الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-05-15

الخروج الآمن من حالة القتل المستمر في سوريا – بقلم: د. عبد الغني حمدو


عندما نجد أن المسالك أمامنا مغلقة وأن النتيجة التي كان من الواجب الحصول عليها قد تبعثرت ليحل محلها صراع مستمر صار عنوانه فقط :القتل والتدمير والخراب والتهويل والتخوين , فلا بد من البحث عن مسالك جديدة تنقذ ماتبقى من حطام نأمل بتجميعه حتى يكون  نافعاً في المستقبل القريب

علينا أن نبحث سوية عن مخرج آمن ,هذا المخرج الآمن لايمكن لجهة واحدة أن تضعه أمام الجميع ليكون المسلك الآمن للجميع , وإنما أن تتضافر جهود العقلاء والحكماء والساسة والقادة العسكريين وأن تصب في التركيز على الهدف, لاأن يكون لكل فئة أو فرد هدفاً مغايراً أو متناقضاً مع هدف الآخر


وحتى يمكننا تحديد هدفنا والطريق الموصل لتحقيقه لابد من أن نعود إلى الهدف والذي قامت من أجله الثورة السورية ,وحتى لاتتشعب الأمور أكثر يمكننا حصر أهداف الثورة في تسلسل منطقي بدأت تحت عنوان الاصلاح , وبما أن النظام الحاكم لايمكنه اعتماد الاصلاح كونه نظام شمولي ديكتاتوري له لباس طائفي يعتقد أن الطائفة التي تمثل الأكثرية كلها ضده ,وبالتالي يعتبر كل أفراد الطائفة خطراً عليه , فاعتمد منذ بداية الثورة تسريب القمع الطائفي والنعرة الطائفية , حتى يثير ذلك في الطرف الآخر , ويكون الوضع العام للثورة هو صراع طائفي يهدد المنطقة بأثرها , وبالفعل نجح النظام الحاكم في انحراف الثورة ونقلها من صراع بين شعب يتوق للحرية ويريد التخلص من التسلط الأمني للعصابات الأمنية المتعددة في سورية والمحمية من قبل السلطة الحاكمة , إلى صراع طائفي انجرت إليه الأطراف المتقاتلة على الساحة ليقول كل طرف منهم: إما نحن ...أو هم , وكل طرف يلغي  الآخر, وتستمر المجازر لتشمل الجميع , ولم تستثني أحداً ولن تستثني أحداً من الشعب السوري , فالقتل من جميع الأطراف والوضع اليوم قاتل وغداً مقتول ولا يوجد في الأفق ضوءاً يشير إلى الخلاص من هذه المذبحة المستمرة والتي أهلكت الحرث والنسل ودمرت البلاد والعباد

فالثوار لهم مؤيدون من جميع مكونات الشعب السوري , وكذلك نظام الحكم له مؤيدون من جميع المكونات , وهذا يقودنا لحكم عادل ومنطقي أنه لايمكن للثوار في حال حسموا المعركة لصالحهم أن يحاسبوا على أساس طائفي , ولا يمكن للنظام المجرم أن يفعل ذلك أيضا , فهو يستعين بكل الطوائف في تدمير البلاد والعباد
علينا مناقشة أمرين مهمين هما:

الأول : نتيجة تحول الصراع بين مكونات الشعب السوري لصراع دموي بين مكوناته بقيادة النظام الحاكم , وكان  من مساوئ هذا التحول الضعف في إدارة الصراع وانهزامه في أماكن واسعة وحتى لايخسر معركته ووجوده فسلم الأمر كله وترك الزعامة لإيران وأصبح لعبة بيدها وفقد الثقة بمعظم السوريين ولا يثق إلا بطهران وزمرة ممن هم حوله , لذلك فقد تخلص من الكثيرين والذين كانوا يمثلون أركان وجوده , فأصبحت المنطقة التي تقع تحت سيطرته هي جزؤ لايتجزأ من الدولة الايرانية , والتاريخ يشهد على أنه ماستعانت فئة واستقوت بالأجنبي على أبناء جنسها إلا كان مصيرها الفناء

الثاني: الثوار والمقاتلين على الأرض يتحكم بهم الداعمين , والداعمين لهم أجندات مختلفة , وهذا يعتبر السبب الأكبر لتشتت قواهم واستمرار الحال على ماهو عليه, ستتغلب فئة لها دعم أقوى قد تنتهي بالتدخل العسكري الخارجي , وتكون النتيجة  كالحالة الأولى الخسارة الكبرى ولا يعرف المصير بعدها وقد يستمر الصراع لعقود
إن الحل الوحيد والمنقذ للشعب السوري هو تكوين جبهة عسكرية سياسية هدفها الوحيد هو اسقاط نظام الحكم المجرم , تعتمد على الحوار الداخلي بين الأطراف والتي هي لاتنتمي إلا إلى الحس الوطني وتخشى التدخل الخارجي  المؤيد للحاكم أو الثورة وللتوضيح أكثر نأخذ عينة مختارة وعلى ضوء هذا الاختبار يمكننا التطبيق للخروج بالنتائج المرجوة لغالبية السوريين
في محافظة اللاذقية كلنا يعلم أنه يوجد معارضين كثر لعائلة الأسد ومن الطائفة العلوية ذاتها ويوجد مؤيدين ومن الطائفة السنية أيضاً , فلو أطلق بعض العقلاء في اللاذقية والساحل حملة مخلصة لتكوين جبهة سياسية عسكرية مشتركة هذه الجبهة يلتقي أفرادها على أهداف مشتركة كثيرة والهدف الرئيسي هو اسقاط نظام الأسد ومنها العداء لنظام الأسد والذي أدى لفناء الآلاف من أبناء الطائفة وفي نفس الوقت العمل المتواصل على وضع الساحل كله تحت مسمى الابادة الطائفية وكانت البداية فيها من مجازر بانياس وبشكل علني ومفضوح , ويعلم الجميع أن لكل فعل له رد فعل يماثله ويعاكسه , وعندها ستكون المجازر متواصلة بين الطرفين والخاسر هم الطرفين بينما المجرم بشار وعائلته بعيدون عن المحاسبة وإن ضاقت عليهم الأمور فالأبواب مفتحة أمامهم في أماكن كثيرة من دول العالم , ومن خلال هذه الجبهة نستطيع توحيد الجهود وتحرير الساحل من براثن المجرمين ونقضي فيها على التطهير الطائفي والصراع الدائم بين مكونات أهل الساحل بشكل خاص وفي سوريا بشكل عام .

ألم يحن الوقت بعدها حتى نخرج من الكوارث التي نحن فيها وفي نفس الوقت نعتمد على ذاتنا لدرئ الكوارث القادمة ؟
د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق