأليم.

د. سماح هدايا







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق