كما قلنا في السابق , توجد ثلاثة
أركان رئيسية لقيام الدولة (الاقليم-- الشعب -السلطة)
والسلطة هي التي تحدد قيام الدولة
, ولا يمكن أن يكون هناك وجود لدولة مالم يكون هناك سلطة حاكمة لشعب في إطار
جغرافي معين , فالانسان اجتماعي بفطرته ويحتاج لسلطة تدير أمور حياته وتحفظ أمنه
وتراعي مصالحه وتحافظ على حدوده . فالسلطة يجب أن تكون ممثلة للشعب كله ضمن
الاقليم , والذي ارتضى شعب هذا الاقليم أن يعيش في اطاره .
لندخل في تركيبة أي مجتمع من
المجتمعات , وحتى لاتأخذنا العموميات علينا التخصيص أكثر, وبالتالي يمكننا دراسة
ماتحويه هذه التربة من خصوبة عالية لنمو كل المؤامرات الانسانية فيها.
سؤال يامديري العزيز :
عندما انتفلت من الريف إلى المدينة
لاكمال دراستك ودخلت الجامعة وبعد أن كونت صداقات فيها , وسؤالي هو :
من هم أصدقاؤك المقربون ؟
المدير لم أفهم قصدك من السؤال ,
فهل تريد مني أن أسمهم لك , أم تريد أن أصنفهم لك , على أساس عقدي وديني وإثني ...
نعم أريد ان تصنفهم لي على أساس
إثني أو عقدي أو طائفي أو كلهم مجتمعين .
كان منهم من هو أطيبهم لاينتمي
لطائفتي , وقد يكون آخر لاينتمي لديني , أو بعضاً منهم ليس من قوميتي , ولكن كانوا
مخلصين لي في صداقتهم , وكنت أبادلهم بنفس الاخلاص .
فلو انطلقنا من منطلق اسلامي
ياسعادة المدير , من معنى حديث لنبي الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم , والذي ذكر
فيه أن اليهود تفرقوا لسبعين فرقة , وزاد عليها المسيحيون , وزاد فوقها المسلمون ,
ووعد كل تلك الفرق مصيرها النار ماعدا فرقة واحدة ناجية من النار حددها بمن اتبعه
.
والسؤال هنا من هي الفرقة الناجية
؟
المدير : حتماً هي طائفتي
أنت تقول ذلك فهو معتقدك , ثم تأتي طائفة أخرى
فتقول أنا الناجية , وطائفتك هي الهالكة , وكل فرقة أو طائفة أو مجموعة تكفر
الأخرى وتقول عن نفسها هي الناجية , وكل دين يلغي الدين الآخر , ويقول ديني هو
الصحيح .
فالله سبحانه وتعالى عندما نهى عن
سب الأديان الأخرى في القرآن الكريم حتى لايسبوا المسلمين عدواً بغير علم , فهو قد
زين لكل أمة عملها .
فلو ذهبت إلى الهند مثلاً ووصلت
للمعبد المليء بالفئران , وقلت لعبدة الفئران :
وهل يعقل أن نعبدوا هذا المخلوق الكريه ؟؟!!
فأعتقد إن كان حظك طيب ستخرج
محملاً مع فقدان بعض الأعضاء منك ياسعادة المدير .
يبتسم المدير وترتسم على وجهه علامات
الخوف لأنه على مايبدو أنه تقمص ذلك الموقف وظهرت نتائجه على جسمه
المحطم .
ليقول بعدها , كأنك تقول ياسيدي
ومثال للتوضيح :
رجل تزوج وكون أسرة وصار عنده بنين
وبنات , ومن ذريته من هو حسن الخلق ومنهم عكسه ومنهم بين وبين , فلو مال الأب
لصاحب الخلق ميلاً كاملاً , وأهمل البقية فستكون النتيجة كالآتي , ويكفي ذلك مافعل
إخوة يوسف بأخيهم عندما رموه في الجب واتهموا الذئب بدمه , وهنا قد يكون ميلان
الأب غير منطقي عندما صنف جهة واحدة في حسن الخلق ونبذ البقية , فالحكم هنا قد
يكون مصدره ميول عاطفي لولد على حساب آخر , أو قد يكون الميول ناتج عن دهاء اتبعه
الولد المصنف بحسن الخلق تجاه أبيه ففضله على الجميع , ونسي صفات جيدة وكثيرة
موجودة عند الآخرين .
بالضبط هذا ماقصدته وأضيف عليه ,
لو أن الأب هنا نظر لطبيعة الاختلاف والموجودة عند أفراد أسرته على أنها حالة
طبيعية , كاختلاف بصمة الأصابع , ووظف الأمور الايجابية والموجودة عند كل فرد
لصالح الفرد نفسه ولصالح الأسرة , والذي سيعم ذلك على صالح المجتمع , لزادت المحبة
بين الأفراد وبين رب الأسرة , ولغلبت الصفات الايجابية على الصفات السيئة , وهنا
سيبحث كل فرد بعمق في داخله حتى يقدم المفيد , ويبتعد عن الضار والمسيء.
بينما لو اتبع الطريق الآخر , فهنا
سيكون الأب مستبد وديكتاتوري , وسيقابل من قبل أبنائه بالمؤامرات والدسائس
والاستعانة بقوى خارج نطاق الأسرة , للقضاء على ديكتاتورية الوالد وابنه الذي
اختاره من بين الجميع , بحيث تصبح الأرض خصبة لنمو كل المؤامرات , ومن تحاك عليهم
المؤامرات هم الذين يقدمون جل الخدمات لنموها .
يتبع ...ج9 ......
د.عبدالغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق