إنها حرب شرسة فقد تجمع
العالم كله وتحالف وتلكأ وعقد الاجتماعات للقضاء على الثورة السورية ومحاربتها .. على طريقة المثل : أنا وأخي على
ابن عمي ، وأنا وابن عمي على الغريب ، والغريب الذي يريده العالم القضاء عليه هو
الثورة السورية ، على المستويين السلمي والعسكري المتمثل في الجيش الحر .
إن عدم دعم ومساندة الجيش الحر أمر مبيت للقضاء عليه ، إذ لم يكن في حساب
العالم أن يولد الجيش الحر ، الذي يدافع عن دينه وعرضه وأهله ..
ولم يكن في حسابه أن
يولد الجيش الحر من رحم الجيش النظامي فينشق عنه ، رافعا راية العقيدة ، والولاء
لله ولرسوله وللمؤمنين ..
ولم يكن في حسابه أن
يولد الجيش الحر وقد طمس في النفوس روح الجهاد ، وروح الجد ، والتعلق بالحياة
المادية والقيم المادية ..
لم يكن في حساب النظام
الوحشي ، والعالم الذين يقفون من خلفه أن ينتفض الناس رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا
ضد الطغيان سلميا.. وان يجتمعوا للجهاد والنفير في سبيل الله !
لقد خبر النظام الوحشي وإيران الصفوية والعالم شرقه
وغربه روح الجهاد عند المسلمين أهل
السنة ، حين دخل المسلمون الأندلس وجنوب فرنسا وصقلية وجنوب إيطاليا ، وحين
دخلوا القسطنطينية ثم توغلوا في شرق أوربا حتى حاصروا فينيا .
وحتى لا يكرروا ما حدث
في البوسنة والهرسك ، وطووا صفحة الشيشان معتبرين إياها مسألة داخلية خاصة في روسيا وليست بين إسلام وكفر .
ووجهوا ضربة للجهاد
الأفغاني ، وشوهوا سمعته ، وطاردوا المجاهدين تحت مسميات الإرهاب .
ونسجل للتاريخ ـ مقتبسين
من أستاذنا الكبير محمد قطب ـ " إن
الجهاد الأفغاني ضد الشيوعية وسقوط الشيوعية له دلالاته العميقة والقوية وسيظل
صفحة ناصعة في كتاب التاريخ ، وسيظل يذكر حقيقة المواجهة بين الكفر والإيمان وكيف
يحيي الإيمان الأمة ويكتب لها الوجود حين يجسد في عالم الواقع حقيقة لا مجرد كلمات
تنطق ووجدان مستتر !! ".
إن العالم يلوث هذه الثورة بكل ما يستطيع : فيلوث سلميتها
بالقضاء على من يدافع عنها ، ويمنع السلاح عنه .
ويلوث سلميتها بالغزو
الفكري بالأفكار العلمانية الغربية ، رغم أن الشعب الثائر شعب على فطرته الإسلامية
، ثار على حزب البعث الذي يشترك مع العلمانية في الحرب ضد فطرة الإنسان ، وضد
حريته الحقيقية .
ويلوث سلميتها بالتفرج
على المجازر الأسبوعية ، والشهداء الذين يسقطون خلال الأسبوع بالتقسيط ، وكأن
مناظر القتل والبطش أصبحت أمورا عادية اعتادها العالم .
ويلوث سلميتها بالتركيز
على مناظر القتل والبطش حتى تألفها النفوس وتصبح أمرا عاديا لدى المشاهد .. وعدم
التركيز على الجانب الأخر من الصمود والعزة والثبات والانتصار واقتراب سقوط النظام
.
ويلوث سلميتها بإعطاء
المهل تلو المهل للنظام ليزداد سفكا وبطشا ووحشية ..
ورغم هذا وذاك فالثورة تزداد اتساعا ، وثباتا ، وإيمانا
، واستبشارا بالنصر ..
لم يكن العالم يتصور
بقاء الثورة السورية حتى اليوم ، ثابتة شامخة ، {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي
أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ
لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون } (إبراهيم : 14) لأن الحسابات البشرية تقول أن
هذا مستحيل !! ولكن الله هو الذي خلق ، وهو الذي قدر ، {
وَيَمْكُرُونَ
وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} ( الأنفال : 30)
ولا يمر يوم إلا وهناك
المزيد من المظاهرات السلمية ، والمزيد من الالتحاق بالجيش الحر ، رغم التدمير
والوحشية الرهيبة في ارتكاب المجازر .
تمر الأيام والشهور
والسنوات والشعب يتحمل الويلات ..
16254 شهيدا ، منهم 1222
طفلا ، و1146 امرأة وذلك لغاية 9/6/2012م
وأكثر من 100 ألف
لاجئ في تركيا ولبنان والأردن .
وأكثر من 200 ألف معتقل
انقطاع للكهرباء ،
وللاتصالات ، وهدم للبيوت وتدمير للمنازل وقصف للمساجد،..
ولا أطباء يداوون الجرحى
إلا خفية وبأدوات بسيطة جدا .. ولا دواء إلا بكميات متناثرة هنا وهناك ..
ومطاردة للناشطين والإعلاميين
والثائرين بكل وسائل التنكيل والدمار
ومع كل هذا صامدون ..
إنها الفطرة ، والعودة إلى الفطرة ..
إنها روح الحرية ، حرية
النفس ، وحرية النجاة من عبودية البعث والعلمانية والأفكار الغربية ، وحرية
الشهادة ..
إنها روح الحرية
المتمثلة في الجهاد ..
إنها الجنة .
{ إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ
فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ
وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ
بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(التوبة111)
فاستعن أيها الثائر
بالله ، وتوكل على الله .. والله اكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق