الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-05-10

رفعاً ودفعاً ورمياً هذه هي طريقتهم... بقلم: شام صافي


إذا أزحت مزهرية جميلة موجودة على طاولة قصيرة الأرجل عن صفيحة الطاولة لتسقط سقوطاً حراً فستنكسر قطعتين أو ربما إن كانت قوية متينة لا تحدث فيها إلا خدوش من بعض جوانبها أو قد ترتج فقط وتبقى سليمة تماماً .. أما إن أردت أن تكسرها وتضمن ذلك فلن تلجأ لتلك الطريقة البديهية التي قد تعطي هذه المزهرية مكانة في المنزل إضافة إلى جمالها قوة ومنعة ضد الكسر .. إذا أردت كسرها مفتتة إلى قطع صغيرة لا يمكن جبرها بعد ذلك فما عليك إلا أن ترفعها عالياً جداً ثم ترميها بقوة إلى الأرض فتصل إلى نتيجتك التحطيمية المضمونة .. السقوط الحر من ارتفاع منخفض قد لا يحقق تلك النتيجة لأن سرعة سقوطها في الحالة الحرة ولو كانت ثقيلة قد لا يكسبها تسارعاً لقرب المسافة، أما برفعها إلى مكان مرتفع ثم إعطائها قوة دافعة تزيد من قوة ثقلها وجاذبيتها للأرض فتكتسب معه تسارعاً أكبر ويكون لطول المسافة أثر كبير في التسارع مع ازدياد زمن السقوط ..
قوة – زمن – مسافة عوامل كلها كفيلة بالتحطيم ..


لنطبق مثال المزهرية الفيزيائي مع السقوط الحر والسقوط بقوة دافعة على الثورة السورية .. حسب مبادئ الفيزياء فتحطيم الثورة السورية ليس بهذه السهولة .. يبدو أن الدول الغربية استشرفوا ثقلها على المنطقة وثقلها بأناسها الذين خرجوا بصدورهم العارية ضد الرصاص فعلموا ثقل هذه الثورة وإن وقعت سليمة فسيكون لها شأن عظيم في المنطقة .. الشعب السوري مزهرية جميلة ثقيلة .. وتحطيمها بحيث لا يمكن جبرها مرة أخرى لا يكون بسلامتها وعنايتها وصونها (بإنجاح الثورة وأمر رئيسها بالرحيل) كما الثورات الأخرى .. ولا يمكن أيضاً بإسقاطها سقوطاً حراً .. بحيث تترك الثورة لتحقق ذاتها وحدها دون تدخل لأنهم يعلمون أنها بقوتها ومنعتها ستنتصر فمن تحدى الرصاص وكل أساليب الإجرام والعنف لن يكون عصياً عليه إتمام أمره بنفسه .. فعرفوا أن تحطيمها لا يكون إلا بإكسابها قوة دافعة بدعمها الدعم السلبي سواء المادي أو الكلامي والتصريحات الجوفاء التي تدعم ولا تحسم (وهو الدعم الغير كافي بحيث لا تحقق غرضها) والعامل الآخر برفعها للأعلى بحيث يسمحون لها ببعض الانتصارات لتتحقق ارتفاع المعنويات (أيضاً بشكل غير حاسم) ثم رميها من الأعلى مع تلك القوة .. فيتحقق بذلك الإحباط عند الدعم ثم التخلي عند الانتصار ثم الخسران ..

لا بل الأكثر من ذلك فإن الطريقة التي يستخدمونها هي تكرار هوا السيناريو .. رفعاً ودفعاً للسقوط .. إضافة للزمن العامل الثالث الذي يزيد السرعة والتسارع نحو الأرض (ألتحطيم) .. التكرار عامل إضافي .. فتواتر هذه العملية وبمستويات مختلفة يجعل تحطيم المزهرية أمراً محتوماً ..
رفعاً ورمياً بقوة للأرض مع تكرار العملية .. ضمان للتحطيم.
الدول الغربية وعلى رأسها إسرائيل تطبق المفاهيم والقوانين وتدرس حالة الشعوب حينما أعطت الثورة السورية ولازالت دفعاً وإيهاماً بالدعم بداية من خلال الثورات الأخرى السريعة السهلة (تونس ومصر) حتى وصلت إلى الانفجار في وجه جبروت طاغية لا يعرف حدوداً مع الدم والتنكيل .. ودعمت الدعم الآخر من خلال القذافي والثورة الليبية حينما أعانت الثوار على قتل طاغيتهم .. ثم لازال الدعم رفعاً ودعماً محطماً من خلال المعارضة الخارجية والاعترافات المذبذبة والسفارات المذبذبة وكرسي الجامعة العربية دون إكمال مسلسله الداعم .. أي كما وصفت رفعاً ودفعاً ورمياً .. رفعاً ودفعاً ورمياً .. قد مرت الثورة السورية بحلقات متتالية طويلة الأمد من هذه الطريقة ..
لكن ...
لم يفطنوا من خلال قوانين الفيزياء المجردة هذه أن الثورة السورية ليست جماداً .. هذا هو العامل الوحيد الذي نسوه في تلك المعادلات التي يحاولون تطبيقها في مثال تحطيم الثورة السورية .. ولم يفطنوا أن هذا التكرار وهذا الأسلوب أكسبها مناعة ذاتية لأنها كائن حي مدعم بوسائل مناعة غاية في التعقيد والذكاء والابتكار .. إن أي كائن حي إن تعرض لكائن طفيلي أو جرثومي إن نجا منه أكسبه مناعة قوية تقوى كلما كانت الهجمات قوية .. فإما موتاً إن كانت مناعته ضعيفة أو قوة ما بعدها قوة إن كانت مناعته مدعمة ..
المناعة تلك قوة من الله وإرادة من شعب حي .. غباؤهم في استعمال ذلك الأسلوب ما زاد الشعب إلا إصراراً وتصميماً .. إلا قوة وصرامة وحزماً وصولاً إلا النصر.. حساباتهم هذه المرة خاطئة وأقولها بثقة .. الشعب السوري ليس جماداً فقط .. بل هو أيضاً ليس أي كائن ضعيف وهش فمعه إرادتان .. إرادة الله وإرادة الحياة ولن لن لن تغلب قوانينهم إرادتين.

9-5-2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق