حينما شاركت في المنتدى
العربي للإعلام الذي انعقد في دبي يومي 14 و 15 أيار 2013
لم أشارك ترفاً وبطراً .. ولا
رياءً ولا سمعةً .. ولا لتضييع الوقت .. ولا مضاهاة للإعلاميين .. ولا رغبة في
البروز والظهور .. ولا في جدال المتكلمين ومقارعتهم .. بالحجج والأفكار ..
ولكن ..
لنقل نبض الثورة السورية
إلى الإعلام بطريقة مباشرة .. ومختلفة عما ألفته وسائل الإعلام .. ولتصحيح بعض
المفاهيم المغلوطة عنها .. وللدفاع عنها .. وعن بلدي وشعبي ..
وقد كانوا يسألونني : هل
أنت من رجال الإعلام ؟؟؟
كنت أجيبهم :
أنا من رجال الحياة .. أنا
ممن صنعوا الإعلام .. وصنعوا الأحداث .. وسطروا على جبين الزمان أروع ملحمة بطولية
.. شهدها الإنسان في تاريخ الكرة الأرضية ..
أنا ممن سالت أنهار الدماء
من أجسادهم .. أنا ممن فجروا البركان .. وحطموا أصنام الطاغوت والإستبداد .. ودكوا
معاقل الديكتاتورية والإستكبار ..
أنا من قلب الثورة .. التي
أضاءت بلهيبها دروب الحرية .. للسالكين في
طريق العزة والكرامة ..
أنا ممن يمارس الإعلام عن
عقيدة وإيمان .. وفكر متوثب .. ونفس طامحة إلى السمو والإرتقاء .. وقلب ينبض
بالحياة .. كما يريدها خالق الموت والحياة .. لا لأجل دراهم معدودة .. ولا لأجل
وظيفة هنا أو هناك ..
أنا ممن يعمل بحرية تامة ..
وتوجيهات ربانية .. لا بأوامر عبيدية ..
أنا ممن يتعامل مع أحداث
الثورة بناموس إلهي .. قرآني .. خبير بالنفس البشرية .. وعليم بنوازعها وأهوائها
وغرائزها .. وميولها وتطلعاتها .. لا بنظريات إنسية شيطانية مريدة ..
أنا ممن ينظر من قمة جبل
شاهق .. إلى أحداث الدنيا والآخرة معاً ..
أنا ممن يؤمن ويعتقد .. أن
الإعلام لم يعد في هذا الزمان حرفة أو مهنة لكسب المال فحسب .. وإنما أصبح الإعلام هو
الحياة بكل جوانبها وإحتياجاتها ومتطلباتها .. ومن حق كل حر على هذه الأرض أن
يمارس الإعلام .. ويتفاعل مع الأحداث .. ويشارك في تحليلها وتفسيرها ..
إنه لم يعد حكراً على
مجموعة من الأشخاص .. لا يستخدمونه إلا بدوافع مادية بحتة .. لكسب بعض الدولارات
المعدودة .. ثم تنتهي مهمتهم ووظيفتهم ..
وليحترق بعد ذلك العالم كله ...
حينما أقول أنا ..
لا أعني شخصي الضعيف ..
الفقير ..
وإنما أعني كل إنسان ذكر
أو أنثى شارك .. وساهم .. وفجر الثورة السورية المباركة ..
هكذا أنا بالنسبة للإعلام
..
أما الإعلاميون .. فيا
حسرتاه عليهم ..
يحسبون أنهم يحسنون صنعاً
.. وهم يتألقون من خلال الشاشة الفضية .. يتكلمون وهم يُكَسِرون اللغة العربية
تكسيراً .. ويحطمونها تحطيماً .. وبعضهم لا يتكلم إلا باللغة العامية المحلية ..
إيه .. على أيام زمان ..
كانت أيام زمان .. قبل نصف
قرن أو يزيد .. لا يُقبل أي شخص في الإذاعة أو التلفاز .. حتى يُثبتَ أنه يجيد
اللغة العربية أداءً .. قولاً وكتابةً .. وصوته يهز أركان الدنيا بنغمته ..
وإيقاعه .. وموسيقاه التي تؤثر .. وتلهب العواطف والمشاعر ..
أما اليوم ..
فقد وجدت معظمهم – حتى
الذين يُدرِسون في كليات الإعلام ويتخرج من تحت أيديهم مئات الإعلاميين سنوياً - سطحيين
في التفكير والتحليل لأحداث العالم .. وخاصة أحداث الثورة السورية .. يحاولون
تطبيق نظريات غربية أو شرقية تعلموها على مقاعد الدراسة .. لتفسير أحداث التاريخ
والحياة والكون .. بنظرة قاصرة منقوصة .. محدودة بالتفكير البشري الضعيف العاجز
القاصر ..
أما أسباب هذه السطحية في
التفكير :
أولاً : أنهم يعتمدون على
الفكر العبيدي – المحدود في نطاق التاريخ والزمن والجغرافيا – ويتركون الفكر
الرباني الذي يتسع السموات والأرض .. والزمان والمكان .. والحياة الدنيا والآخرة..
والسبب الثاني : أنهم لا
يزالوا غير أحرار .. بالرغم من أنهم ينقلون أخبار الأحرار .. لا يزالون سجناء
الخوف والرعب من إدارة المؤسسة التي يعملون فيها .. يتحركون كما تتحرك .. ويتكلمون
بما هو يعجبها ويرضيها سواء كان حقاً أو باطلاً .. إنهم يرون ما ترى هي .. لا ما
يرون هم ..
إنهم يخافون على رزقهم ..
فلا يتجرؤون على مخالفة ما يأتيهم من تعليمات ..
ومما يعزز ويقوي كلامي ..
أني وجدت من خلال متابعاتي
ومراقبتي لشباب الثورة السورية .. التي نهلوا ورضعوا من فكر القرآن .. وهم لا يزالوا
شباباً صغاراً ..
أنهم يكتبون في المواقع
الإجتماعية .. ويحللون .. ويفسرون بأرقى .. وأسمى .. وأعلى .. من كثير من أكابر
المحللين السياسيين الماديين .. سواء كانوا عرباً أو إفرنجاً ..
وذلك بعد أن تحرروا من
الخوف الذي كان يقيدهم .. ويمنعهم من الإبداع والتفكير الحر ..
الجمعة 7 رجب 1434
17 أيار 2013
د/ موفق مصطفى السباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق