هل تذكر أين انتهينا من أمسيتنا
السابقة ياصديقي المدير ؟
نعم ياسيدي الرئيس لقد انتهينا عند
نقطة وتعبير جديد سمعته لأول مرة من شخصك الطيب، عندما وصفت الشعب بالوالد والحاكم
بالإبن، وهذا الإبن قد يكون ولداً صالحاً، او أنه ولداً عاقاً لوالديه .
الآن تذكرت فشكراً لك أيها الصديق
على اهتمامك الكبير وكونك لاتنسى شيئاً مما يقال إليك، فأنا أكون فخور في نفسي قبل
أن أن أكون فخوراً بك ..!! لأنني عرفت من أختار لهذه الحملة المباركة .
يضحك المدير.... ويسأل بنبرة لطيفة
مشتركة مابين الطيبة والسخرية المبطنة ليقول :
وهل تراها حملة مباركة ياصديقي
العزيز ؟
وهل تجد في استلامك هذه المسئولية،
وعلى سبيل التوقعات أنك ستنجح في الانتخابات ...فهل تقول لي ماهي البركة والخير في
هذا المنصب ؟
سوف أشرح لك نقطتين هامتين يمكنك
استخلاصهما من هذه الحملة الانتخابية، ونعتي لها بالمباركة :
النقطة الأولى : أنك تجد في نفسك
مكنونات خيّرة وأخلاق فاضلة، ولكن هذه الأخلاق الفاضلة لايمكن أن تندرج تحت هذا
المسمى مالم تخرج لفائدة الناس والمجتمع والانسانية على العموم، أما إن بقيت في
داخلك، فهي كقطعة ماس موجودة في الربع الخالي... والخالي من أي حياة ..فهل تقول لي
عندها مالفائدة منها ؟
المدير : طبعاً لافائدة فهي كحبة
رمل مثلها كمثل حبات الرمال المنتشرة في ذلك المكان
من هنا ياصديقي نستطيع أن نعي
النقطة الأولى في حملتنا المباركة هذه، وهو أننا نسعى لبناء الأخلاق التي غابت عن
مجتمعاتنا طوال القرون الماضية، وأن لاتبقى حبيسة صاحبها وبدون فائدة .
النقطة الثانية : كما قلت لك أنني
اتخذت قراراً جريئاً في الترشح لهذا المنصب، مع أنك لو زنت الأمور بمقاييسها
المنطقية، فإنك ستجد أن هذا القرار يحيط فيه الفشل وقد تصل النسبة وقد تتشابه مع
نتائج الاستفتاء عندنا، ومع هذا مصر على الوصول إلى هدفي وسأنجح في الوصول إليه .
المدير : ألا تجد التناقض في القول
في أن نسبة الفشل عالية، ونسبة النجاح متدنية ومع ذلك تقول أنك ستنجح ...؟؟!!!
لا ....ياصديقي لايوجد تناقض في
القول في حال إن انطلقنا من بناء الانسان الجديد، والذي تحتاجه مجتمعاتنا
لقد انعدمت ثقة الناس بذاتها وكذلك
ثقتها بالآخرين، وانعدام تلك الثقة جعلت من مجتمعاتنا مجتمعات حالمة، وكل مشاكلها
مؤجلة، وكل مشكلة مرت أو تمر على الأمة صغرت أو كبرت، فصغائرها تتراكم حتى تصبح
قضية مستعصية، وكبائرها تضيع في تلاعب الشياطين الانسية في تفاصيلها، كقضية العرب
والمسلمين الأولى في القضية الفلسطينية .وكل ذلك بسبب المؤامرة ..فلن يعلو ظهرك
أحداً مالم تحنه له .
فلو استعرنا من بعض الفلاسفة وبعض
علماء النفس والاجتماع مستخلصاتهم البحثية نجد أنهم يجمعون على نقطتين رئيسيتين :
الأولى : يمكن توضيحه في المثال
الآتي :
قبل الثورة في سوريا كان يخرج
علينا الكثير من الاعلاميين السوريين، معبرين عن حرية الصحافة في سوريا، وأنه لم
تسجل حالة اعتقال واحدة لصحفي أو إعلامي، وهذ الادعاء ليس بغريب عن الواقع، لأنه
يعني أن الاعلاميين السوريين والصحفيين لايستطيعون تجاوز الخطوط الموضوعة أمامهم،
ويمكن تشبيه ذلك ببركة ماء ساكنة تراقبها لساعة على سبيل المثال، ولا تجد أي حركة
مثيرة للإنتباه، فهذا يعني أن هذا الماء خال من المجتمعات الحيوانية، فهو إما ماء
سام، أو مالح لايصلح لأي شيء .
الثاني : عندما تؤمن بتحقيق هدف
معين وأنك ساع لتحقيقه فعليك أن تضع أمام عينيك النجاح أولاً ... وأن الفشل قد
يكون وارداً أيضاً, فالخارجين عن الركود في المجتمع هم الذين يصنعون الحياة، كشمعة
توقد في مكان مظلم حتى يعم نورها على الآخرين، كالأنبياء والعلماء والمصلحين على
مدى التاريخ البشري . ولكن هنا يكون الفشل محفزاً لتحقيق هدفك، فعندما تضع في نفسك
النجاح وتضع معه الفشل، وتعمل على تحقيق هدفك عندها إن اعترضك الفشل في التحقيق
فلن يكون مفاجئاً لك ليشعرك باليأس والقنوط، وإنما سيجعلك أكثر نشاطاً في البحث عن
سبب الفشل وتداركه في المراحل التالية .
لذلك ياصديقي علينا بناء الوالدين
أولاً، حتى لايكون عندنا ولد عاق ....
يتبع....
د.عبد الغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق