الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-05-27

إيتوني بخبرٍ غيرِ هذا…أو بدِلوه لي بما يدفعُه – بقلم: د. محمد وليد حياني


لا يمكن تفسير عربدة النظام الطاغي - وهو يدعي الصمود والممانعة ويعتبر كل عمل تحرري ضده حربا كونية عليه وحرفا لمسيرته النضالية التحررية عن مبتغاها الحقيقي – لا يمكن تفسير تدمير البيوت فوق ساكنيها والمحال التجارية وكامل البنية التحتية في كل من الحولة و حمص والرستن والقصير و تفتناز وسراقب و البارة وبلين وكفرعويد و تل رفعت ومارع وحريتان وعندان واعزاز والقورية وجورة الشياح ودرعا وإنخل والصنمين ودوما وحرستا وحماة وطيبة الإمام والتمانعة وحرستا ودوما ومضايا والزبداني والقابون والميدان وكفرسوسة والقدم … وتفجير السيارات المفخخة في دمشق وحلب وكأنها نشيد وطني يعزف عند قدوم لجان المراقبين العرب والأجانب …ولو أردنا حصر القرى والبلدات والمدن التي دمرها النظام لضاق مقالنا بحصرها في صفحات …إذا لا يمكن تفسيره إلا بشيء واحد وهو سياسة الأرض المحروقة لتلك المدن الممانعة له والمتصدية لأمنه وشبيحته وقطعات جيشه من خلال ثورة سلمية يحميها الجيش الحر …. إنه الجيش الأسدي النظامي , بل إنها المؤسسة العسكرية الوحيدة التي أبقت النظام واقفا على رجليه ولم يسقط حتى اللحظة , ومازال يعيث في الأرض فسادا, تلك المؤسسة التي أرهقت ميزانية الدولة السورية على مدى خمسين عاما , وبعد أن أصبحت طائفية بامتياز استثمر فيها أرباب الطائفة العلوية من الحرس القديم والجديد فضلا عن النظام نفسه عشرات المليارات فيها , ويقومون من خلالها اليوم بضرب المدن الثائرة ضد النظام  أو المنقلبة عليه , ليبقيها دمارا وخرابا .


لم ولن يسقط النظام في سوريا بسرعة كما حدث في ربيع الثورات العربية , فقد كان التحول ضد نظام بن علي سريعا وفي لحظات , وكانت خاتمته الأسرع عندما قال قولته المشهورة " الآن فهمتكم , لكن بعد فوات الأوان " ثم جاء دور المؤسسة العسكرية في مصر , التي أجبرت نظام مبارك على الرحيل بمجرد أن توجهت الجماهير الشعبية بزحفها المقدس من ساحة التحرير  نحو القصر , فيما كان الجيش يحمي هذه الثورة ويقف حاجزا ضد الاعتداء عليها.

لكن المؤسسة العسكرية في سوريا تختلف كليا عما سبق ذكره , فالجيش السوري حُرف عـن مساره الحقيقي في الدفاع عن البلاد , فكان جيش تواطؤٍ منذ أن استولت عائلة الأسد على الحكم قبل اثنين وأربعين عاما , وأصبح طائفيا بامتياز من حيث البنية والقيادة مع صبغة وطنية لاتسمن ولا تغني من جوع , إذ يتحكم ضابط علوي مهما صغرت رتبته بأعلى رتبة من طائفة أخرى , ونحن هنا لم نأت بجديد , فالقاصي والداني من أبناء  الشعب السوري أدرك وعاين وعايش ذلك , إذ أن مفاصل الجيش الأسدي الأساسية يتحكم فيها أهل الطائفة, لذا لم نجد إلى يومنا هذا انشقاقات كبيرة تقصم ظهر الجيش النظامي, كما حدث في ليبيا, لقد مضى أكثر من عام وأربعة أشهر على عمر الثورة, ولم تنشق قطعات كاملة بأسلحتها وذخائرها, بل لم تغادر طائرة واحدة أو سرب من الطائرات الحربية أرض مطار سوري ليحط في دول الجوار مثلا , واقتصرت الانشقاقات على أفراد أو مجموعات صغيرة تغادر قطعاتها وتلوذ بالجيش الحر وهذا مالم يفت في عضد النظام وساعده.

لن يترك هذا الجيش المتواطئ المدن السورية إلا قاعا صفصفا وسيدمرها – لاقدر الله – واحدة تلو الأخرى , فهذه حمص وبلداتها والمدن والبلدات الأخرى المدمرة  شاهدة على تخريب البنية التحتية ثم الانسحاب .

إلى أين سيكون الانسحاب الأخير؟؟؟ سيكون إلى دولة جديدة بمباركة أمريكية غربية صهيونية , هي دولة العلويين , حيث يسحب إليها أرباب المؤسسة العسكرية كامل قطعات الجيش التابعة لها والأسلحة والذخائر , وتعيش سوريا السنية بعدها في ظلام دامس ,مقطعة الأوصال , وتحتاج كما العراق إلى خمسين سنة لإعادة بنائها وتعافيها بعد انكفائها على تضميد جراحها , وهذا العراق لم يشف بعد إلى يومنا هذا من حربه الطائفية , ولن يكون هناك حل لمعضلته إلا بالانقسام إلى دول ثلاث شيعية وسنية وكردية , كل ذلك سيأتي من خلال عاصفة هوجاء مؤجلة لحين ضرب إيران من قبل إسرائيل والغرب .

إن ضغط اللوبي الصهيوني على أمريكا والغرب للإبقاء على هذا النظام ولو كان ضعيفا, مستمر حتى اللحظة , ونتيجة لتبني هذا الموقف قررت إسرائيل وضع (فيتو) واضح وقاطع على أي جهود خارجية، إقليمية أو  دولية، لتوفير الدعم للثورة السورية. وتم إعلام جميع الأطراف الدولية بنية إسرائيل بالعمل على إعاقة أي مشاريع لتوفير الحماية الدولية للثورة السورية، أو تقديم أي إسناد سياسي أو عسكري قد يساعد  الثورة في تحقيق الانتصار على هذا النظام , وهذا ما نلحظه من تراجع المواقف في كل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا , وما القرار 2043 إلا تناغم روسي غربي صهيوني في المواقف لإطالة عمر النظام وتمكينه من القضاء على الإنتفاضة والثورة .

‏إن إفشال الثورة السورية أمسى اليوم أحد الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل، ومن مهازل التاريخ أن تقف إسرائيل و إيران وحزب اللات على أرض مشتركة، وفي خندق واحد لحماية النظام السوري من هذه الثورة الشعبية.….

إن حل تقسيم سوريا إلى دولتين ابتداء , ونتيجة لتعقد وضع الساحة السورية إقليميا ودوليا , سيصبح مطلبا لكلا الطرفين نتيجة الاحتراب الطائفي – لاقدر الله - الذي يسعى النظام بكل ما أوتي من قوة إلى جر البلاد والعباد إليه , ولكن لايوجد للدولة العلوية الوليدة مدينة طائفية ساحلية صرفة , ولا توجد له أيضا من جهة الداخل مدينة سهلية صرفة , ولهذا فإننا نرى بوادر التهجير الطائفي للأسر الحمصية من أحيائها وإحلال أسر نصيرية مكانها في تغيير ديموغرافي شبيه بإسرائيل مع الفلسطينيين وبناء الجدار العازل أو الفاصل فيها, والمذابح المرتكبة بحق الأطفال , ماهي إلا عناوين طائفية بالخط العريض .

 حل الدولتين السنية والعلوية سيكون سريعا لاتفاق مصالح الغرب مع الروس على التهدئة , حيث تضع روسيا يدها على الدولة العلوية الوليدة الضعيفة , والتي لن تكون محل جذب للجامعة العربية لتضمها إليها, ويبقى ميناء طرطوس قاعدة بحرية للروس كمنفذ لهم على البحر الأبيض المتوسط , فيما تبقى الدولة السنية المنهكة الضعيفة عاجزة عن لملمة جراحها, نتيجة الخراب والدمار الذي لحق بها  , وستظل في صراع مع جارتها الوليدة من أجل منفذ على البحر , إبان هذا الصراع سينفصل الكرد المتربصون لمثل هذه الفرصة , ويعلنون انضمامهم إلى شمال العراق الذي ينتظر كردستانه بفارغ الصبر تحقيق حلمه في دولة كردية بمباركة صهيونية , وفق مخطط مرسوم لذلك من قبل إسقاط بغداد .

ولن يقتصر الأمر عند هذا الحد, بل ستنشأ الدولة الدرزية العابرة لحدود الدول, تلك الدولة التي تأخر الإعلان عنها خمسين عاما وأعلن عنها المؤتمر الدرزي الأول في عمان عام2000, هذه الدولة القليلة في عدد السكان, والتي تحرسها أعظم قوة في الشرق الأوسط – إسرائيل– بأسلحة الردع النووي, فضلا عن الأسلحة التقليدية , ويمدها جسر جوي عابر للبحار من الغرب. 
كل هذا يجري وفق مخطط دراماتيكي ثقيل الوطأة , يكون الرابح فيه دولة إسرائيل – المسخ– بين دويلات الحمير المتنافسة على كسب رضاها, وتكون بذلك ألجمت حزب اللات وضربت عدة عصافير بحجر واحد سوريا وإيران وحزب اللات .

إيتوني بخبر غير هذا أو ردوه بشيء مقنع أو بعلم ويقين يدحض هذا التصور .الأصل فيمن عرف هذا المخطط الأسدي وأستوعبه وقادر على الحركة وغير مسلوب الإرادة , أن يقطع الطريق عليه , و ينقل المعركة إلى القرداحة وكل المدن والبلدات المجاورة لها , ولو كانت عبارة عن ترسانات من الأسلحة , لأنهم يدمرون  بلداتنا واحدة تلو الأخرى , ونحن قيام  ننظر , أوننتظر المصير المحتوم , وبما أننا ميتون ميتون على كل الأحوال , فلنمت بعز وواقفين وقفة عز , وقفة تقطع الطريق عليهم في الوصول إلى أهدافهم , وتوقف  مخططهم , ونحن أسياد الموقف وسيأتي بعدها حكماء النصيرية ليقبلوا الأقدام طلبا للكف ورضوخا للمصالحة.

 ولتكن البداية بتحريك قطعات الجيش الحر لتطويق القرى والبلدات التابعة لهم والمفصولة تماما عن جسمهم كبداية إنطلاق , وليشرَد أهلها ويرحَلوا كما يفعل النظام بمدننا وبلداتنا , فإن كف النظام عن عربدته وتدميره وسحب قطعاته منها فبها ونعمت , وإلا فلا , وليستمر الزحف المقدس لتخليص البلاد والعباد منهم .

وأخيرا من كان له علم بهذا ويخفيه عن أبناء جلدته ويعتبر نفسه رائدا لهم , أو سيدا فيهم أو ممثلا لهم أو ناطقا باسمهم , فالرائد لايكذب أهله , وسيسقط الشعب جميع الرواد الكاذبين من هذا الصنف , لأنهم خانوا دينهم وشرفهم وأمانتهم , وهم محض متواطئين على أمتهم وقضيتهم ونضالهم سواء كانوا في قيادة المعارضة أو الجيش الحر أو المجلس الوطني أو قيادة الثورة في الداخل , وإن كانوا من ذوي الحل والعقد فليسارعوا لتلافي هذا التدهور الخطير, قبل أن تطير عروش وترتفع نعوش , وسيعاد ترتيب المنطقة وفق ماتريد أمريكا وأسرائيل , من خلال مشروع ’’الفوضى الخلاقة’’ الذي نادت به رايس وزيرة الخارجية السابقة إبان حكم بوش الإبن ,وستكون إسرائيل الآمر الناهي في الشرق الأوسط الجديد , الذي حبلت فيه الأيام وتأجلت ولادته عدة مرات . ونرجو أن لايكون على حساب بلدنا وأمتنا ومقدراتنا.
د.محمد وليد حياني  

هناك تعليق واحد:

  1. لكن هذه الطريقة في الحرب ثمنها كبير. لا أدري إن كان ثمنها أكبر مما يلاقيه الشعب السوري الآن، ولكن أظن أن تبعاتها ستكون كبيرة. فالغرب كله سيقف ضدك، وستكون تهمة التطهير الطائفي جاهزة ضدك؛ لأن الطائفة العلوية عندئذ ستكون هي المظلومة وهي المضطهدة، وسيتباكى عليها الغرب حينئذ، وسيطالب بحمايتها من التطهير. وسيتبعه قوات أجنبية تنزل للحماية ضد السنة -المتوحشين-. وستزرع الدولة العلوية بالقوة وتحمى، كما زرعت إسرائيل وحميت من كل الدول الغربية...
    أرى أن استنزاف النظام في الوقت الحالي رغم أنه بطيء ولكنه أجدى لأنه سيأتي وقت ينهار فيه النظام مرة واحدة على كل الصعد الاقتصادي والعسكري...

    ردحذف