الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-05-31

ما هكذا تصاغ البيانات أيها السياسيون!! – بقلم: حذيفة العاصي

رغم مرور عامين وأكثر من عمر الثورة السورية إلا أن الشعب السوري بقي ثابتاً رغم التضحيات الجسام ، ومصراً على تقديم الغالي والنفيس من أجل الخلاص والتحرر من الاحتلال الأسدي الإيراني لبلدهم ، فضرب أروع الأمثلة في الإقدام وسطر ملاحم بطولة وصمود أمام نظام إجرامي لم يعرف العالم له مثيل ، في الوقت الذي بدا فيه الخطاب السياسي عاجزاً عن اللحاق بركب الثورة المباركة ، ونقصد به خطاب المعارضة في الخارج ، بل وبدا في كل لحظاته متأخراً عنها بعشرات الملايين من السنوات الضوئية.


فلا ترى هذه الخطاب إذا خرج ، إلا منبطحاً صاغراً متهاوياً ، إذا ارتفع فإن قامته لا ترتقي إلى أسفل حذاء مجاهد من مجاهدي هذا الشعب ، وهذا ما بدا عليه البيان الأخير الذي صدر عن الائتلاف الوطني في التاسع والعشرين من أيار 2013م بخصوص مؤتمر جنيف .

فقد لفت انتباهي في هذا البيان الشروط الثلاثة التي يستحق أن يقف الشخص عندها وهي : وقف القتل والتدمير الذي يقوم به النظام ، وتمكين الشعب من الدفاع عن نفسه ، وإخراج الغزو الإيراني وحزب الله من سوريا ، وفي حال أنجزت هذه الشروط – بمساعدة من المجتمع الدولي – فإنها ستكون تمهيداً للدخول في أي حل سياسي ، واضع هنا على كلمة " أنجزت " عشرات الخطوط لأنها مربط الفرس ، إضافة إلى التأكيد على ما سبق الحديث عنه من ثوابت الائتلاف التي أقرت في الخامس عشر من شباط الماضي ، وتنص على تنحية رأس النظام والقيادة الأمنية والعسكرية واعتبارهم خارج العملية السياسية .

وإلى هنا كان الحديث متزناً ومترابطاً ، رغم إصرار البيان على تسمية هذا المجرم والإرهابي والفاقد للشرعية باسم نظام ، حتى جاءت الفقرة التي تلتها لتؤكد عدم المصداقية ولا الجدية فيما طرح أعلاه ، حيث جاء فيها : " وعليه فإننا نؤكد أن مشاركة السوريين في أي مؤتمر مرتبط بتحديد الجدول الزمني للحل وتقديم الضمانات الدولية الملزمة " إذ كيف يجمع البيان متناقضان !! ففي الفقرات الأولى أكد أنها يجب أن تنجز ، ثم عاد ليؤكد تحديد جدول زمني لانجازها !! ليظهر وكأن هذه الفقرة تتنصل من كل ما أقر أعلاه ، معتقدين أنه قد يعطيهم فرصة مراوغة وتنصل مما طرح ، بحيث تمكنهم من الذهاب إلى المؤتمر قبل تحقق أي شرط من الشروط الثلاثة وجلوسهم إلى ممثلي الأسد وجهاً لوجه بلا شروط مسبقة ، بحجة مناقشة تلك الضمانات وتمني الأماني ، دون أي استفادة من نكث عهود من زعموا أنهم أصدقاء لهم ، كما حدث في مؤتمر روما ومؤتمر الأردن ، والتي تم فيها الضغط على الائتلاف حتى حضر المؤتمر بعد أن أعلن قبلها أنه لن يحضر المؤتمرين السابقين، وحضرها ليعود منهما بخفي حنين .

بينما كان الأصل في الفقرة الأخيرة حتى يكون البيان متسلسلاً وصادقاً فيما طرح ، أن تكون : " وعليه فإننا نؤكد للجميع ، سواء روسيا والصين وإيران شركاء الأسد في القتل أو الزاعمين أنهم أصدقاء للشعب السوري ، أنه في حال لم يتم تنفيذ البنود الثلاثة أعلاه ولم يصل مجلس الأمن إلى قرار يلزم الأسد بوقف قتله لشعبنا ، فإن مشاركة السوريين في أي مؤتمر لن تكون ، وسيواصل هذا الشعب مساعيه للتحرر من الاحتلال الجاثم على صدور أبنائه بأية وسيلة تمكنه من تحقيق هذه الهدف " وبعدها ستأتي الفقرة التالية بالترحم على الشهداء والدعوة للجرحى بالشفاء وللمعتقلين بالحرية ، في محلها الصحيح .

ولهذا وبناءً على ما أقره البيان فإنه سيكون لزاماً على " الائتلاف السوري " أن يلزم نفسه بما ادعاه ، وسيكون دخوله في أي حل سياسي قبل انجاز الشروط الثلاثة التي وردت في البيان ؛ مجتمعة ، جريمة لا تغتفر ، وتلاعب بدم الشهداء وتفريط بالأعراض التي انتهكت ، وفي حال لم يكن بوسعه القدرة على اللحاق بركب هذا الشعب العظيم ، فليترجل جميع من فيه وليُسقطوا أنفسهم من متاعه ويدعوه لشأنه ، فلن يضره إذا زاد مناصري المجرم الأسد وداعميه واحداً جديداً، فهو ماضٍ لن يضره من خذله حتى يأتي الله بنصره وفتح قريب وبشر المؤمنين .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق