انتهت المبادرة العربية ببعثة الدابي وانتقل الملف السـوري إلى التدويل وبدأ
فصل مسـرحي جديد ليُعطى النظام السـوري فرصة أخرى فالمجتمع الدولي يلعب مع النظام
لعبة الوقت كل بدوره وتبقى رحى الموت تدور والشعب السوري يدفع الثمن .
ما هو المطلوب من النظام إخماد الثورة وبسـرعة
وعلى هذا يراهن المجتمع الدولي ونبيل العربي وكوفي عنان ويقف العالم وراء إصبعه
بعد أن تيقن أن الربيع العربي لن يخدم إسـرائيل ؟
وهنا يأتي دور الشـعب السـوري في
امتحان قاسـي جدا هل يتحمل القتل والتنكيل والتعذيب الوحشـي ولفترة طويلة؟ والرهان
الخاسـر هو قدرة النظام على القضاء على الثورة ليخرجهم من المأزق الذي وضعهم فيه
صمود الشـعب السوري وحتى لا يكشـف نفاق العالم المتحضر في ادعاءاته بالحرية
والديمقراطية في الوقت الذي سـقط فيه تمثال الحرية وأقنعة من يختفون خلفه من المتبجحين
بالحرية وحقوق الإنسـان من أمريكا والغرب وكشـف النقاب عن كذب مريع فمتى كان هؤلاء
ينتظرون موافقة روسـيا ؟
ولكن أمام الإصرار الإسـرائيلي على رد
الجميل لهذا النظام الذي خدمها على مدة تزيد عن أربعة عقود وقف العالم أمام مرآة الحقيقة
بوجهه القذر وبدا وكأنه في هوليود يشـاهد مشـاهد القتل وكأنما يشـاهد فيلما
سينمائيا وليس أمام قتل حقيقي لشـعب أراد الحرية والكرامة . فعندما غزت أمريكا
العراق لم تنتظر موافقة احد وفي كوسـوفو
ومناطق كثيرة لم يأخذ رأي روسـيا عندما كانت قوة يحسب لها حسـاب فما أدراك اليوم
وهي تحكم بمافيا المال وجهاز مخابرات لا يختلف كثيرا عن النظام السـوري ولها
مشـاكلها الداخلية وتاريخ حافل في انتهاكات حقوق الإنسـان . ولكن هم يراهنون على
أمرين الأول هو ملل الشـعب ويأسـه من نجاح الثورة أو مقدرة النظام على إخماد
الثورة حسـب منطق والقوة والضعف فالنظام يمتلك القوة والثوار على الأرض لا يملكون
إلا الإرادة والصبر والتصميم الذي فاق كل التصورات في مواجهة القتل وبصدور عارية لهذا يُعطى هذا النظام المهلة تلو الأخرى.
والأمر الثاني هو أفغنة سـورية وتحويلها إلى منطقة صراع إسـلامي بين سـنة وشـيعة
وهذا ما بدأت تلوح في الأفق بعض ملامحه لكي ينشـغل الإسـلاميون عن أوربا ويصيبوا
عصفورين بحجر ظنا منهم هذا يبعد شـبح الإسلاميون عن أوربا وفي نفس الوقت يشـكل
ردعا لإيران التي يريدونها قوية في المنطقة ولكن ليسـت نووية وإيران القوة
المتنامية المتحالفة في محور بركس الجديد مع روسـيا التي بدأت تصعد مرة أخرى في
توريطها في مسـتنقع الصراع الذي يخططون له كما يبدو فوجود مئة ألف روسـي في سـورية
من خبراء عسـكريين وأمنيين من الفرقتين اللتان كانتا في الشـيشان يعطي هذا التصور
مصداقية في مؤشـرات واضحة لتكرار حرب بالوكالة مع روسـية بالإضافة لضم إيران على
الخط وبمال عربي ومقاتلين إسـلاميون بمسـاعدة نظام باع البلاد والعباد بأرخص
الأثمان من اجل البقاء في السـلطة وهذا ما يدل عليه العبارات التي يكتبها الجيش
الضال (الأسـد أو نحرق البلد) وأقول الضال لأنه لا يمثل الجيش السـوري رغم الفسـاد
الفظيع في هذا الجيش ولكن يبقى أبناءنا هم عصب هذا الجيش الذي عمل على تخريبه النظام
وزرع الفتن بين أعضائه لكسـب ولاء هذا الجيش وهذا هو الحل الأسـوأ ولكن هناك
مشـكلة أمام العالم في هذا السيناريو هو ضمان اسـتمرار تدفق النفط في احتمال
لتوسـيع رقعة الصراع نتيجة أطماع إيران ورعونتها وغرورها هنا وقف العالم في حيرة .
ويبقى رهاننا على صمود ثورتنا وهذا ما يربك المجتمع الدولي بعد فشـل عنان في تحقيق
لعبة وجد فيها المجتمع الدولي مخرج له في اليمن في التفافهم على الثورة اليمنية ومشـاركة
أحزاب اللقاء المشـترك التي قوضت جهود الشـباب في الثورة اليمنية صحيح استبعد صالح
من المشهد السـياسي ولكن النظام بقي بصورة مجملة وهذا هو السيناريو المطروح في
سـورية ولكن الأحزاب الموجودة في سـورية ليس لها أي رصيد شـعبي فهي أسـوأ من
النظام وشـريكته في ما يسـمى بأحزاب الجبهة التقدمية و قياداته مسـتفيدة من النظام
ومتسـلقة على سـلم الوطنية وأمام وعي غير مسـبوق من الثوار كشـفت الخدعة ورفضت لأن
هذه الأحزاب لا تجرؤ حتى الإعلان عن نفسـها كأحزاب معارضة لأنها مرفوضة شـعبيا
فتجمعوا مع بعض المسـتقلين لتجميل صورتهم بما يسـمى هيئة التنسـيق هذا الاسم الذي
يربط بينهم وبين التنسـيقيات بالاسم فقط لتعطي لنفسـها شرعية على الأرض ولكن
سـرعان ما رفضت وكشـف كذبها وأعلن الشـعب رفضها في جمعة كان شـعارها ( هيئة
التنسيق لا تمثلنا ) وهي المعارضة الشـريفة برأي النظام والمعترف بها من النظام
وروسـيا ونبيل العربي وإيران فلم تنطلي الخدعة على أحد وهنا وصلت مبادرة كوفي عنان
إلى طريق مسـدود نتيجة إصرار النظام على قمع الثورة وإصرار مقابل من الشعب للمضي
في تحقيق أهدافه وليعود العالم للبحث عن مخرج آخر لحفظ ماء الوجه أمام شـعوبهم بما
يدعون كذبا وبهتانا عن الحريات وحقوق الإنسـان والديمقراطية ويبقى الرهان على صبر
الشـعب السـوري في تحمله لما يجري وهم مسـتغربون من مقدرة هذا الشـعب العظيم على
تحمل مالا يحتمل ومندهشـون من عظمة هذا الشـعب ويطلقون الوعود الكاذبة كمخدر لهذا
الشـعب ولكن هيهات فالثورة ماضية في طريقها وليعلموا إن الشـعب أراد الحياة
والمارد خرج من القمقم ولن يعود إلى الوراء ولن يتحاور مع هذا النظام مهما بلغت
التضحيات وسـيستمر بنضاله السـلمي مع الشـق العسـكري المتمثل بالجيش الوطني (
الجيش الحر ) والثورة مسـتمرة والنصر لشـعبنا والله معنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق