أرض الشَّام
أرض الكرامات والبطولات، وأهل الشَّام ورثوا المجد والعزَّة والأنفة كابراً عن
كابرٍ، وكلُّ يوم يمرُّ على أرض الملاحم وبلاط الشُّهداء، ليزيد في مجد وفخار هذا
الإقليم العظيم، إنَّ ما نراه من شجاعة أبطالنا، وأسودنا في الشَّام، وتعلُّقهم
بالله رغم الحقد الأسود، والقتل والتَّدمير، واستباحة الأعراض والحرمات، لم يكن إلا
بتدبير إلهيٍّ، كم رأينا بأعيننا المجرمين، وهم يقتلون ويذبِّحون الأبرياء والأطفال،
وهؤلاء الأبطال يتحدُّونهم بسلاح عجزوا عن الوقوف أمامه، أو إسكاته، إنَّها
القنبلة التي تدوِّي في أركانهم، وتزلزل كراسيهم، القنبلة هي كلمة: ( الله أكبر )
هذا النِّداء الخالد، الذي هزَّ عروش القياصرة، ودكَّ قصور الأكاسرة، وفتَّت
الاتِّحاد السُّوفياتي، وقريباً سيزيل الاتِّحاد الأمريكي، ومن بعده إسرائيل،
والله غالب على أمره، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب سينقلبون، وسيعلم الكفَّار
لمن عقبى الدَّار.
أتتني قصص
وروايات عن صمود وكرامات أهلنا في الشَّام، ومواقف وكلمات أكيد سيسجلها التَّاريخ،
ولكن وصلتني للتوِّ قصة أبكت قلبي، وأدمعت عيني، ووقفت متأمِّلاً لها طويلاً،
وعلمت علم يقين أنَّ الثَّورة السُّوريَّة الرَّاعي الحقيقيَّ لها هو ربُّ العزَّة
والجلال، وإليك عزيزي القارئ الكريم أحداث هذه القصة العجيبة:
إنَّها قصَّة
طفلٍ بطلٍ من أبطال الشَّام الشَّامخ العظيم، وكم من بطولات سطَّرها أطفال
الشَّام، وما شرارة قيام الثَّورة المباركة إلا على أكتاف أطفال درعا، إنَّهم
أطفال بأعمارهم، لكنَّهم رجالٌ وقادة بأفعالهم، أصبحوا رجالاً في عمر الثَّورة
القصير، مع أنَّ عيونهم حين تفتَّحت لم تر إلا المجرم أمام عيونهم رئيساً لهم، ولم
يتعلَّموا في مدارسهم إلا التَّقديس للبعث والحاكم، والكثير منهم كان يخاف الحاكم أكثر
من خوفه من الله.
طفلنا البطل
اعتقل، وحين كان يضرب بالسِّياط الآثمة، وبحقد الطُّغاة المجرمين، كان أحدهم يقول
له: من يخلِّصك من بين أيدينا ؟. فيقول بطلنا: بابا. فيسبَّون أباه، وينعتونه بأبشع
ما حوته ألسنتهم السَّافلة من قاذورات، ثمَّ يعاودون الضَّرب والتَّنكيل به،
وصغيرنا البطل يتأوَّه ويصيح من شدَّة الألم، فيعيدون عليه الكرَّة قائلين: من يخلِّصك
من بين أيدينا ؟. فيقول: ماما. وتنهال الشَّتائم مرَّة أخرى عليه وعلى أمِّه أبشع
من سابقاتها. حتَّى إذا أنهك صغيرنا البطل، سحبوه الى زنزانة، ليلتقي فيها بشيخٍ كبيرٍ،
فقصَّ عليه صغيرنا ما جرى معه فقال الشَّيخ: يا ولدي سامحك الله ألا تعلم أنَّه لن
يخلِّصك من بين أيديهم إلا الله، فقال البطل كلمات هزَّت كياني، وأبكت مقل عيني،
وعلمت علم يقين أنَّ نصر أهل الشَّام بمثل هذا الطِّفل وأمثاله، ممَّن تربَّوا على
عقيدة التَّوحيد، قال البطل للشَّيخ معللاً قوله: ( يا عم!! أعلم والله ذلك علم
اليقين، أنَّه لن يخلصني من بين أيديهم إلا الله، ولكنِّي خشيت إن ذكرت لهم الله، أن
يسبُّوا الله، وهذا مالا أرضاه، ولن أمكنهم منه).
الله أكبر هنا
تأكَّدت وأيقنت أنَّ ثورتنا إلهيَّة، لأنَّ طفلنا ما تربَّى في مدارس مشايخنا
العظام كالشِّيخ: ابن باز، أو ابن عثيمين، أو يوسف القرضاوي، أو محمَّد حسَّان، أو
غيرهم. ولكن تربَّى في المدرسة التَّأهيليَّة الإلهيَّة، فهؤلاء هم أجيال الغد،
وجنود الأقصى، بدأ الإعداد الإلهيُّ لهم؛ ليكونوا جيل التَّغيير الرَّبَّانيِّ،
والنَّصر المحتوم الموعود على أعدائنا، من عائلة الأسد اللَّصيقة بأهل البلد، وأسيادهم
بني صهيون.
قف في دمشق وحيِّي
اليوم من فيها إنَّ الشَّآم جنود الله
تحميها
قالت إليَّ فكنَّا
خير من سبقوا نبغي الشَّهادة في جلّى نلبيها
واسأل حماة خليلي
إن حللت بها عزَّت حماة
وذلَّ اليوم شانيها
وابعث إلى حلبَ
الشَّهباء أغنية كلُّ الحناجر
يا شهبا تغنيها
وللبطولة في حمص
غطارفة فابن الوليد
بها والفخر يكفيها
* يقول الباحث
في القرآن والسُّنَّة، علي بن نايف الشَّحود، في موسوعة البحوث والمقالات
العلميَّة:
(الشَّام كلمة سريانيَّة
تعود إلى سام بن نوح الذي استوطن تلك البلاد بعد الطُّوفان. هذه الأرض تشمل اليوم
سوريا (الأصل: سيريا أي بلد السِّريان) ولبنان وفلسطين والأردن. حكم السَّاميُّون
الشَّام منذ عهد نوح عليه السَّلام إلى اليوم، وعُرف عنهم شدَّة البأس في القتال، وحبَّ السَّفر وسرعة التَّعلُّم. وظلَّت لغتهم
السِّريانيَّة - بفضل الآراميين والفينيقيين - اللُّغة العالميَّة (أي كالإنكليزيَّة
اليوم) سبعة عشر قرناً، من القرن السَّابع قبل الميلاد إلى القرن السَّابع
الميلادي، ولا يعرف أية لغة أخرى دامت كلَّ ذلك العهد. واخترعوا لها أبجديَّة،
أصبحت أساس أبجديَّات العالم كلِّه.
وقد عُرف عن أهل الشَّام
تمسكهم الشَّديد بلغتهم السِّريانيَّة حتَّى إذا جاء الإسلام رحبوا به بشدَّة، وساعدوا
العرب ضدَّ الروم، ثمَّ إنَّهم تحوَّلوا جميعاً إلى الإسلام في سنين قليلة، واستبدلوا
لغتهم السِّريانيَّة باللُّغة العربيَّة فسادت اللُّغة العربيَّة على سائر اللُّغات
الأخرى لعدَّة قرون. ومن المشهور في التَّاريخ ما كان من الاستقبال الحافل الذي
استقبل به أهلُ الشَّام عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، وما كان من أن سمَّوه
"الفاروق" وهي كلمة سريانيةٌ تعني "المنقذ". لذلك وجد الإسلام
بيئة خصبة في تلك المناطق وخاصَّة بالشَّام، حيث
بلغت العصبيَّة الإسلاميَّة تحت حكم بني أميَّة ذروتها، ولم يمض 26 سنة على فتح دمشق حتَّى أصبحت عاصمة للخلافة الإسلاميَّة.
كان أهل الشَّام أشجع
النَّاس في القتال، ومن حاز على ولائهم فاز، فكانوا سبب سيادة بني أميَّة، فذلك
سبب قول علي رضي الله عنه لشيعته من الفرس وأهل العراق: " من فاز بكم فاز
بالسَّهم الأخيب " وقوله: " والله! لوددت لو أنِّي أقدر أن أصرفكم صرف
الدِّينار بالدَّراهم، عشرة منكم برجل من أهل الشَّام! ".
ولم ينج بلد من الفتن التي
تلت مقتل عثمان رضي الله عنه إلا الشَّام فكان ذلك قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
" ألا وإٍنَّ الإيمان حين تقع الفتن بالشَّام". على أنَّه لما مات يزيد ورفض
ابنه معاوية الثَّاني أن يستلَّم الحكم، بايعت البلدان عبد الله بن الزبير رضي
الله عنه حتَّى إذا مات معاوية، وأتى من بعده مروان بن الحكم، لم يبق من البلدان
أحد لم يبايع ابن الزبير؛ إلا جزءٌ من الشَّام، فالتقى جيش الشَّام مع جيش يفوقه
أضعافاً مضاعفة قرب دمشق، فانتصر أهل الشَّام، ولم تمض إلا سنين قليلة حتَّى حكموا
سائر الأقطار الإسلاميَّة. ثمَّ قاموا بالفتوحات العظيمة، وامتدَّت دولتهم من غرب الصين
إلى أواسط فرنسا (أي أكبر دولة شهدها التَّاريخ حتَّى ذلك الوقت) دون أن تضعف
سيطرة الخلافة في دمشق على الأطراف، وظلَّ الإسلام نقيَّاً من الحركات الرَّاغبة
في تحريفه، على أنَّه ما أن انهارت الدَّولة الأمويَّة، وبدأت الدَّولة العباسيَّة
حتَّى عادت العصبيَّة الشُّعوبيَّة واشتدَّت وكثرت الحركات الهدَّامة كالزَّنادقة،
والشُّعوبيَّة، والرَّافضيَّة …إلخ، وضعفت الدَّولة وأخذت تتفتَّت حتَّى في زمن
الخلفاء الأقوياء كالرَّشيد.
خرج من الشَّام الكثير
من الفقهاء، والمحدِّثين الكبار أمثال: عمر بن عبد العزيز، والإمام النَّووي، وشيخ
الإسلام ابن تيميَّة، وتلميذه ابن القيم الجوزيَّة، والعلامة ابن كثير، وكثيرٌ من
أمثالهم. كما قد وعد الله تعالى ووعده الحقُّ بأنَّ طائفة من أمَّته باقية على
الحقِّ منتصرة في دمشق والقدس، حتَّى مجيء السَّاعة، ويسمَّون بالأبدال، كلَّما مات
منهم أحدٌ أبدله الله بآخر. وأخبرنا الحبيب المصطفى عليه الصَّلاة و السَّلام: أنَّ
الخلافة ستعود إلى دمشق، وسيحكم المهدي (محمد بن عبد الله) منها، ويقود العرب للنَّصر
على الروم في حرب ضروس عظيمة، تسمَّى الملحمة الكبرى، لم يشهد التَّاريخ مثلها
أبداً. ثمَّ ينزل المسيح عليه السَّلام على المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيكسر الصَّليب،
ويقتل المسيح الدَّجال(مهدي الرَّوافض)، ويدعو للإسلام، فيؤمن له من في
الأرض جميعاً. ولولا فضل الشَّام في الإسلام لما خصَّها الله بكلِّ هذا المديح
والثناء).
* يقول شيخ الإسلام ابن
تيميَّة رحمه الله، في كتابه مناقب الشَّام وأهله: ( ثبت
للشَّام وأهله مناقب بالكتاب والسُّنَّة وآثار العلماء، وهي أحد ما اعتمدته في تحضيضي
على غزو التَّتار، وأمري لهم بلزوم دمشق، ونهيي لهم عن الفرار إلى مصر، واستدعائي للعسكر
المصريِّ إلى الشَّام، وتثبيت العسكر الشَّامي فيه.
وقد
ظهر مصداق هذه النُّصوص النَّبويَّة على أكمل الوجوه في جهادنا للتَّتار، وأظهر الله
للمسلمين صدق ما وعدناهم به، وبركة ما أمرناهم به، وكان ذلك فتحاً عظيماً ما رأى المسلمون
مثله، فإنَّ التَّتار لم يهزَموا أو يُغلَبوا كما غُلِبوا على باب دمشق في الغزوة الكبرى
التي أنعم الله علينا فيها).
أختم بالدُّعاء على فشَّار الجزَّار فأقول: اللهمَّ منزل الكتاب،
ومجري السَّحاب، وهازم الأحزاب، اهزم بشَّار وجنوده، وفرِّق جمعهم، وزلزل الأرض من
تحت أرجلهم، اللهمَّ عليك بهم من حيث لا يحتسبون. اللهمَّ عليك بهم، وبمن أعانهم على
ظلمهم، يا قويُّ يا عزيز.
اللهمَّ أرنا فيهم
عجائب قدرتك، اللهمَّ أرنا فيهم عجائب قدرتك.
اللهمَّ ريحاً صرصراً
عاتيةً، تجعلهم كأعجاز نخلٍ خاويةٍ، اللهمَّ سخِّر عليهم جنداً من جنودك.
اللهمَّ إعصاراً
يجعلهم بلا مأوى ولا دار. اللهمَّ طوفاناً يسحقهم بلا هوان. اللهمَّ بركاناً يحرقهم
هم والأمريكان مع الصَّهاينة والمجوس وأهل الإلحاد.
اللهمَّ أحصهم عدداً
... واقتلهم بدداً ... ولا تغادر منهم أحداً ... لا تدع لهم طائرة في الجوِّ إلا
أسقطتها.. ولا بارجة في البحر إلا أغرقتها.. ولا دبَّابة على الأرض إلا أحرقتها..
اللهمَّ جمِّد
الدِّماء في عروق فشَّار وأعوانه.. اللهمَّ سكِّن ما تحرَّك من أجسادهم.. وحرِّك ما
سكن في أجسادهم.. يا ربَّ العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق