رغم مرور
عامين وأكثر من عمر الثورة السورية إلا أن الشعب السوري بقي ثابتاً رغم التضحيات
الجسام ، ومصراً على تقديم الغالي والنفيس من أجل الخلاص والتحرر من الاحتلال
الأسدي الإيراني لبلدهم ، فضرب أروع الأمثلة في الإقدام وسطر ملاحم بطولة وصمود
أمام نظام إجرامي لم يعرف العالم له مثيل ، في الوقت الذي بدا فيه الخطاب السياسي عاجزاً
عن اللحاق بركب الثورة المباركة ، ونقصد به خطاب المعارضة في الخارج ، بل وبدا في
كل لحظاته متأخراً عنها بعشرات الملايين من السنوات الضوئية.
فلا ترى هذه
الخطاب إذا خرج ، إلا منبطحاً صاغراً متهاوياً ، إذا ارتفع فإن قامته لا ترتقي إلى
أسفل حذاء مجاهد من مجاهدي هذا الشعب ، وهذا ما بدا عليه البيان الأخير الذي صدر
عن الائتلاف الوطني في التاسع والعشرين من أيار 2013م بخصوص مؤتمر جنيف .
فقد لفت
انتباهي في هذا البيان الشروط الثلاثة التي يستحق أن يقف الشخص عندها وهي : وقف
القتل والتدمير الذي يقوم به النظام ، وتمكين الشعب من الدفاع عن نفسه ، وإخراج
الغزو الإيراني وحزب الله من سوريا ، وفي حال أنجزت هذه الشروط – بمساعدة من المجتمع
الدولي – فإنها ستكون تمهيداً للدخول في أي حل سياسي ، واضع هنا على كلمة "
أنجزت " عشرات الخطوط لأنها مربط الفرس ، إضافة إلى التأكيد على ما سبق
الحديث عنه من ثوابت الائتلاف التي أقرت في الخامس عشر من شباط الماضي ، وتنص على
تنحية رأس النظام والقيادة الأمنية والعسكرية واعتبارهم خارج العملية السياسية .
وإلى هنا كان
الحديث متزناً ومترابطاً ، رغم إصرار البيان على تسمية هذا المجرم والإرهابي
والفاقد للشرعية باسم نظام ، حتى جاءت الفقرة التي تلتها لتؤكد عدم المصداقية ولا الجدية
فيما طرح أعلاه ، حيث جاء فيها : " وعليه فإننا نؤكد أن مشاركة السوريين في
أي مؤتمر مرتبط بتحديد الجدول الزمني للحل وتقديم الضمانات الدولية الملزمة "
إذ كيف يجمع البيان متناقضان !! ففي الفقرات الأولى أكد أنها يجب أن تنجز ، ثم عاد
ليؤكد تحديد جدول زمني لانجازها !! ليظهر وكأن هذه الفقرة تتنصل من كل ما أقر
أعلاه ، معتقدين أنه قد يعطيهم فرصة مراوغة وتنصل مما طرح ، بحيث تمكنهم من الذهاب
إلى المؤتمر قبل تحقق أي شرط من الشروط الثلاثة وجلوسهم إلى ممثلي الأسد وجهاً
لوجه بلا شروط مسبقة ، بحجة مناقشة تلك الضمانات وتمني الأماني ، دون أي استفادة
من نكث عهود من زعموا أنهم أصدقاء لهم ، كما حدث في مؤتمر روما ومؤتمر الأردن ، والتي
تم فيها الضغط على الائتلاف حتى حضر المؤتمر بعد أن أعلن قبلها أنه لن يحضر
المؤتمرين السابقين، وحضرها ليعود منهما بخفي حنين .
بينما كان
الأصل في الفقرة الأخيرة حتى يكون البيان متسلسلاً وصادقاً فيما طرح ، أن تكون :
" وعليه فإننا نؤكد للجميع ، سواء روسيا والصين وإيران شركاء الأسد في القتل
أو الزاعمين أنهم أصدقاء للشعب السوري ، أنه في حال لم يتم تنفيذ البنود الثلاثة
أعلاه ولم يصل مجلس الأمن إلى قرار يلزم الأسد بوقف قتله لشعبنا ، فإن مشاركة
السوريين في أي مؤتمر لن تكون ، وسيواصل هذا الشعب مساعيه للتحرر من الاحتلال
الجاثم على صدور أبنائه بأية وسيلة تمكنه من تحقيق هذه الهدف " وبعدها ستأتي
الفقرة التالية بالترحم على الشهداء والدعوة للجرحى بالشفاء وللمعتقلين بالحرية ،
في محلها الصحيح .
ولهذا وبناءً
على ما أقره البيان فإنه سيكون لزاماً على " الائتلاف السوري " أن يلزم
نفسه بما ادعاه ، وسيكون دخوله في أي حل سياسي قبل انجاز الشروط الثلاثة التي وردت
في البيان ؛ مجتمعة ، جريمة لا تغتفر ، وتلاعب بدم الشهداء وتفريط بالأعراض التي انتهكت
، وفي حال لم يكن بوسعه القدرة على اللحاق بركب هذا الشعب العظيم ، فليترجل جميع
من فيه وليُسقطوا أنفسهم من متاعه ويدعوه لشأنه ، فلن يضره إذا زاد مناصري المجرم
الأسد وداعميه واحداً جديداً، فهو ماضٍ لن يضره من خذله حتى يأتي الله بنصره وفتح
قريب وبشر المؤمنين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق