العنوان الأصلي للمقال
The Arab
Spring: what's in it for us?
By: Roland
Freudenstein
European View (2011) 10:67–72.
رولاند
فريدينستين (1)
ترجمة: أحمد جميل حمودي
مقدمة المترجم: يتعرض الكاتب إلى موجة حركات الاحتجاج والثورات الآخذة في
الانتشار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تُعرّض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة-حسب رأي الكاتب- لفرصة فريدة من نوعها : المساعدة في خلق بيئة أكثر حرية وأكثر استقرارا في مناطق الجنوب. ويرى الكاتب أن ثمة منهج استراتيجي مشترك مع الولايات المتحدة، ألا وهي سياسة الجوار الأوروبي European
Neighbourhood Policy ENP (2) التي ينبغي أن نعززها ونصلحها مع المشروطية السياسية الجدية Political Conditionality (3) والتأكيد مجددا على سياسة التجارة والهجرة،
وتعزيز الجهود بشكل كبير للمساعدة في بناء المجتمعات المدنية والأحزاب الديمقراطية في هذه المنطقة التي هي المكونات الحاسمة للتجاوب مع الربيع العربي المستند إلى قيمنا الأساسية(القيم الاوربية). وبدا الكاتب حذرا من وصول الجماعات الاسلامية للسلطة
وعدم تحبيذ توطيد العلاقة معها على حساب التيارات المدنية ولكن التغيرات الحادثة
فيما بعد كتابة الكاتب لمقاله تؤكد أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن وأن على
السياسات الاوربية إعادة النظر في كل استراتيجياتها الحالية، كما أكد الكاتب في
مواضع أخرى. المقال يبرز بشكل واضح كيف أن اوربا باتت مدركة للتغيرات الجارفة وسوف
يظهر "نمطيات التفكير الغربي" حول العالم العربي ما قبل الثورات وخلال
الثورات وما بعد الثورات وهو التحدي الذي سيواجه الدول الاوربية.
مصطلحات البحث
: الربيع العربي، الشرق الأوسط،
شمال أفريقيا، تعزيز الديمقراطية،
سياسة الجوار الأوروبي،المشروطية السياسية، التحولات، المجتمع
المدني، الهجرة، الاخوان المسلمون.
الشيء الوحيد
المؤكد حول "التسونامي السياسي" الذي يجتاح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو أنه لا شيء تقريبا سوف يكون كما كان قبل عام 2011. الشيء الآخر هو المواقف المتطورة التي تُظهر الصور المتنوعة على نحو متزايد. حتى الآن،
أدت حركات الاحتجاج الجديدة والثورات الى تغيير النظام بشكل ناجح في تونس ومصر. في الأنظمة الأخرى أدت إلى بعض الاصلاحات التي لا تزال آثارها غير منظورة ولم تفض الى حرب اهلية في ليبيا وسوريا التي يزداد احتمالها، كما زعزعت استقرار عدد من الأنظمة الاستبدادية في اليمن والبحرين ويحتمل أن تكون ممتدة الى مجموعة من الدول الأخرى مثل الأردن والمغرب وحتى المملكة العربية السعودية . لقد خلقت هذه الثورات المواقف الاستراتيجية الجديدة لإيران وتركيا وإسرائيل، ويمكن أن يكون لها تأثير حاسم على عملية السلام العربية الاسرائيلية.
لكن قبل كل شيء، حركات الاحتجاج والثورات، التي أصبحت تعرف بـ "الربيع العربي" ، تعرّض أوربا والولايات المتحدة لفرص فريدة من
نوعها
: المساعدة في نشر الحرية والديمقراطية، وفي هذه الحالة مئات الملايين من العرب يمكن أن يصلوا اخيرا إلى كامل امكاناتهم. في حال نجاح الربيع العربي سيؤدي الى استقرار كبير في الجنوب ودول الجوار للاتحاد الأوروبي، ومع ذلك التنمية محتملة. يجوز للمنطقة ان تمر بفترة طويلة من العنف وعدم الاستقرار والحرب، ويمكن أن تتفاقم أزمة اللاجئين. لذلك القضية بالنسبة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيها ذي شقين:
أولا، علينا أن نفهم بالضبط ماذا يحدث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وثانيا، علينا أن نناقش ماذا يجب أن يكون لدينا من ردود أفعال،
سواء على مستوى الاتحاد الأوروبي أوعلى مستوى
الحكومات
أوعلى مستوى الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية.
أوروبا والغرب كله، عليه بالتأكيد عدم الرهان على الحصان الخطأ عن طريق دعم )أو على الأقل عدم النضال) الطغاة والمستبدين في معظم بلدان المنطقة (MENA : الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) . قبولنا أساسا للغة الأقوياء في المنطقة، التي تنص على أن البديل للحكم الاستبدادي إما الفوضى أو الإسلاموية والجهادية، وذلك استمرارا للوضع الراهن، هو الضمانة الوحيدة لرؤية المصالح الغربية ولكن بشكل جزئي. الاستناد في بعض الأحيان إلى هذه الفكرة القائمة على افتراض ثقافي لا تناسب الثقافة والتقاليد في منطقة الشرق الأوسط الطامحة إلى بناء مجتمعات ديمقراطية ودول قائمة على سيادة القانون. الصحيح أيضا أن هناك العديد من الأصوات التي تنتقد الحكومات الغربية لعدم الوصول إلى حركات المعارضة الليبرالية في الأنظمة الاستبدادية بالشرق الاوسط،
سواء كانت إسلامية أو علمانية.
لأكثر من نصف قرن مضى سادت السياسة الواقعية.
لقد أثبتت الاحتجاجات والثورات التي شهدتها الأشهر الأخيرة إلى أن افتراضاتنا كانت افتراضا ثقافيا خاطئا. وكان، كما بدا
لنا، من الممكن الاستغناء عن منهج السياسة الواقعية بسرعة، وفي غضون أيام، خلال نهاية درامية لنظام مبارك في مصر في يناير كانون الثاني وأوائل فبراير 2011. الواقع الجديد لمصر وتونس أن الاحتجاج الشعبي في هذه البلدان كان على وشك تحقيق تغيير النظام بشكل كامل. جذور الاحتجاج هي مزيج من العوامل الديموغرافية والاجتماعية
والاقتصادية والسياسية: عدد غير مسبوق من الشباب في مواجهة الأنظمة الراكدة، الفاسدة والقمعية، وواجهت توقعات كئيبة لمستقبل تنميتهم الاقتصادية، وقرروا أن يجازفوا بكل شيء من أجل الفرصة لحياة أفضل. معرفتهم بما يحدث في العالم، مع وجود وسائل الإعلام مثل قناة الجزيرة وشبكة الإنترنت والمواقع الاجتماعية مثل الفيسبوك ويوتيوب، بالاضافة لحماقات وعدوان الأنظمة الحاكمة، كل هذه كانت عوامل متسارعة. المهم أن نلاحظ أن دور الحركات الإسلامية في هذه الثورات كان محدودا للغاية. الربيع العربي لا ينتمي إليها، ولكن نتائجها قد تأتي بعد لتعزيز دورها.
استخلاص أوجه الشبه في عصور الاضطرابات والتحولات في التاريخ قد تكون ممكنة. في عام 1989 كانت هناك تحولات في في أوروبا الوسطى والشرقية، وقبل ذلك
في عام 1968 كان هناك تحولات
في أوروبا الغربية، حتى نصل الى ما قبل ذلك في عام 1848 الذي عرف بربيع الأمم the Spring of Nations، أما على الصعيد الأكثر سوءا فكانت في 1979
الثورة الايرانية التي بدأت في تشكيل ائتلاف واسع النطاق وانتهى بها
المطاف في
الثيوقراطية الوحشية، أو في عام 1917 حيث البلاشفة الذين استولوا على السلطة في حالة من الفوضى العامة . كل هذه النماذج تعطي لنا فقط جزءا من الصورة.
احد العوامل الحاسمة التي لا تظهر في معظم هذه الحالات الموازية، ولكن قد تتحول لأن تكون مهمة جدا في سياق الشرق الأوسط، هي مسألة دور الدين في الدولة والمجتمع. فمن الممكن جدا أن يكون النموذج الرئيسي للتحولات في أعقاب الربيع العربي هو الانقسام الديني العلماني، وبعبارة أخرى، فإن الصراع بين التيار الإسلامي، والتي (مع الاحترام الواجب للتعقيدات المحلية) يطالب بدور للدين لا سيما في هياكل وتشريعات الدولة، أما الليبراليون العلمانيون (لعدم وجود
مصطلح أفضل) يريدون أن يروا فصلا واضحا لهياكل الدولة من الأطر الإسلامية.
سوف يكون هناك عاملا مهما آخر ألا وهو التنمية الاجتماعية والاقتصادية . إذا كانت آفاق الفقر والبطالة هي الدافع الرئيسي للثورات، ومن أجل التحول إلى النجاح، فإن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط سيكون لديها لخلق النمو الاقتصادي أبعاد غير مسبوقة تماما في السنوات القادمة.
آثار الثورات المباشرة على الأمن الدولي واضحة في ليبيا، التي كان فيها الغرب مترددا في البداية إلى أن قرر التدخل لصالح المتمردين، نظرا لاحتمال حدوث مذبحة للمدنيين وضربة حاسمة لتطلعات الربيع العربي ككل . على الجانب الآخر، زوال القذافي بإجباره على ترك السلطة، سيكون دفعة قوية لدول الشرق الأوسط الجديد.
لكن في المدى البعيد، قد تكون الآثار على الوضع الاسرائيلي والفلسطيني أكثر دراماتيكية. حكومة الوحدة
الوطنية الفلسطينية بين فتح وحماس، نجمت عن خسارة لكل من الطرفين بسبب الدعم الحاسم (دعم مبارك لحركة فتح، وبشار الاسد لحماس (، الذي أدى إلى تعقيد الوضع الاستراتيجي لاسرائيل، ولا سيما في مواجهة إعلان وشيك للدولة الفلسطينية. الأكثر خطورة بالنسبة لاسرائيل هي إمكانية إلغاء مصر والأردن لمعاهدات السلام مع إسرائيل، هو ليس احتمالا وشيكا،
ولكن
من الممكن أن يكون بشكل واضح في المستقبل القريب.
وينطبق الشيء نفسه فيما يتعلق بالوضع المعزز لإيران، التي هي نفسها تعرضت لحركات احتجاجية في فبراير، ويبدو أن بعض الهدوء أصاب نشاط المعارضة بعد أن قمعت بوحشية.
ايران أقوى يعني المزيد من الدعم للحركات الإرهابية في جميع أنحاء المنطقة.
ويبدو أن تركيا قد كسبت الكثير من الربيع العربي في البداية واعتُبرت نموذجا محتملا في المنطقة، بوصفها دولة ديمقراطية علمانية في مجتمع مسلم و
إسلاميين معتدلين في السلطة.
ولكن الوضع السوري مفتوح الاتجاهات ، مع احتمال موجات من اللاجئين التي لها تأثير مزعزع للاستقرار بشكل كبير على حدود تركيا الجنوبية، وهو الذي أجبر الحكومة التركية لتعديل موقفها في جانب واحد (إدانة المستبدين الموالين للغرب والسكوت عن سوريا وإيران).
نحو إجابة غربية:
الغرب لديه دون شك دوراً مهمّاً يؤديه في هذا كله. الحقيقة أن الحكومات الغربية ارتكبت أخطاء جسيمة في الماضي، بصداقة المستبدين وإهمال المجتمع المدني. وهذا لا يعني أننا الآن سنتخلى أو نقدم المساعدة من دون اتخاذ القرارات على أساس قيمنا الأساسية لحقوق الإنسان، والديمقراطية التعددية وسيادة القانون. انتصار هذه القيم في الربيع العربي ينبغي أن تعطينا الثقة، إلى جانب ضرورة لا يمكن إنكارها ألا وهي إجراء فحص دقيق لاستراتيجياتنا في الماضي.
الغرب لديه دون شك دوراً مهمّاً يؤديه في هذا كله. الحقيقة أن الحكومات الغربية ارتكبت أخطاء جسيمة في الماضي، بصداقة المستبدين وإهمال المجتمع المدني. وهذا لا يعني أننا الآن سنتخلى أو نقدم المساعدة من دون اتخاذ القرارات على أساس قيمنا الأساسية لحقوق الإنسان، والديمقراطية التعددية وسيادة القانون. انتصار هذه القيم في الربيع العربي ينبغي أن تعطينا الثقة، إلى جانب ضرورة لا يمكن إنكارها ألا وهي إجراء فحص دقيق لاستراتيجياتنا في الماضي.
أولا وقبل كل شيء، ينبغي على السياسة الأوروبية تجاه منطقة الشرق الأوسط التنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة. كل من أوروبا والولايات المتحدة في هذا التعاون سوياً،
لدينا الكثير لنكسبه من
نهج منسق على الصعيد الحكومي وعلى مستوى المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني.
الاتحاد
الأوروبي يمتلك عقدين من الخبرة في دعم الانتقال من الأنظمة الاستبدادية إلى ديمقراطيات السوق التي سوف تكون أحد العوامل الهامة لسياسة الجوار الأوروبي .(ENP) وهناك إجماع على أن سياسة الجوار الأوروبي هي الأداة الحاسمة لمعالجة التغيرات التي أحدثها الربيع العربي.
وهناك أيضا إجماع على أن سياسة الجوار الأوروبي لا بد لها من إصلاح جذري، مع التزامات أكثر وضوحا بشكل مشروط، واتباع منهج أكثر
استراتيجية
في العلاقات التجارية وتعزيز بُعد المجتمع المدني.
فيما يتعلق بالمشروطية conditionality، تجربة الاتحاد الأوروبي في منطقة البحر الأبيض المتوسط تشير إلى أنه من الآن فصاعدا التعاون والتحسينات الملموسة في مجال حقوق الإنسان وسيادة القانون يجب أن تؤخذ على محمل الجد. هذا هو أسهل ما نقوم به، خصوصا أنه
سيكون هناك
الحالات التي تواجه الحكومات الأكثر شرعية وديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط مع ما يعتبرونه شروطا عليهم أشد صرامة من أسلافهم غير الديمقراطيين. لكن إذا كنا نريد استعادة المصداقية، ليس هناك بديل لمشروطية أكثر صرامة.
نقطة أخرى من النقاش
الداخلي في الاتحاد الأوروبي هو التدافع المرئي بالفعل بين الجنوب والدول الأعضاء في شرق اوربا حول الأولويات في إطار سياسة الجوار الأوروبي: في حين أن بلدان البحر الأبيض المتوسط في الاتحاد الأوروبي، لا سيما في ضوء
تكشُّف أزمة اللاجئين ، تريد إعطاء الأولوية للبعد الجنوبي لسياسة الجوار
الأوروبي، أما الدول الأعضاء الجدد في أوروبا الوسطى والشرقية ترغب في الابقاء على البعد الشرقي تحت ستار الشراكة الشرقية . لكي نكون
منصفين، البعدان ليسا متماثلين في حجمهما المالي ، لكن هناك ما هو أكثر من ذلك ألا
وهو الحفاظ على توازن سليم بين الأولويتين. في النهاية، هي تتعلق بالقضية الاستراتيجية: تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية التعددية والحكم الرشيد في بلدان قريبة منا، مع العلم بأن عدم وجود هذه العوامل يؤدي تلقائيا إلى مخاطر بالنسبة للاتحاد الأوروبي نفسه، من حيث اللاجئين، والجريمة المنظمة، وفقدان التجارة، وربما تمتد إلى
الإرهاب وخطر نشوب صراع عسكري. في هذا المعنى،
دعم الديمقراطيين والهياكل الديمقراطية يجب أن يكون الهدف عبر سياسة الجوار
الأوروبي بشكل كامل.
علاوة على ذلك، يمكن للدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي في وسط وشرق أوروبا أن تلعب دورا حاسما في إصلاح وتعزيز المساعدات الاولية من الاتحاد الأوروبي
لعمليات
التحول في منطقة الشرق الأوسط: هذه الدول لديها الآن عقدين
من الخبرة
في إدارة التحولات الناجحة من الدكتاتورية إلى الديمقراطية،
ومن التخطيط المركزي الى اقتصاد السوق (مع الاعتبار الواجب لمختلف الظروف
الايديولوجية والاقتصادية). وينبغي على
الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية أن تكون ناشطة في دعم التحولات في الشرق
الأوسط الجديد.
هذا يخص القضايا
المركزية مثل صياغة الدساتير، وإصلاح السلطة القضائية، وتشكيل الأحزاب السياسية، ومحاربة الفساد، وصولا إلى المسألة الشائكة المتمثلة في كيفية التوصل الى تفاهم حول الجرائم التي ارتكبتها الأنظمة القديمة وكيفية
التعامل مع
مرتكبيها، بما في ذلك مؤسسات الشرطة والمؤسسات الأمنية.
التجارة ستكون حقلا آخر كمجال واسع للتحسين في إطار "سياسة الجوار الأوروبي". من المسلم به القول بسهولة أن الاتحاد الاوروبي يجب فتح أسواقه في قطاعات الزراعة والخدمات، فقط من أجل توفير جزء من النمو المتوقع لدول المنطقة التي قد تجعل الربيع العربي قابلا للحياة اقتصاديا. هذه المداخل لا
غنى عنها ورأس ذلك
أنها توفر فرصا كبيرة للنمو داخل الاتحاد الأوروبي نفسه.
ومع ذلك، في أقرب وقت لإزالة الحواجز التجارية ينبغي أن تخضع للمناقشة، ولا بد لجماعات المصالح من المنتجين الى نقابات العمال معرفة أن مصالحهم مهددة، وأنه يجب استردادها . لن يكون من السهل مناقشة الاستراتيجيات ومواجهة الاحتجاجات من هذا القبيل التي لا مفر منها.
أخيرا،
تأشيرات الدخول وسياسة الهجرة يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من المنهج الاستراتيجي الجديد تجاه جيراننا في الجنوب . وتتجاوز هذه المسألة سياسة الجوار الأوروبي، وتصل بعيدا الى العدالة وميدان الشؤون الداخلية لسياسة الاتحاد الأوروبي . لكن لا بد من حلها، من خلال الجهود المبذولة لتشجيع "الهجرة الدائرية" circular migration وبمنهج
محرر إلى حد كبير في تأشيرات الدخول للطلبة والباحثين
ورجال الأعمال.
وقبل كل شيء الافتراضات حول تأشيرة دخول مشتركة وسياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي وغير ذلك مرتبطة
بإنجازات شنغن Schengen (4) المعرّضة للخطر، كما نرى الآن.
ارتفاع إلى مستوى التحدي في مقابل التمسك بقيمنا:
بقدر ما هناك حاجة للمشروطية الجدية على مستوى الحكومة، سيكون هناك أيضا حاجة إلى ترتيب الأولويات- اتخاذ خيارات صعبة على مستوى المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، والأحزاب
السياسية
والمؤسسات الخاصة بهما. بطبيعة الحال، وخصوصا في ظل أخطاء السياسة الغربية في منطقة الشرق الأوسط في العقود الماضية، هذا هو الوقت للاستماع. ينبغي على السياسيين الغربيين الذين يزورون المنطقة عدم استبعاد الاتصال مع أي منظمة عدا المنظمات الإرهابية. وليس هناك وقت للتمييز بين الخير والشر بين القوى الديمقراطية الناشئة. ولكن مثلما هو الحال في أي منطقة أخرى من العالم، من المشروع بقدر ما هو ضروري للاحزاب السياسية الاوربية التمييز بين أصدقائنا والمنافسين لنا في النطاقات السياسية المتطورة. من المهم هنا معرفة ما إذا كان حزبا معينا أو تنظيما سياسيا يسهم في القيم المركزية معنا أم لا.
فمن غير المرجح
أن تعتمد السياسة الاوربية على الاخوان المسلمين(5) والفوائد العرضية في هذا السياق، مهما قالوا بشكل قاطع أنهم متخلين عن العنف ( في حين لا يزالون يعتبرون حركة حماس من بين صفوفهم وينددون بقتل أسامة بن لادن) أو يحتضنون العملية الديمقراطية (في حين لا يزالون مصرّين على الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع المدني، والمطالبة باستخدام حق النقض من قبل رجال الدين أكثر من القوانين التي يقرها البرلمان).
بدلا من ذلك، يبدو
الأكثر منطقية البحث عن أصدقاء وشركاء من بين الحركات
والاحزاب الأكثر توجها علمانيا، على الأقل في حالة مصر، وأيضا التعاون مع الأحزاب السياسية التابعة للأقلية القوية من المسيحيين الأقباط . من أجل هذه المنظمات ينبغي تطوير برامج
مكثفة للتبادل، والتدريب والدورات التدريبية، وحمْلة الاستشارات، والمساعدة في بناء الهياكل المستدامة.
المنهج الاستراتيجي المشترك مع الولايات المتحدة، وهي سياسة الجوار الأوروبي المعززة مع المشروطية الجدية والتأكيد مجددا على التجارة وسياسة الهجرة، وتعزيز الجهود بشكل كبير للمساعدة في بناء المجتمعات المدنية وهياكل الاحزاب الديمقراطية: هذه هي المكونات الحاسمة للاستجابة للربيع العربي الذي يستند إلى قيمنا المركزية: حقوق الإنسان، وسيادة القانون، والديمقراطية التعددية والحكم الرشيد، هذه القيم ليست غربية بل عالمية، حتى لو كانت موضوعة أولاً في الغرب.
الهوامش:
(1) رولان فريدينستين: هو نائب مدير ورئيس قسم الأبحاث في مركز الدراسات الأوروبية.
(2) سياسة الجوار
الأوروبي: تهدف سياسة الجوار
الأوروبي للاتحاد الأوروبي إلى التقريب أكثر فأكثر بينه وبين البلدان
المجاورة من أجل المصلحة المشتركة. وصيغت سياسة الجوار بعد اكتمال توسيع الاتحاد
في 2004 واستيعابه 10 أعضاء جدد، من أجل تفادي قيام حدود جديدة داخل أوروبا. في
مايو 2011، أكد الإتحاد الأوروبي أهمية العلاقات مع البلدان المجاورة له
متعهدا بالسعي إلى تعزيز تطبيق نهج "المزيد من التمويل مقابل المزيد من
الإصلاح".
سياسة الجوار
الأوروبي تدعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية الجارية في ستة عشر بلدا مجاورا للاتحاد
الأوروبي(الجزائر، مصر، اسرائيل، الأردن، لبنان، ليبيا، المغرب، فلسطين المحتلة،
سورية، وتونس بالنسبة لمنطقة الجنوب، وارمينيا، أذربيجان، روسيا البيضاء، جورجيا،
مولدوفا وأوكرانيا من منطقة الجوار الشرقية) من أجل تشجيع السلام والاستقرار
والازدهار الاقتصادي في كامل المنطقة. وتم تصميمها بشكل يضمن تعميق التعاون
الثنائي، أكثر مما سبق، بين الاتحاد الأوروبي وكل من البلدان المجاورة.
(3) المشروطية
السياسية: تعني توظيف كون أوروبا الشريك التجارى والتنموى الأهم لمجتمعات شمال إفريقيا والشرق
الأوسط فى وضع تصوراتها حول
مستقبل المنطقة موضع التنفيذ
وتأكيدها
أن التسوية
السياسية
للصراع العربى ـ الإسرائيلى وعملية الإصلاح فى الشرق الأوسط الموسع يمكن أن تسيرا معا فى أن واحد.
(4) اتفاقية شينغن: Schengen اتفاقية وقّعها بعض البلدان الأوروبية وتسمح بإلغاء عمليات المراقبة على الحدود بين البلدان المشاركة
كما تتضمن أحكاماً بشأن سياسة مشتركة بشأن الدخول المؤقت للاشخاص (بما فيها تأشيرة شينجن)، بمراقبة
الحدود الخارجية، والشرطة عبر الحدود. وقعت على الاتفاق مجموعة من 30 دولة، بما
فيها جميع دول
الإتحاد الأوروبي وثلاثة اعضاء غير الاعضاء في الإتحاد
الأوروبي )أيسلندا والنرويج وسويسرا(، وتنفذه 15 حتى
الآن.
(5)
الإخوان المسلمون:
هي
جماعة إسلامية، تصف نفسها بأنها "إصلاحية شاملة."
تعتبر أكبر حركة معارضة سياسية في
كثير من الدول العربية، خاصة في مصر، أسسها حسن البنا في
مصر في مارس عام 1928م كحركة إسلامية
وسرعان
ما انتشر فكر هذه الجماعة، فنشأت جماعات أخرى تحمل فكر الإخوان في العديد من
الدول، ووصلت الآن إلى 72 دولة تضم كل الدول العربية
ودولاً إسلامية
وغير
إسلامية في القارات الست.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق