مرة جديدة تعمل آلة الحقد والإجرام في الأبرياء
من المدنيين الآمنين وفيهم نساء طاهرات وأطفال في أعمال الزهور... مرة أخرى يغدر الجيران
ويمزقون عقود من التعايش والعيش المشترك بفعل صرخات مجنونة تريد مزيد من الانتقام من
الضحية لرفضها الظلم ومقاومتها للطغيان. تنتقل مجازر الأسد لتنتشر في أرجاء وطن ينزف
بغزارة من الشرق إلى الوسط والجنوب والشمال، لتنثر بذور الحقد والحرب الطائفية لعل
الطاغية يفلت من العقاب ولتختلط الأوراق وتضيع تبعات سفك الدماء وإزهاق الأرواح.
مجزرة القبير تأتي بعد أن ضج العالم من مجزرة
الحولة لترسل رسالة استهتار من الأسد للعالم ودوله ومجتمعه ولكل القيم الإنسانية. وهي
تأتي أيضا بعد خطاب بشار والذي أعلن فيه وبكل صفاقة عن نيته سفك مزيد من الدماء والتوغل
في البتر والقتل والإرهاب بذريعة مكافحته، لتقول للعرب والعالم أن آلة القتل مستمرة
ومتواصلة خصوصا وأن القاتل ينظر إلى المترددين والمهددين بالألفاظ نظرات لا مبالاة
واستخفاف.
النظام السوري ارتبك إعلامياً في التعامل مع
المجزرة، فبعد أن أنكرها تلفزيونه الرسمي عاد إعلامه كعادته ليستهتر بالعقل والمنطق
وليقول إن "الجهات المختصة دهمت وكراً لمجموعة إرهابية مسلحة بعد ورود شكاوى من
أهالي قرية القبير بريف حماة واشتبكت معها وقتلت أفرادها". النظام تعلّم من مجزرة
الحولة درس توثيق المراقبين، فمنعهم من دخول المنطقة لتجنب إدانته وتوثيق هذه المجزرة.
وإذا كان ارتكاب النظام المجزرة أمر يرقي إلى
درجة اليقين ولكن دعونا ومن باب الجدال لنأخذ بكلتا الروايتين. القاتل هو النظام وبالتالي
يقترف جرائمه مروعة ضد الإنسانية ويجب أن يحاكم ويقتص منه. حتى رواية النظام التي تتهم
العصابات المسلحة تقتضي منه الرحيل وإدخال قوات ردع عربية وإسلامية لحماية أطفال سوريا
من عصابات تغزوهم ربما من المريخ بعد أن عجز نظامهم في حماية حناجرهم الغضة الطرية
من مجازر تتكرر بشكل متواصل.
إن دماء أطفال الحولة والقبير وسوريا لا يتحمل
وزرها الأسد وشبيحته بل تتحملها موسكو وبكين وكأن للعاصمتين ثأراً مع دماء المسلمين
يمتد تاريخياً عقود من الزمان وليتمدد جغرافياً من إقليم شنغيانغ الصيني وجمهوريات
القوقاز إلى بوادي وحواضر الشام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق