الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-06-13

المساجد وثورة شعب – بقلم: د. عامر أبو سلامة


دائماً يردد الثائرون في سورية, الثورة ثورة شعب, وليست ثورة حزب أو تكتل, أو جهة دون أخرى, بل شارك فيها الشعب كله, وإن بنسب مختلفة, وهذا بحد ذاته يعتبر مكسباً سياسياً وثورياً كبيراً, لأنه عنوان على السلم الاجتماعي الذي ينشده شعب سورية, وعمل النظام على إقصائه عن منصة الحياة السياسية والاجتماعية, في سورية, ومن ثمار هذا كان من شعارات, هذه الثورة ( واحد واحد واحد, الشعب السوري واحد).

ومن ألوان طيفها الجميل, أن نددوا بالخطاب الطائفي, الذي حاول النظام, العزف على وتره, ولكنه لم يجد من يرقص على إيقاعه, إلا أولائك الذين اعتادوا على (حس الطبل خفن يا رجليه) كما في المثل السائر, بل إن هؤلاء لا يجيدون سوى الرقص, ولو على الجراح, مع كأس دم يشربونها, إنهم ( شبيحة) من طراز مدهش.


 والتخلي عن الخطاب الطائفي, ونبذه والتنديد بأصحابه, يعتبر من مكاسب هذه المرحلة, إذ الثوار بوعيهم الحساس, وبحسهم الواعي, الذي أهلهم أن يكونوا على مستوى الحدث, قد نسجوا صيغ خريطة العمل الطيب للمرحلة القادمة, بعد السقوط القريب لنظام البغي والفجور والجريمة.

وكثير من المظاهرات كانت تنطلق من المساجد, ولعل منطلقها الأول في هذا الشأن, من جامع العمري بدرعا البطلة الصامدة, مروراً بكل الجمع التي كانت لها تسمياتها, ويكون الانطلاق من المساجد, وهذا كله له اعتباراته, في طبيعة التكوين الصريح في طيفه العام لشعبنا السوري, الذي يرفض الإقصاء, ويؤمن بالتعايش, وفي هذه المسألة خصوص وعموم يفهمه الراسخون, ويغفل عن فهمه الحاقدون والطائفيون.

 كثير من فعاليات الثورة, تتفجر من المساجد, وهذا شأن جميل, ويعطي صورة أنس, وحالة طمأنينة, لقابل الأيام, في صناعة سورية الغد, لأن أمن الحياة قائم على برنامج العمل الوطني, الذي يصاغ في طيفه الكبير, مشاركة فاعلة, بهذا التصور المنسجم, والفكر النظيف, والبعد عن الغلو.

حقاً, بوركتم يا شباب المساجد, وجزاكم الله خيراً يا علماء الأمة العاملين,
ونضر الله وجوهكم يا خطباء المساجد الصداحين بالحق, يا من وقفتم مع ثورة شعبنا, وكنتم جزءاً لا يتجزأ من هذه الثورة.

فلم ترفعوا راية غلو, ولا شعارات فرقة, ولا كلمات استفزاز, ولا عبارات عدوان, ولا جمل فتنة, بل خرجتم من المساجد لتقولوا: المجلس الوطني يمثلني.

أما أن يخرج لنا مفكر؟! يؤمن( بالديمقراطية؟!) ليقول لنا: أنا لا أؤيد ثورة تخرج من المساجد؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!.فهذا من أعجب العجب, وأكبر المدهشات, وأعظم المؤلمات, وأفظع التناقضات.

 هؤلاء الذين يخرجون من المساجد جزء مهم من أبناء هذا الوطن؟؟ ألم يضح قسم كبير من هؤلاء بدمائهم؟ ألم يضربوا ضرباً مبرحاً, وهم يدافعون عن المظلومين من أبناء شعبنا؟ ألم يكونوا زخماً هائلاً في مساندة الثورة ومعاضدتها؟

لماذا هذه الروح العدوانية يا سعادة المفكر؟ لم هذا التحيز الممجوج, وأنت ترفع شعارات الحرية؟ لصالح من هذه التفرقة, بين أبناء الوطن؟؟ لصالح من تكون هذه الذبحة بسكين القلم؟؟

وليت شعري ما الفرق, بين قلمك, ومدفع المجرم بشار الذي هدم مئذنة مسجد عثمان بدير الزور!!! ولا أفهم كيف أميز بين قلمك النافث السوء, وبين اقتحام الشبيحة للمساجد, وضرب المصلين فيها, والاعتداء على العلماء, الذين هم ورثة الأنبياء؟؟!!

اسمح لي أن أكون صريحاً معك, ولنضع النقاط على الحروف, لعل هذا يكون سبيلاً مهماً لفهم معادلة البناء الصحيح للوطن في قابل الأيام الجميلة, بعد زوال هذا النظام.

يا سعادة الكاتب المميز؟! الحرية, ليست كلمة تلاك, ولا تجارة تعرض في معارض البيع والشراء, وليست قطعة أثرية, نتغنى بجمال صنعها, وعظيم رونقها, وإنما هي فعل يسنده واقع, وفكر يترجم إلى عمل, وتربية تنعكس آثارها الإيجابية على حياة الناس.

والفصام النكد, بين النظرية والتطبيق, يحول القضايا إلى شعارات جوفاء ملتها شعوبنا, بل من أهم أسباب الربيع العربي, هذه العلة التي أشرت لها آنفاً, لأنها سببت كل شر جاء من بعدها.

والشعوب, ومنهم شعبنا السوري, ما عادت تنطلي عليهم مثل هذه المخاطبات الجوفاء التي بات عوارها مكشوفاً للصغير والكبير, والقاصي والداني.

مشكلة كبيرة, أن تكون (الديمقراطية) انتقائية, فإن أفرزت من أريد فأنا معها, وإن أفرزت من أكره, فأنا عدوها, تناقض ليس لنا إلا أن نقف حائرين أمام أصحابه, وباحثين عن أسبابه وبواعثه, لعلنا نجد لهم حلاً به ومن خلاله, يستطيعون فهم معادلة التوافق والتخالف, في إطار التعايش والإعذار, ونبذ كل أشكال الحقد والكراهية والإقصاء.

هناك تعليقان (2):

  1. نصرك الله بمداد الحكمة، وأسال مداد قلمك، وسدد كل رأيك، وجزاك خيرا عن عملك وقولك

    ردحذف
  2. الله يحفظك ويحميك ويحرسك وينصرك يا شيخ عامر انت رجل في زمن قل فيه الرجاا والله ينصركم ياااااااااااااارب

    ردحذف