ومن يدري .. قد يكون المتسلقون سبباً
في استمرار الثورة حتى تحقيق "أول" أهدافها..
قد يقال إن الثوار المخلصين الذين
أشعلوا الثورة وحملوا شعاراتها الأصل وهم قادتها في نقائها الأول قد اعتقل معظمهم أو
استشهد أو أخرج اضطراراً عن رغبة أو بدونها من البلاد وفي هذا الصدد:
1- البديهية الأولى: المخلصون لا يمكن
عقلاً أن يقضى عليهم تماماً بحيث يطهرُ الفاسدون الأرض منهم!! مهما حاول النظام ومساندوه
ومهما سلكوا من السبل ومهما كانوا دقيقين في تقديراتهم ومخططاتهم وسلوكهم وعشوائيتهم
أيضاً.
2- البديهية الثانية: اشتعال البلاد
بالطريقة التي أشعلها النظام قد أفرز للنظام أعداءً من شعبه متزايدين بشكل متوالية
هندسية، طبعاً من البديهي بالتالي أن يكونوا مختلفين في مستويات إخلاصهم للثورة وإخلاصهم
في حمل مبادئها ومختلفين في مستويات تحقيقهم لشعاراتها الأصل التي خرج المتظاهرون الأوائل
بها.
3- البديهية الثالثة: مع الزمن نجد
أن منهم من خرج "ثأراً" لأخيه المعتقل أو أبيه المهان أو حتى لإرضاء مصلحة
ما أو لتسلق معين أو اكتساباً لشيء بعد فترة من مضي زمن عجلتها وازدياد معطياتها وتعقيداتها
.. ولكن من البديهي أيضاً بأن "كلهم متفقون -قولاً واحداً- على عداء" هذا
النظام ويسعون لزواله .. رافضين له ولكل منهم أسبابه التي قد لا توافق شعارات الثورة
وأهدافها .. خاصة وقد خلا من بينهم سالم من سوء المآلات التي يتحمل النظام مسؤوليتها
ووزرها لسوء تعامله مع الثورة، هؤلاء المشتركون في معارضتهم للنظام وعدم قبول سيادته،
هم (من يفترض أنهم القاعدة الشعبية التي سلبت من النظام تماماً).
4- البديهية الرابعة: قد يقول البعض
أن النظام يعتمد في حكمه أصلاً على القوة والإكراه ولا يعتمد على قاعدة شعبية، وهذا
كلام يخلو من الصواب الكامل، لأن الإكراه كان عهد الأب ولكن على عهد الابن تمكن نوعاً
ما من كسب شيء من القاعدة الشعبية والتي سرعان ما اكتشف الناس زيفها مع أكبر اختبار
خلال الثورة، وإنّ خلو القاعدة الشعبية من التأييد لا يمكن من السيطرة على البلاد.
5- البديهية الخامسة: الدول الغربية
لا تتعامل مع نظام فاقد للسيطرة، وهذا حال النظام السوري حكماً.
وبهذا فالبديهيات الخمس: الثوار المخلصون
لن ينتهوا - المعارضون للنظام (ثوار وغيرهم) قاعدتهم عريضة جداً لا يمكن بحال السيطرة
عليهم مهما كان، إخلاصهم للثورة متفاوت وبالتالي قد نجد من لا يمثلون الثورة تماماً
في هذه المرحلة - النظام فاقد للقاعدة الشعبية – الدول لا تعترف بفاقد للسيطرة.
صحيح أن عدداً من الدول بعد أن كانت
قد صوتت ضد النظام قد التزمت الصمت لعدة أسباب منها ضبابية الصورة بخصوص الوضع السوري.
ولنفترض جدلاً أسوأ ما يمكن أن يكون قد حل بالثورة وهو: أن الساحة خلت من المخلصين
لها وأنها امتلأت بالمتسلقين وأنصاف الثوار والمستفيدين وتجار الحروب والمنتفعين وعناصر
أخرى لا تعبر عن الشعب وعناصر أخرى من خارجه ومن القاعدة ووو .. والضعف كبير والجيدون
قليلون ولا يوجد تنسيق ولا اتحاد والأخطاء كثيرة، والعديد من الأيدي تلعب كما تشاء
وتتسلى بالقضية السورية .. واختلطت الأمور ولا أمل من السياسيين ..
ولكن رغم ذلك:
أليس هؤلاء "رغم عيوبهم"
من يقومون اليوم ضد النظام ويحاربونه؟ أليسوا اليوم هم الذين يحملون عبء مجابهته على
كل الساحة السورية ولو كانت الأوراق مختلطة؟ أليسوا اليوم كلهم في صف وخانة واحدة هي
خانة "إسقاط النظام"؟ وقد حملوا الأثقال التي أوصلها لهم المخلصون ليكملوا
دربهم على صعيد الإسقاط على الأقل؟؟؟ أليسوا محسوبين على معارضة النظام كيفما كانت
ألوانهم وانتماءاتهم وغاياتهم وأهدافهم وصوابها؟؟ وقد فاق تأثيرهم أثر المؤيدين قطعاً
وأصبحوا قوة لا يستهان بها وتحسب لهم الحسابات ؟ على عشوائيتهم وأخطائهم كما افترضنا
جدلاً؟
نعم قد يكون الثوار اليوم غير منظمين
وغير منسقين ولا يعرفون كيف يتّحدون لكثرة العوامل الدخيلة وكثرة التداخلات، ولكن لا
ينفي هذا حقيقة أن النظام مازال في مواجهة مع قوة من نوع خارج السيطرة تماماً (ولو
كانت غير تلك الأصل التي زجها في السجون والمعتقلات ظلماً وعدواناً وتسبب في إخراجها
من البلاد أو كان السبب في رحيل كثيرين إلى دار الخلود) كل هذا لا ينفي أنه أول من
حصد نتائج تشكلها ليقع في أشر أعماله .. نعم قد وقع النظام اليوم في حفرة حفرها بنفسه
.. ويوشك أن يطمر فوقه التراب.
وبهذا فالمستقبل بدءاً من المرحلة
هو التالي:
1- سيسقط النظام على أيد مختلفة الأهداف
والغايات ومهما كان حالها.
2- سيتراص المخلصون بعد أن يلملموا
شعثهم وافتراقهم وجراحاتهم ويبدؤون بإكمال مشوار الثورة بعد تحقيق أول خطوة من أهدافها
(إسقاط النظام).
بقلم: شام صافي
17-5-2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق