إن كل مانقشناه سابقاً ياسعادة المدير من أمور تختص ببناء الانسان الداخلي والذي بدوره ينعكس على المجتمع , وهذا المجتمع لن يكون له وجود مستقل , مالم تكن هناك سلطة راعية لمصالحه , والسلطة مهمتها توفير الأمن للمواطن , والأمن متعدد الوجوه , وسنبحث هنا الأمن الغذائي , فمهمة السلطة في الدرجة الأولى هو تأمين سبل الحياة لمواطنيها , فكلما زادت الحاجة وزاد الفقر , كلما زادت الجريمة ,وتعددت أشكالها , فالسلطة التي تمثل المجتمع تبحث عن الوسائل والتي بدورها تلبي حاجات الناس .
المدير: يمكن أن تحدد لي المعالم
والمسالك والتي عن طريقها يمكن تلبية حاجات الناس والتخفيف من معاناتهم , فحتماً
نحن لانبحث عن مدينة فاضلة , ولكن نحن نبحث عن الممكن .
قبل الدخول في التفاصيل ياصديقي ,
هناك ركنان أساسيان في نجاح أي سلطة حاكمة , والركنان هما , السياسة الداخلية أولاً
والسياسة الخارجية ثانياً .والسابقون عندنا من الحكام كان همهم السياسة الخارجية
لتقديم ولاء الطاعة , وإهمالهم السياسة الداخلية .
فلو انطلقنا من بناء سياسي داخلي ,
مقام على أسس صخرية صلبة , عندها مهما هبت عواصف خارجية على هذا البناء فسيكون
مصيرها أن تتحطم على جدرانه الصلبة وتعود لحسرتها المعهودة .
المدير : لو فرضنا أنك قد حصلت على
نسبة من الأصوات تؤهلك لأن تكون الرئيس , فهل تقول لي ماهي الخطة العامة لسياستك
الداخلية والتي ستسعى لتفيذها ؟
سأجيبك على السؤال بسؤال : ماهي
الأمور التي تجعل حياة المواطن قلقة مضطربة على الدوام ؟
المدير : على الأغلب بالنسبة
للمواطن ذو الدخل المحدود الفواتير التي يجب عليه دفعها للدولة , فاتورة الكهرباء
والماء , والوقود والمواصلات , وخدمة الجيش .
لنأخذ ياصديقي المدير الموارد
الطبيعية والتي توجد عندنا , ومنها البترول أولاً :
سوريا يوجد فيها بترول حالياً ,
وفيها غاز أيضاً هاتين المادتين الرئيسيتين , عندما نوفرهما للمواطن بسعر رخيص
جداً , والذي سينعكس فائدته على المجتمع وعلى الدولة , ومن نتائجه قلة التكلفة
للمنتجات الزراعية , وكذلك المنتجات الصناعية , وتنخفض إجرة المواصلات .
المدير : ولكن كيف ستعوض الدولة
خسارتها عندما تدعم هذه المادة وتكلفة الانتاج والتصنيع والتسويق ؟
سأشرح لك ذلك , عندما نفترض راتبك
الشهري 500دولار , تكلفة المواصلات لك ولعائلتك شهرياً تقدر بمائتي دولار في حدها الأدنى , في حال
فرضنا أنك لاتملك سيارة خاصة , بقي معك منها 300 دولار , والكهرباء والماء والغاز
100دولار , بقي لديك مائتي دولار .
عندها مالذي تستطيع شراؤه بالباقي
من السوق ؟
المدير : قليل جداً , ثم تابع لقد
استوعبت ماتقصد إليه , أنه في حالة التوفير على المواطن , فإن هذه الوفرة لن تكون
مجمدة , وإنما سينعكس ذلك على القدرة الشرائية للمواطن , وهنا الدولة تخفف عن كاهل
المواطن وتزيد من قدرته على الشراء , وفي نفس الوقت الدولة تحصل على ضرائب أعلى عن
طريق التصدير , وضرائب المبيعات .
وهذه الحالة لو طبقناها على
المجتمع الزراعي , والذي يشكل المجتمع السوري ستين في المائة منه , في توفير
الأسمدة الزراعية والمبيدات الحشرية والوقود بسعر رمزي , والشراء من المزارعين
كالمحاصيل الاستراتيجية بسعر جيد , والآلات الزراعية وبالتقصيت المريح وبدون فائدة
, سيكون دافعاً قوياً لزيادة الثروة الزراعية ومن ضمنها الثروة الحيوانية , وإعطاء
قروض بنكية وبدون فائدة لمدة عشر سنوات على الأقل .
عندها ياسعادة المدير لن نحتاج
للبترول لتوفير العملة الصعبة , وبهذه الطرق البسيطة , ستنهض بمجتمعك كله زراعياً
وصناعيا وتجارياً وثقافياً أيضاً .
نأتي لمشكلة عويصة يعاني منها
المجتمع السوري بغالبيته وهو موضوع الخدمة الالزامية , وحتى لاتكون الخدمة الالزامية
عائقاً ومعيقاً للشباب والمرهقة لعوائلهم فحلها بسيط جداً .
توجد حالتين في الجيوش العالمية ,
إما أن تكون الخدمة الزامية كما هو في سوريا , أو تقتصر على التطوع في الجيش ,
ويمكننا أن نعتمد الوسيلتين معاً .
فتح باب التطوع مفتوح لكل من يرغب
أن يكون جندياً , والخدمة الالزامية لاتزيد عن الستتة شهور , يعتمد عندها على
الاحتياط في حال وجود الأزمات والحروب والتهديد الداخلي أو الخارجي , وإن هذه
المدة كفيلة بتعلم الملتحق بالجيش على السلاح حسب الاختصاص المفرز إليه , والثانية
لها فوائد كبيرة في تربية الشاب تربية بدنية ونفسية واجتماعية , فمن لم يخدم في
الجيش تنقصه أشياء كثيرة حتى يتعلمها .
يتبع....ج10
د.عبدالغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق