كنت قد كتبت قبل أيام
مقالة .. فيها منتهى الصراحة مع أهلنا .. وشعبنا في سورية المثخنة بالجراح العميقة
كانت بعنوان:
يا أيها السوريون قبل أن
تلوموا بشار المجرم .. لوموا أنفسكم ..
وكنت قد وعدتكم في نهايتها بتخصيص مقالة عن طريق
النصر..
وها أنذا أعرض في هذه المقالة لملامح .. ومقتضيات ..
ومتطلبات النصر كما بينها الله رب العالمين ورسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم فقط
.. وفقط .. دون إقحام أي رأي بشري في ذلك .. إلا من باب الشرح
والتعليق والتفسير لعلماء الأمة المسلمة .. حتى أضع الناس على المحك .. وحتى يشعر
ويعلم كل سوري وكل مسلم بمسؤوليته الكاملة في تحقيق النصر ..
إما أن يتبعوا هذا الطريق الرباني فيفلحوا وينتصروا
.. أو يتنكبوه فيخسروا ويتعبوا .. ويبوؤا بالخذلان .. ويكونوا من الآثمين ..
المجرمين بحق أنفسهم .. وحق شعبهم .. وحق بلدهم ..
والذي لن يعجبه كلام رب البشر ولا رسوله .. ولا
يريد الإلتزام به .. فليصعد إلى السماء .. أو فلتهوي به الريح في مكان سحيق ..
وملامح طريق النصر .. هي إعتقاد وعمل
..
ولا يغني واحد منهما عن الآخر إطلاقاَ .. إطلاقاً
.. لابد من إرتباطهما معاً .. كإرتباط التيار السالب بالموجب في توليد وتشكيل
الكهرباء .. ولا بد من تطبيقهما معاً .. لتوليد النصر ..
الإعتقاد الذي يجب على كل مؤمن بالله وحده أن
يعتقده بشكل جازم وحاسم ويقيني .. هو : أن النصر من عند الله لا من عند سواه ..
والدليل قوله تعالى :
وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ
ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ آل
عمران .. آية 126
وأما العمل فهو كثير .. وكثير .. يشمل جوانب الحياة
البشرية كلها .. بحيث يجب أن تصطبغ وتتلون وتتشكل حسب رؤية الله تعالى .. وحسب
مراده .. وحسب أوامره وقانونه .. وليس حسب الأهواء البشرية .. أو القوانين
العبيدية .. أو الأمزجة الشخصية ..
وأي تشويش .. أو لبس بين الرؤية الربانية والرؤية
العبيدية .. أو مزج بينهما .. أو تخلي عن الأولى والإعتماد فقط على الثانية .. لا
يحقق النصر إطلاقاً ..
والدليل قول الله تعالى :
يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تَنصُرُوا
ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ سورة محمد آية 7
وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓ
ۗ
إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ الحج آية 40
هذه هي نقطة البداية :
أولاً :
إن الله تعالى يريد خلوص العبد وتجرده له وحده فقط .. وإستسلامه الكامل .. وخضوعه
التام له وحده ..
والدليل على ذلك قوله تعالى :
وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ
إِلَّا لِيَعْبُدُونِ الذاريات آية 56
وثانياً : أن يكون
الله ورسوله أحب إلى الإنسان من ذاته ومن
كل ما تحب وتهوى , وأن تحكمه في رغباتها ونزواتها وحركاتها وسكناتها , وسرها
وعلانيتها , ونشاطها كله وخلجاتها . . فهذا نصر الله في ذوات النفوس .
وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله :
أنْ يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبُّ إليه ممَّا سواهُما خلاصة حكم المحدث: صحيح
كنَّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وهو آخُذٌ بيدِ عمرَ بنِ
الخطابِ ، فقال له عمرُ : يا رسولَ اللهِ ، لأَنْتَ أحبُّ إليَّ مِن كلِّ شيءٍ إلا مِن نفسي ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا ، والذي نفسي بيدِه ، حتى أكونَ أحبَّإليك مِن نفسِك. فقال له عمرُ : فإنه الآن ، واللهِ ، لأَنتَ أحبُّ إليَّ مِن نفسي ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمرُ . خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وثالثاً : إن نصر الله يتحقق بنصرة شريعته ومنهاجه ,
ومحاولة تحكيمها في الحياة كلها بدون استثناء , فهذا نصر الله في واقع الحياة ...
والدليل هو قوله
تعالى :
إنِ ٱلْحُكْمُ
إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّآ إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ يوسف آية
40
ورابعاً : لا جهاد إلا لتكون كلمة الله هي العليا . العليا في
النفس والضمير . والعليا في الخلق والسلوك . والعليا في الأوضاع والنظم . والعليا
في العلاقات والإرتباطات في كل أنحاء الحياة . وما عدا هذا فليس لله . ولكن
للشيطان . وفيما عدا هذا ليست هناك شهادة ولا استشهاد .
وفيما عدا هذا .. ليس
هنالك جنة ولا نصر من عند الله .. ولا تثبيت للأقدام . وإنما هو الغبش وسوء التصور
والانحراف .
والدليل هو قول رسول
الله صلى الله عليه وسلم :
سئلَ النَّبيُّ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ عنِ الرَّجلِ يقاتلُ شجاعةً ،
ويقاتلُ حميَّةً ، ويقاتلُ رياءً ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ : من قاتلَ لتَكونَ كلمةُ اللهِ هيَ العليا ، فَهوَ في سبيلِ اللَّه.
الراوي: أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث:الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 2261
خلاصة حكم المحدث: صحيح
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وخامساً : وجوب عدم تصديق أي دعي .. أو ناعق .. أو أي ناطق
إلا بعد التثبت والتأكد من صحة الخبر .. وإلا إنحراف عن منهج الله وتعليماته ..
ووقوع في الفسق والندم وإتباع للهوى والنزوات ..
والدليل قول رب
العالمين :
يَـٰأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا
بِجَهَـٰلَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَـٰدِمِينَ الحجرات
آية 6
وسادساً : إن نشر الشائعات المغرضة .. وإذاعة الأخبار قبل
التأكد من صحتها .. يؤدي إلى خلخلة وتمزق في صف الثوار .. وتحطيم المعنويات ..
وفقدان الثقة بينهم ..
والدليل قول رب
العالمين محذرا وموجها :
وَإِذَا
جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلْأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِۦ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِى
ٱلْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُۥ مِنْهُمْ ۗ النساء آية 83
وسابعاً : إن التسابق إلى نشر الأخبار أيا كان مصدرها ..
ومهاجمة الأشخاص المقصودين في الخبر .. وتجريحهم .. هي القاصمة .. بل هي الحالقة
.. بل هي القاضية على الثورة والثوار .. والمؤخرة لتحقيق نصر الله ..
والدليل قول رسول
الله صلى الله عليه وسلم
كَفَى
بالمرءِ كذِبًا أن يحدِّثَ بِكُلِّ ما سمِعَ خلاصة حكم المحدث: صحيح
وللحديث بقية إن شاء
الله
الجمعة 14 رجب 1434
24 أيار 2013
د/ موفق مصطفى
السباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق