لاتزال صورة كتاب ’’الإسلام وحركات التحرر
العربية ’’ للكاتب شوقي أبو خليل، والذي تزين غلافه صورة الشيخ المجاهد عز الدين القسام
رافعا بندقيته ماثلة أمام ناظري، حيث انتشر هذا الكتاب في أواسط السبعينات انتشارا
واسعا، ونفذت الطبعة الأولى منه، ولكن الطبعة الثانية كانت خالية من صورة الشيخ عز
الدين القسام ... وياليتني أملك نسخة منه لسببين، أولهما لأتذكر أيام الثورة السورية
ضد حافظ الأسد، حين قرأت ذلك الكتاب، وثانيهما لأن الموضوع ( سرقة الثورات ) يفرض نفسه
على الساحة العربية في ربيع ثوراتها ومايعتريها من انسدادات ومطبات وانزلاقات وضغوطات
وإرهاصات .
فقد نبَه الكاتب شوقي أبو خليل إلى دور الإسلام،
الذي هو دين حياة قبل أن يكون دين آخرة ، بشكل رئيسي إيجابي وفعال في حركات التحرر
العربي، وتفاعله مع أحداثها، وقيامه متمثلاً برجالاته بتكوينها وإنشائها للذود عن شرف
الأمة العربية، والدفاع عن أرضها التي دنَّسها الاستعمار بهجماته العسكرية والفكرية
والمنهجية والاقتصادية.
وأوضح
الكاتب أيضا، أن ثورات التحرر العربية قامت على يد علماء مسلمين مخلصين ، مع
مساهمة بعض الشرفاء من غير المسلمين في بعض الثورات الوطنية، كثورة مصر عام 1919 وغيرها
لمواجهة الاستعمار، وبين كذلك كيف سرقت تلك الثورات.
واليوم نقول : أين مصير ثورة عرابي ؟ ألم يخدع الإخوان المسلمون في مصر بعبد الناصر،
ولم ينتبهوا إلى طموحات ذلك الضابط، رغم تحذير المرشد الهضيبي، رحمه الله، وعدم ثقته
بعسكرة الدولة، وأدى ذلك إلى كارثة لهذه الحركة، استغرقت مايزيد عن خمسين عاما . أين
مصير نضال الأمير الجزائري والإمام ابن باديس والشيخ الإبراهيمي؟؟ أين مصير جهاد الخضر
حسين والشيخ عبد العزيز الثعالبي في تونس ؟؟؟ وكفاح المهدي والثعالبي في السودان؟؟
وثورة عمر المختار في ليبية ؟؟ و نضال الشيخ الملا في الصومال؟؟ و ثورة عبد الكريم
الخطابي في المغرب ؟؟ وأبطال معركة ميسلون، والمجاهدين في الثورات السورية ؟؟ وثورة
عز الدين القسام والعلماء الآخرين في فلسطين؟؟ وماذا حل بثورة رشيد عالي الكيلاني والشيخ
محمود شكري الآلوسي في العراق؟؟ و المقاومة بزعامة الشيخ ماء العينين وابنه من بعده
في موريتانية؟؟ و ما مصير حركة التحرر الوطني بزعامة الشيخ عبد الله الحكيمي في اليمن
؟؟؟؟ ضعوا مئة إشارة استفهام لكل منها…
أليس من حقنا أن نخاف ونستشعر الخطر على ثورتنا
المجيدة من السرقة أو الانحراف أو الالتفاف عليها ؟؟؟ فالعاقل من أتعظ بغيره واستفاد
من تجارب وأخطاء الآخرين، سيما إذا كان الآخرون هم الآباء والأجداد، الذين سرقت ثوراتهم
العربية إبان التحرر من نير وربقة المستعمر الغربي، ومازال شارعنا العربي يدفع ثمن
تلك السرقات، فتحول أفول شمس الإستعمار الغربي عن بلادنا إلى بزوغ شمس حكام يديرون
البلاد للإستعمار بالوكالة، ودأبت دول الغرب على حماية هذه العروش لأكثر من خمسين سنة،
وصار الناس يقولون من كثرة الظلم والعسف والجور الذي نالوه من حكامهم " رحم الله النباش الأول "
تخوفنا على ثورتنا هذه ليس من باب التشاؤم،
ولا من باب تثبيط الهمم، وإنما من باب الإصلاح وتصحيح المسار واليقظة والانتباه مااستطعنا
إلى ذلك سبيلا، لأن المرتزقة والملتزقة والمتسلقة والانتهازيين والمفروضين على الثورة
كثيرون كثيرون ... فهم يجلسون في الظل الرطب ( في
ومي كما يقولون ) بينما أبناء الثورة في الهاجرة، يكتوون بنار النظام وعسفه
وبطشه وتهجيره وسجونه، كما أن أولئك النفر
الضال، يتقنون تغيير جلودهم كالحرباء، و يستطيعون القفز إلى الجهة التي تناسبهم ليتموضعوا
في وضع إنقضاضي على الثورة، ويصيبوها في مقتل،لا سمح الله.
والآن أليس من حقنا أن نتساءل أيضا لماذا يفرض
على المجلس الوطني أناس خطط لهم لأن يكونوا بمثابة الحجر الذي يسند الجرة الكبيرة
( كـ غليون و قضماني و........) ؟؟؟ فإذا أزيح ذلك الحجر انقلبت الجرة أو انكفأت أو
انكسرت.
أليس من حقنا أن نتساءل ونتخوف من اختلاف فرقاء
المجلس الوطني داخليا وكذلك الفرقاء الآخرين خارجه على شكل التغيير المطلوب للنظام،
فتارة ينادي البعض بالدعوة إلى إسقاط رئيس النظام و ليس النظام، و تارة بتفكيك النظام،
و قائل آخر نريد التفاوض، و آخر يدعو إلى الضغط على الرئيس رجاء تنحيه، حتى بلغ بهم
الأمر إلى أن يعرضوا عليه الأمان و عدم الملاحقة، فمن منحهم الأحقية بمنح صكوك الغفران
؟؟؟ فصاروا عبئاً على الثورة ... وبدل أن يحملوا أعباء الثورة صارت الثورة تحملهم،
وبئس الحمل الثقيل المحمول ؟؟!
أليس من حقنا أن نخاف ونتوجس خيفة ممن أصبحوا
عرابين ولا ينزاحون عن شاشات القنوات الإخبارية، وينظِرون للثورة، وهم يحملون الجنسية
الإسرائيلية، ويعتلون منبر الجزيرة وتستضيفهم دولة قطر كالدكتور عزمي بشارة؟؟؟ الذي
انخدع الكثير من أبناء الثورة بفلسفته، التي
تدس السم في العسل.
أليس
من حقنا أن يعترف المنادون بعدم التدخل الخارجي وعدم حظر الطيران وعدم إقامة منطقة
أو مناطق عازلة وممرات آمنة من بداية الثورة بالخطأ الجسيم الذي ارتكبوه ؟؟؟ و نتيجة
هذه السياسة الخرقاء، فإن النظام استشعر الأمن
والأمان من التدخل، فهو و الصين و عامة العرب و كثير من المعارضه الخارجية، يرفضون
التدخل و يذهبون إلى روسيا للتأكيد على رفضهم لهذا التدخل، ولو أنهم ألحوا في طلبه،
وفعلوا ذلك منذ انطلاقة الثورة لألجموا النظام وأحجم بدوره عن الإقدام على الكثير من
الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها, وتخوَف من مصير مشابه لمصير القذافي، الذي كان يتابعه
بنفسه عن كثب, ولأمكن التفاوض معه على الرحيل بسرعة .
فالحذر الحذر ياأبناء سورية الشرفاء وثوارها الأبرار من أن تحرف ثورتكم أو تسرق أو أن
تُدخل في نفقٍ مظلمٍ، لأن أحابيل السياسيين طويلة وعريضة، ولايدرك مرماها إلا من اكتوى
بها, ودرس التاريخ الحديث، وعلم ماجرى من سرقة
للثورات العربية، واستفاد منها الكثير الكثير من العبر والعظات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق