الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-06-25

كوميديا رئاسية ... ج10 (الثقة بالنفس ) – د. عبد الفني حمدو

لقد تطرقنا في الحلقة السابقة ياسعادة المدير عن جانبين مهمين وعرضنا أمثلة محددة عن توفير مايحتاجه المواطن والتخفيف من وطأة الحياة المعيشية ووضعناها تحت بند السياسة الداخلية , واليوم نتطرق لموضوع يشغل بال الجميع , هذا الموضوع نضعه تحت بند السياسة الخارجية .

المدير : وحتى نستطيع الابحار في السياسة الخارجية, يلزمنا مستشاراً سياسياً مختصاً بالعلاقات الدولية , وعن طريقه يمكننا الحديث عن ذلك بصورة تفصيلية ومنطقية .
من الناحية النظرية معك حق في ذلك ياصديقي الرائع , ولكن عندي وجهة نظر أخرى
وما هي ياسيدي الرئيس ؟


في عصرنا هذا لم يعد هناك مايسمى استقلالية معينة , وإن لم ترض عنك الدول الأخرى , وقد يكون هذا الرضى المعكوس كبيراً لدرجة قد تصل إلى شن الحرب عليك واسقاطك بالكامل , أو يكون عدم الرضى متوسطاً أو محايداً . وسينعكس ذلك على مشروعنا السياسي , الداخلي والخارجي , وتفشل كل اطروحاتنا ومشاريعنا التي أعددناها وجعلناها رمزاً لحملتنا الانتخابية , وهنا سنقف عاجزين عن التحرك , وفشلنا هذا سينعكس على نفسيتنا في التعامل مع السياسة الداخلية , ونتيجة الفشل المتواصل سنجد أنفسنا أمام خارين اثنين لاثالث لهما :

الأول : أن نختصر الفشل كله بكلمة واحدة نسميها المؤامرة الخارجية , كحال الذين حكمونا ويحكموننا الآن , وهذا المنحى سيجعلنا نتكيء على الكذب في كل أمورنا , وأتحول من رئيس منتخب حر , إلى رئيس مدى الحياة .

المدير : وبما أنك تحمل شهادة كبيرة في العلوم الوراثية فستكون مهمتك أيضاً توريث الحكم لذريتك من بعدك .

لقد أضحكتني ياصديقي وقطعت عني سلسلة أفكاري , ولكن لاعليك يلزمنا مسحة من السعادة أثناء حديثنا حتى لايصل الملل لنفسينا , والذي بدوره يجلب التثاؤب لأفواهنا وقد نغط في نوم عميق .

وبالاضافة إلى المؤامرة , نخترع عدواً وهمياً نسلطه على رقاب العباد , ومن تحت عباءة هذا العدو نفعل ونخرب ونبطش ونهدم ونترك الأمور تعود لماضيها القديم , وهنا نستطيع اقناع الناس نحن لم ولن نتخلى عن تراثنا وسنتمسك فيه حتى النهاية , ونرفد ذلك بشعارات رنانة وطنانة , وفي نفس الوقت لن نجهد أنفسنا في اختراع عدو مسلط علينا , فالعدو موجود , وكل عيوبنا نجعلها لبوس عدونا وهو اسرائيل .

المدير : فإسرائيل هي ليست عدواً وهمياً , وقد تكون هي السبب الأكبر والأهم في كل مشاكلنا , فهل تستطيع أن تشرح لي , كيف ستتعامل مع هذه القضية ؟

سأضرب لك مثالاً بسيطاً :
موقف ظريف حصل معي منذ سنوات , في أحد شوارع بغداد السليبة , كلب ينبح بقوة ويحاول التخلص من السلسلة الحديدية الملفوفة على رقبته ,محاولا الهجوم على رجل كان يمشي من أمام البيت , هذا الرجل عامل بسيط وقادم من عمله وثيابه رثة ووسخة , وبعد أن بعد الرجل عن المكان واختفى النباح , كنت قد وصلت إلى المكان الذي كان مربوط فيه ذلك الكلب , ومررت بجانبه بسلام , ولم يهجم علي ولا حاول حتى النهوض أو النباح , والسبب أنني كنت أرتدي بدلة جميلة , فضحكت في داخلي عندها , وقلت صحيح أن الكلاب تهجم على الفقراء وتعوف الأغنياء بسلام .

المدير : كأنك تقصد أن القوي تخافه حتى الكلاب , أما الضعيف فهو ملطشة للجميع من الناس والحيوان .

أعتقد أنك قد فهمت قصدي , ياصديقي الرائع , وبالتالي في حال اصرارنا على المؤامرة والفشل , عندنا الطريق الثاني أن نعلن فشلنا ونترك الأمر لغيرنا , له القدرة على الكذب والتسلط والمراوغة .

لكن نحن خطونا هذه الخطوة لبناء الانسان والعدل والحرية والأمان , فيكون أمامنا طريق النجاح , وحتى ننجح في سياستنا الخارجية , وهي الآن لاتحتاج لخبير ومستشار في العلاقات الدولية , إن وضعنا في اعتبارنا واعتقادنا, في أن البشر كلهم يتآمرون على بعض , وأن الحياة لاتصلح ولا تقوم إلا على ذلك , فالمؤامرات مستمرة كهبوب الرياح , منها الأعاصير ومنها دون ذلك بالتدريج , وتصل أحياناً لهدوء ماقبل العاصفة .

المدير: لقد تعبت ياسيدي من الكلام , وسأكمل عنك البقية , لأقول أنني قد استوعبت جيداً ماترمي إليه , ويمكن اختصار ذلك بالآتي :
عندما تؤمن بداخلك أنك إنساناً , له من وجوده هدفاً في هذه الحياة , تثق بنفسك ثقة تجعلك تعتقد أنك جزيئ لايتجزأ من الكيان البشري , يوجد من يتمايز عليك بصفات , ولكن تتمايز عليه بصفات أخرى تعادلها أو تتفوق عليها , هذه الثقة ومع هدف وجودك في الدنيا , تسخر فيها كل الامكانيات والطاقات الموجودة , عندها تستطيع أن تتفوق على كل المؤامرات الخارجية , وتنقلب المؤامرات لتعاون بين الفريقين أو الفرقاء ينتج عنها الخير الكثير بعدها .

هذا ماقصدته يامديري العزيز , ينقصنا الثقة بالنفس , وعندما نسترد هذه الثقة عندها ستجد نفسك إن لم تكن في المقدمة , فعلى الأقل تكون من بين المتنافسين عليها.
يتبع..ج11
د.عبدالغني حمدو


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق