في هذه الحلقة يروي الرفيق أحمد
أبو صالح القصة الكاملة لأحداث مدينة حماة وتجرؤ جيش البعث العقائدي على قصف
المساجد واستباحة حرمتها:
أحمد منصور:
سآتي لها في 7 أبريل/نيسان 1964 اندلعت أحداث حماة وقصفت مئذنة مسجد السلطان،
ويقال أن هناك أربعين شهيدا، ألم يكن هذا تمردا على حكم البعث؟
أحمد أبو صالح:
يا سيدي، هاي أيضا يمكن ما حدا كتب عنها بدقة، في الحقيقة الفتنة قامت وبوجود عبد
الحليم خدام اللي الآن نائب رئيس جمهورية..
أحمد منصور:
كان محافظ حماة..
أحمد أبو صالح:
كان محافظا لمدينة حماة، قضية عادية جدا بين طالبين أحدهما سني والآخر علوي أو
نصيري..
أحمد منصور:
صح.
أحمد أبو صالح:
فبدلا من أن تعالج في حينها، مع الأسف الشديد لا أعرف سبب عدم معالجتها من قبل
المحافظ والمسؤولين الآخرين، المهم وقعت الفتنة، وكان أبرز شخص بين الإسلاميين -
ما بقول الإخوان المسلمين - هو مروان.. الشيخ مروان..
أحمد منصور:
الشيخ مروان حميد؟ مروان حديد..
أحمد أبو صالح:
حديد.. حديد، طبعا الرجل يعني ما سمح بأنه والله لأبناء هذه الطائفة إنه حتى
يحكموا المدارس، والأساتذة، يعني يتمردوا على الأساتذة، يتمردوا على كل شيء،
وكأنهم هم مثل المماليك في مصر إبان أوجهم فصعب عليه هو والآخرين وكان فيه هناك
استهتار بموضوع الدين واستخفاف بالمتدينيين ويظهروا بالشوارع مخمورين وإلى آخره،
فصار فيه هناك حركة بحماة على أثر يعني هذه الشعلة أو هذه الفتيلة أو كذا، فمع
الأسف الشديد الضباط غير السنة من عزت جديد إلى حمد عبيد، إلى..
أحمد منصور:
دروز..
أحمد أبو صالح:
إلى.. حمد عبيد درزي.
أحمد منصور:
عزت جديد علوي وحمد عبيد درزي.
أحمد أبو صالح:
نعم، وفيه واحد خير بك.. أنيس خير بك علويون.. يعني ما فيه حدا من هؤلاء من أبناء
الشعب اللي هم الأكثرية يعني السنة، فاستغلوها وبدءوا فعلا بقصف المدينة ومنها
مئذنة الشيخ، أمين الحافظ.
أحمد منصور:
أمين الحافظ بيقول قصفت المدينة بدون إذنه.
أحمد أبو صالح:
شوف صح، أمين الحافظ في مجلس قيادة الثورة عندما يعني احتدمت الأمور بحثنا في.. في
مجلس قيادة الثورة كيف يمكن أن تعالج هذه المشكلة؟ هناك من اقترح أنه أبو طموح
باعتباره ابن عائلة فيها نسبة كبيرة من المشايخ وعلاقتهم كبيرة في مشايخ حماة.
أحمد منصور:
أنت متمرد على المشايخ.
أحمد أبو صالح:
لأ، بس بالنسبة إلهم يعني فبيعرفوا إنه عائلتنا فعلا فيها نسبة كبيرة من المشايخ،
فالمهم وإذ احد الموجودين شبلي العيسمي أو.. أو صلاح البيطار قال لا لا، أبو طموح
عنيف ما بدنا، يعني الأفضل يبقى هون خلي غيره يروح، وإذا ميشيل بالذات قال ما فيه
غير أمين الحافظ يروح بيعالج المشكلة.
أحمد منصور:
راح بقى يعمل أيه؟
أحمد أبو صالح:
أمين الحافظ.
أحمد منصور:
راح قال لهم: ((نحن نقول للمتآمرين ومن خلفهم ما هي إلا أيام قليلة حتى نسحقهم ومن
معهم ومن خلفهم وسيعلم المتآمرون أي منقلب ينقلبون)).
أحمد أبو صالح:
وبيحكي أكثر من هيك.
أحمد منصور:
لأ وبعدين قال لهم: ((سنحكم بالموت على كل من يستحق الموت، ونعاقب بالسجن
المشاغبين، وسنسوقهم إلى تدمر مشيا على الأقدام حتى.. حيث يبقون حتى يتحولوا إلى
أناس طيبين، ولسوف نمشط المدينة لمصادرة السلاح، ولن نترك فيها غير سكاكين
المطابخ)).
أحمد أبو صالح:
يا سيدي قصة تدمر مو مشيا على الأقدام، سحلا بالدبابات وبالطيارات و..
أحمد منصور:
بعض الناس اللي بيكتبوا بيبقوا شوية زي جزمة عبد الناصر وحذائه.
أحمد أبو صالح:
أيوه، المهم اقترحوا أمين الحافظ، أمين الحافظ شو قال؟ قال أنا مستعد باروح أنا
وابو أسامة ونور الدين (كان وزير داخلية).
أحمد منصور:
أبو أسامة صلاح جديد.
أحمد أبو صالح:
صلاح جديد، ما بيقدر هو بلا أسامة يعني أبو أسامة، وصلاح.. ونور الدين الأتاسي، بس
بشرط تفوضوني تفويض مطلق، تفويض مطلق بأن أقوم بكل ما أعتقد أنه بيقمع ها
الانتفاضة أو يعني التمرد أو كذا، فسألوه إنه مثل إيش مثلا يعني نفوضك بشو؟ قال
لهم أنا بدي أجرهم بالسلاسل والحبال إلى تدمر نساء ورجالا وأطفالا، شبلي العيسمي
احتج إنه هاي أطفالا ونساء بلاها، هو، قلت له هاي بلاها، يعني أنت قبلان يجر
الرجال، أنا ما استمعتوا لرأيي بس قلتوا إنه أنا يعني عنيف، ورفضتوني، فالآن وقت
اللي بينحكى ها الحكي هذا.. أخي هذا.. هذا أخي يعني أقسى بكثير مما كنتم تظنون
بأنه أنا يمكن أن أقدم عليه، ومع ذلك راح وإجا معاه.
أحمد منصور:
راح خد موافقة إنه يجر.
أحمد أبو صالح:
أه أخذ موافقة طبعا مجلس قيادة الثورة.
أحمد منصور:
أعطاه موافقة؟!
أحمد أبو صالح:
على كل شيء ما عدا إنه ما يجر النساء والأطفال.
أحمد منصور:
بس.
أحمد أبو صالح:
آه، بس، الباقين له أن يتصرف كما يشاء، راح أمين الحافظ ومعه صلاح جديد ونور الدين
الأتاسي، في اليوم الثاني اتصل في أمين الحافظ، قال لي أبو طموح أرجوك بأسرع ما
يمكن تيجي إلى حماة، حس هو بأنه يعني هؤلاء الناس اللي.. اللي ضربوا وقتلوا بدهم..
أخذوا عدد كبير جدا من الناس إلى الثكنات العسكرية بدهم يعدموهم، أنا ما كنت عرفان
إنه بس ليش إصراره، وسألته قال لي أبو طموح بعدين بتعرف ما فيه بتقدر توصل لحماة
بساعتين، وفعلا في ساعتين وصلت لأنه 200 كيلو متر عن دمشق. بسيارة الوزارة وسقتها
لحالي ما أخذت معي سائق، رحت لهناك دخلت على مكتب عبد الحليم خدام كمحافظ، الحاجب
قال لي والله يا أستاذ طلع هو وأمين الحافظ وصلاح جديد ونور الدين الأتاسي لثكنة
من الثكنات، ما أنا عرفان ليش طلعوا على الثكنة، وقعدت أنا على كرسي المحافظ ودعيت
وجهاء المدينة، كلهم استجابوا .
أحمد منصور:
مين أبرز الشخصيات؟
أحمد أبو صالح:
مثلا الحامد كان مفتي.
أحمد منصور:
الشيخ محمد الحامد.
أحمد أبو صالح:
الشيخ محمد الحامد وآخرين، يعني هذا ابرز واحد أذكره جيدا، لأنه هو الذي تحدث باسم
المجتمعين، تحدث الرجل باسم هؤلاء الناس، كيف ممكن هذا يصير، الدين، يعني البلد،
الاستخفاف، وبعدين ليش يعني أنتم تحموا مثلا النصيرية بمواجهة الأكثرية؟ ليش كذا؟
ليش كذا، حكى الرجل بوضوح وصراحة وإنه نحنا ما إنا راغبين بأنه والله ننتفض على
النظام ويزداد عدد القتلى والجرحى والتخريب والكذا والكذا والكذا، وبصراحة يعني
اللي قاموا بها العمل معروفين وأنتم أدرى الناس فيهم، حمد عبيد، وعزت جديد، وأنيس
خير بك، بمعنى أنه كلهم ما لهم علاقة بالسنة ما نعلم، أنا الحقيقة حكيت بمنطق
إيجابي جدا إنه أنا معكم هذا لا يجوز، وأنا كنت أثرت موضوع يعني استشراء أمر
الطائفية، لأنه أنا حكيت عن عدس علويين ودروز وإسماعليين لدى عودتي من اللاذقية
يمكن أثرت هذا الموضوع، ولكن بصراحة يعني أيضا الاستمرار بالعصيان يعني أنا رجل من
المسؤولين ما باقدر أصف معكم إنه تعال (يلعن أبوهم)، فيعني كمان هذا الأسلوب اللي
اتبع بحماة من قبل بعض المتحمسين وإلى آخره هذا أيضا غير جائز تعال..أعطونا فرصة
من الزمن، ولعلمكم أنا يعني, انتم تعرفوني وقال لي الشيخ هذا محمد قال لي طبعا
نعرفك أستاذ أصلا أنت لولا تكون فلان وابن فلان وابن عم فلان، ومن عائلة.. نحن ما
كنا جينا، نحن ما كنا جينا..
أحمد منصور:
عشان ولاد عمك المشايخ.
أحمد أبو صالح:
آه، من شان ولاد عمي وممكن صافيني معاهم.. معاهم يعني المهم إجا عندنا..
أحمد منصور:
بركاتهم حلت عليك.
أحمد أبو صالح:
آه، إجا أمين الحافظ ومعه نور الدين وصلاح
جديد، أنا مستمر بالحديث لإشعار هؤلاء الناس بأنه نحن ما إنا عبيد ولا إنا أرقاء
وإلنا صوتنا وإلنا رأينا وإلى آخره، استمريت بالحديث وما.. ما تزحزحت عن الكرسي.
أحمد منصور:
قل لي لمين؟ إثبات لمين يعني؟
أحمد أبو صالح:
لا، لما جاء أمين الحافظ وصلاح الدين ونور الدين الأتاسي.
أحمد منصور:
أيوه، حبيت تثبت لمين، بتثبت لأمين الحافظ والمجموعة يعني؟
أحمد أبو صالح:
للناس إللي موجودين بأنه ما. لمجرد ما يجوا ها دولي يعني أنا خلاص قطعت حديثي
وأعطيت الكرسي لأمين الحافظ وقلت له تفضل سلمته الك.
أحمد منصور:
رغم رئيس.. رغم إنه رئيس الدولة ومعاه وزير الداخلية و..
أحمد أبو صالح:
آه، بالبدلة العسكرية، وبالبدلة العسكرية كمان، ما أنا ما قمت..
أحمد منصور:
واخد تفويض بالسحل والجر و..
أحمد أبو صالح:
آه ما قمت أنا، استمريت بالحديث نور الدين الأتاسي ايجا على الطرف وصار يغمزني إنه
بما معناه إنه قوم، ويتعمد إنه يخلي أمين الحافظ وصلاح جديد يشوفوه إنه هو يعني عم
يشير لوجوب إنه أنا أقوم وأعطي المكان لأمين الحافظ والتفت عليه أنا قلت له عيب
نور الدين، بيكفي، عملتها مرة وأنا ما استجبت، بيكفي يا أخي اتركنا نحكي، هنا حسوا
الناس اللي موجودين بأنه هذا أبو طموح يعني ما هو أساسي في المجموعة هاي الكذا
الكذا، يعني كان تقييمهم إلى تقييم إيجابي جدا، أمين الحافظ للتاريخ قال له نور
الدين، قال له اتركه نور الدين خليه يكمل حديثه أبو طموح، وكانوا مرتاحين الناس،
المهم بعدين أنا قلت له الآن أبو عبده يمكن في عنده شيء يقوله بعد عودته من
الثكنة، قام قعد أمين الحافظ وطمأنهم وقال لهم: نحن كنا بالثكنة وفيه عدد كبير من
المعتقلين أبناءكم وأبناء حماة اللي هي عزيزة على قلوبنا - بدأ هذا - ويعني قررنا
الإفراج عنهم.
أحمد منصور:
كان عددهم قد أيه تفتكر؟
أحمد أبو صالح:
بالضبط ما بعرف يعني، المهم بعدين هو قال لي أبو عبده، قال لي أبو طموح لولا أنا
أكون هون وأطلع معهم على الثكنة كانوا بيعدموهم كلهم.
أحمد منصور:
مباشرة بدون حكم، بدون محكمة، بدون أي شيء؟!
أحمد أبو صالح:
أيه قال لي، كانوا مستعدين يعدموهم كلهم بها البساطة، فيعني أنا اتصلت فيك من شان
أنت تضم صوتك لصوتي على الأقل وأعرف إنه هادولا الجماعة بحماة هم علاقتهم وطيدة
جدا بحلب بشكل عام، وحمص علاقتهم وطيدة جدا بدمشق شايف، فيعني فيه ها العلاقات
الودية بين المدينتين زائد علاقات ودية بين عائلتنا والعائلات.. وحماة بلد محافظ
جدا حتى المسيحيين في حماة بيتحجبوا لعلمك، يعني مجاراة للأكثرية الساحقة.
أحمد منصور:
للبيئة.
أحمد أبو صالح:
للبيئة العايشين فيها، وفعلا بعدين نحن سافرنا وكانوا راضين الناس اللي اجتمعوا
في.. في يعني المكتب.
أحمد منصور:
وانتهى الموضوع بعديها.
أحمد أبو صالح:
انتهى الموضوع إلى حين.. انتهى الموضوع إلى حين.
أحمد منصور:
أخذ وقت طبعا، تقييمك أيه لأحداث حماة باختصار، 64؟
أحمد أبو صالح:
يعني الأولى أم.؟
أحمد منصور:
64،64 أنا ماليش دعوة باللي بعد كده مش شغلتكم.
أحمد أبو صالح:
أيوه، يعني يمكن اكتشفوا الحقيقة، قبل غيرهم من أبناء المحافظات الأخرى لقربهم من
المناطق اللي بيعيشوا فيها نصيريين، لأنهم ملاصقين تماما يعني النصيريين على حدود
حماة نسبتهم قليلة داخل المدينة، لكن كبيرة جدا خارج المدينة، وقد تصل إلى 90%،
شايف، وهم اللي اقتسموا الغاب بعد تجفيفه شايف، وبالتالي هم الحموية أحسوا قبل
غيرهم بأنه يعني فيه هناك طائفية قد تستشري ويصعب علاجها وهذا ما حدث فعلا يعني.
أحمد منصور:
استمرت الأحداث لمدة أسبوعين وخمدت بعد ذلك، حكم بالإعدام على البعض، وذهب الشيخ
محمد الحامد - كما يروي لي الرئيس أمين الحافظ في شهادته - إليه ويعني سمح له بأنه
عفى عن المجموعة التي كانت حكم عليها بالإعدام، هل صحيح أن الشيخ محمد الحامد قبل
رأس أمين الحافظ حتى يوافق على عدم إعدام الذين كان قد حكم عليهم بالإعدام؟
أحمد أبو صالح:
لعلمك هاي لأول مرة باسمع بها القصة، لأنه نحن طلعنا من حماة ورجعنا إلى دمشق،
يعني وهي بعد منتصف يمكن نيسان ما هيك؟
أحمد منصور:
نعم كانت في.. كانت في أبريل/نيسان انتهت 16 أبريل/نيسان وقف إطلاق النار واستمرت
لـ24 أبريل/نيسان إلى أن انتهت بشكل ما.
أحمد أبو صالح:
أيه فرجعنا.. رجعنا نحن.. أيه فرجعنا نحن لدمشق وما فيه حدا محكوم.. في حدود علمي
كانوا بدهم يحكموا بالإعدام وينفذوه يعني حكم ميداني وينفذوه..
أحمد منصور:
عفا عنهم بعد ذلك.
أحمد أبو صالح:
فيمكن المقصود إنه عفا عنهم وقت اللي كانوا بالثكنة معرضين لصدور حكم الإعدام.
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق