منذ عقود عديدة يتعرض الإسلاميون لحملة
شعواء لا ترحم ، من قبل جهات عدة تنشر الإشاعات السوداء ضد كل ما هو إسلامي ،
بدعوى أن الإسلاميين إقصائيون ، وغير ديمقراطيين ، وأنهم إذا ما وصلوا إلى السلطة
فسوف ينقلبون على الديمقراطية وينفردون بالكراسي ، ضاربين بوعودهم الوردية عرض
الحائط ، ويحولوا البلاد العربية إلى أفغانستان أخرى يعيث فيها "الإرهاب الإسلامي"
فساداً ، فيفرض الدين على الناس بالقوة ، وتنصب المشانق للمرتدين ، وتجبر النساء على
ارتداء الحجاب والتزام البيوت ، وتقطع يد السارق ، وتحارب السياحة ، ويمارس الاستبداد
الديني بأبشع صوره ، إلى آخر هذه الإشاعات السوداء ، وكأن جعبة الإسلاميين خاوية
من أية برامج نهضوية ، وكأن الإسلاميين يعيشون العصر الحاضر بأجسادهم بينما تعيش
عقولهم وقلوبهم في عصر "السلف" ويريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء
ليعيدوا المجتمع إلى عصر البداوة والتخلف والرجعية !
وقد
شهدنا مؤخراً آثار هذه الدعايات المغرضة في المجتمع المصري الذي أعرب فريق منه عن
نيته بالتصويت للفريق أحمد شفيق ـ ربيب حسني مبارك ونسخته غير المباركة ـ ضد
المرشح الإسلامي محمد مرسي ، وذلك خوفاً من وصول الإسلاميين إلى السلطة !
إن هذه
الدعاية السوداء ضد الإسلاميين ، وهذا الموقف المسبق الذي يحكم على الإسلاميين قبل
أن نعطيهم الفرصة يدل دلالة واضحة على ما تحمله بعض التيارات الفكرية والسياسية العربية
من حقد وسوء نية ليس ضد الإسلاميين فحسب ، وإنما ضد الإسلام نفسه كذلك ، ناسين ـ
أو متناسين ـ أن الإسلاميين جزء لا يتجزأ من المجتمع ، وهم يشكلون شريحة واسعة منه
، ولهم مؤيدون كثيرون وجدناهم يصوتون للإسلاميين في البرلمان المصري بأكثرية ساحقة
، وكذلك كان شأنهم في تونس ، وفي المغرب ، ومن ثم فإن الإنصاف يقتضي إعطاء
الإسلاميين دورهم في الممارسة السياسية التي حرموا منها طوال عقود طويلة من قبل
الأنظمة العربية المستبدة ، ووآن الوان للإسلاميين أن يكون لهم ما لغيرهم من الحقوق
السياسية وغير السياسية ، وإلا فإن ممارسة هذا القدر من الدعاية الحاقدة ضد
الإسلاميين ما هو إلا تنكر فاضح للديمقراطية من قبل مدعي الديمقراطية الذين صدعوا
رؤوسنا بهذه الشعارات على مدى قرن من الزمان ، وعندما حانت لحظة الحقيقة ، وظهر
الإسلاميون في المشهد ، وجدنا أصحاب تلك الشعارات ينقلبون على أعقابهم ، ويكشفون
عن حقيقتهم التي تدل على حقد دفين ضد الإسلام الذي هو دين الأمة ، والذي عبرت عنه
كافة ثورات الربيع العربي من خلال شعارات هذا الربيع التي كانت إسلامية بامتياز !
نعم
، من حق الآخرين أن يختلفوا مع الإسلاميين ، لكن ليس من حقهم أن يفتروا عليهم ولا أن
يمارسوا وصاية على المجتمع الذي اختار الإسلاميين ممثلاً له ، لاسيما وأن الإسلاميين
قد صرحوا مراراً وتكراراً عن قناعتهم بالديمقراطية ، واحترام الحريات ، والمساواة
بين المواطنين على اختلاف مشاربهم ، وسجل الإسلاميون هذا التوجه في برامجهم الانتخابية
، ومؤتمراتهم الصحفية ، وأدبياتهم المختلفة ، لكن يبدو واضحاً أن خصومهم لن يرضوا عنهم
مهما قالوا أو صرحوا أو كتبوا أو فعلوا !
إن
انحياز الغالبية الساحقة من الشارع العربي نحو الإسلاميين هو أمر طبيعي وواقعي ،
لأن الشارع العربي يتكون من غالبية مسلمة حرمت على مدى قرن كامل من أن تعيش
إسلامها كما تريد ، وها قد جاء الإسلاميون لكي يعيدوا للأمة وجهها الإسلامي ،
ويقودوا المرحلة ، التي نسأل المولى عز وجل أن يوفقهم فيها وأن يعينهم على معالجة
هذه التركة الثقيلة التي خلفها المستبدون ، والتي أوصلت الأمة إلى الحضيض .
د.أحمد محمد كنعان
Kanaan.am@hotmail.com
صح لسانك ياشيخنا ابومالك
ردحذف