الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-07-11

يا قائد الأمة ماذا تريد منك الأمة ؟ د. منير الغضبان


بسم الله الرحمن الرحيم
إلي رئيس جمهورية مصر العربية الدكتور محمد مرسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم لقد بايعناك جميعا قائدا للأمة . وهذه ليست بيعة شعب مصر لكم , ولكنها بيعة الأمة المسلمة لرئيس جمهورية مصر العربية .

أولا: نهنئ الأمة المسلمة والشعب المصري بعد نيل حريته من الطواغيت والظلمة منذ ثلثي  قرن , ولأول مرة بعد عام 1952 م يعود الزمام للشعب المصري الذي قال كلمته وأوصل إلى سدة الرئاسة رئيسا منتخبا منه غير مفروض عليه, وأولى مطالبنا منك أن تكون نصيرا للحرية  في الأرض كلها لا في مصر وحدها.


ثانيا: إن أقباط مصر جزء من هذا الشعب الذي جاهد لتحقيق حريته سواء قالوا نعم أو قالوا لا قبل الإنتخاب.  لكنهم اليوم حريصون تمام الحرص على الحفاظ على هذه الحرية فلهم الشكر كل الشكر أن ساهموا في تحقيقها , ونهنئهم بأن غدت ريادة العالم الثالث, بل العالم الحر بيد الشعب لابيد حكامه .

وهم يعرفون مدى التعانق مع عمرو بن العاص رئيس مصر بأنه هو الذي أعاد لهم حريتهم بعد أن كان أسقفهم في السجن محظورا عليه الكلام والرأي, لصالح الإحتلال الروماني المتمثل بأسقف بيزنطة . وعاشوا نسيم الحرية مع هذا الشعب الذي كان مثله الأعلى :
( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )
فنحن بإسم الأمة المسلمة نخاطب إخواننا الأقباط لاهجين بالشكر والعرفان لهم أن ساهموا في معركة الحرية هذه. وحين نتكلم بإسم الأمة المسلمة نتكلم مع الشعب المصري كله الذي قاد سفينة الحرية إلى شاطئ الأمان . ونطالب  رئيس مصر أن لايكون عنده أي تفرقة ولا تمييز لأحد على أحد من أبناء هذا الشعب

ثالثا: وحين نذكر تاريخنا المجيد نذكر أنه تمثل واقعا من أجل قبطي نال منه ابن الرئيس إستعلاء وقال له : أتسبقني وأنا ابن الأكرمين , و ضربه بالسوط على رأسه . فأقام دعواه ضد رئيس مصر حيث أستدعي إلى الحجاز مع ابنه للمحاكمة , فضرب رئيس مصر بالسوط على رؤوس الأشهاد بتوجيه من أمير المؤمنين : اضرب ابن الأكرمين.

فأنطلقت منه الكلمة الخالدة التي أصبحت أول مادة في ميثاق الأمم المتحدة بعد أربعة عشر قرنا من الزمان: ((الناس يولدون أحرارا))
أما كلمتنا الخالدة في تاريخنا المجيد والتي أطلقها أمير المؤمنين عمر : (( متى أستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا))
وثاني مانطالبك به يارئيس مصر أن تحقق العدل الذي قامت عليه السموات والأرض .

رابعا : ولا يكفي أن تكون بيعتك لشعبك على أقامة العدل بين الناس جميعا بعد أن تحررت من قيودك كلها ؛ من تمثيلك للإخوان المسلمين الذين رشحوك للرئاسة , وأعتقك المرشد العام للإخوان المسلمين من بيعته , وبايعك قائدا لأمته, وتحررت من حزب الحرية والعدالة الذي كنت رئيسا له , فصرت رئيسا لمصر كلها , فلا سلطان لأحد عليك, إلا سلطان الله. ثم لأهل الرأي الواجب عليك إتباعهم , فأولو الأمر في الأسلام تبعِ لأهل الرأي . ولابد أن تعزم عزمتك الكبرى وتعيد للشعب المصري مجلسه المنتخب , وسلطانه التشريعي المغتصب. وشرف عظيم لك أن تحقق هذا الأمل بحكمتك وعبقريتك وإتفاقك مع المجلس العسكري الذي يريد أن يكون هو صاحب السلطة التشريعية رغم إختيار الشعب لسلطته . ونريد أن يكون جيش مصر العظيم لحماية مصر العظيمة وأن يكون نموذجا خالد يحفظ له التاريخ تسليم سلطات الشعب للشعب .

خامسا: وهذا الذي أدعو له ياقائد هذه الأمة هو جزء من قضية كبرى , ألا وهي إلغاء المظالم , وكف يد الظالمين , ومحاسبتهم على ما أقترفوا من جريمة وإثم بالسطو على هذا الشعب وسرقة ثروته كلها في جيوبهم وجيوب محاسيبهم .
إننا نحن الأمة المسلمة في الأرض بايعناك على ذلك ؛ بايعناك على إعطاء الحرية وإقامة العدل وإلغاء الظلم بين الناس .

سادسا: ولابد لي من تذكيرك بالحديث القدسي الذي سعدنا بذكرك له : (( ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ---)).
وعظمة هذا الحديث هو أنه للخلق كافة وليس للمسلم ولا للمسيحي ولكنه لكل الخلق فتتمة الحديث: (( ياعبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فأستطعموني أطعمكم ---)).

فالفقراء في الأرض عيال الله والدولة تسهر عليهم بإيصال رزق الله إليهم وهي تحاسب على ذلك . فأعذرنا ياقائد هذه الأمة , فلا نقبل منك فقط أن تزيل الظلم عن المظلومين بل نريد إزالة معاناة الفقر والحرمان عن المحرومين بتحقيق المساواة في الفرص بين الناس أجمعين .

وإن لم تفعل ذلك فما بلغت الأمة ماتريد وما نفذت تعاليم دينك التي هي في عنقك .

سابعا: ولم يعد الطعام ياقائد الأمة هو حاجة الشعب فقط . فقد أصبح الدواء والغذاء والكساء هو من حاجة الأمة كذلك كما يقول عز وجل تتمة الحديث القدسي : (( ياعبادي كلكم عار إلا من كسوته فأستكسوني أكسكم ---)).
وهذا للخلق كافة , وهذا يعني مسؤولية الحاكم عن كل فرد في الأمة .

ثامنا: وإذا كان الإنسان ليس بطعامه وشرابه ودوائه وكسائه فقط بل هو بمبادئه وعقيدته كما في تتمة الحديث : (( ياعبادي كلكم ضال إلامن هديته فاستهدوني أهدكم ---)).

فلابد للحاكم كذلك أن يضع مبادئ الهداية لشعبه ؛ الهداية التي هي لله سبحانه   ( وهديناه النجدين ) . ( فألهمها فجورها وتقواها ) .

أما الهداية البشرية إلى دين معين ومذهب معين فدعه لأبناء هذا الدين وأبناء هذا المذهب.

تاسعا: وأقول لك إن تطبيق المبادئ المذكورة هي التي نبايعك عليها . فإن أخللت بواحد منها, طالبناك فيها . وهذا يعني : نريدك أن تكون وبالأمة التي تنتمي إليها وبالشعب الذي أعطاك بيعته , أن تكون حارسا أمينا عليها  ولو اقتضى الأمر حرب الظالمين الذين يريدون حرمان الناس من هذه المبادئ الخالدة . وسيحاسبك المسلمون ويحاسبك النصارى على تقصيرك في هذا العهد ((ولولا دفع الله الناس بعضهم لبعض لهدمت صوامع و بيع وصلوات ومساجد يذكر فيها أسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز )).

ولولا هذا التطبيق لهذه الآية لما وجد المليار والنصف من هؤلاء المسلمين , والمليار وأكثر من هؤلاء النصارى .

عاشرا: نريد فعلا لاكلاما وهذا أردوغان أمامك , حرر اقتصاد بلده ورفعه للقمة  وخدم شعبه . فأختاره شعبه بجميع طوائفه ثانية وثالثة لقيادته .

ولئن خطط أعداء الإسلام لإزالة عاصمتيه  الثقافية والسياسية , أسطنبول والقاهرة , فقد هدمت هذه المخططات وعاد للشرق وجهه الجديد وعاد ليقود العالم بهذه المبادئ , وعاد لينقل الحضارة إلى مركزها الحقيقي وكلاكما إختيار الشعب والأمة .

وأخيرا : وبصفتي فردا من أفراد هذه الأمة أذكرك بالشعب السوري الذي يوأد ويستأصل ويذبح من أكابر مجرمي هذه الأمة وهو يصرخ وا  معتصماه   وا  مرسياه وا   أردوغاناه  , وينتظر التلبية   لبيك   لبيك  فهل من مجيب .

كما أذكرك بقضية هذه الأمة الكبرى قضية  فلسطين  وتحريرها والأقصى من اليهود المغتصبين والصهاينة المعتدين .

نسأل الله لك التوفيق والسداد وأن يعينك على تنفيذ ماوعدت وتنفيذ البيعة التي في عنقك فإنه من يصدق الله يصدقه ومن يتوكل على الله فهو حسبه والحمد لله رب العالمين.
                                                      د. منير محمد الغضبان
                                                       باحث إسلامي سوري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق