قتلتم، سجنتم،
اغتصبتم، سحلتم، نفيتم، طردتم، هجَّرتم، سرقتم، نهبتم، وماذا بعد هذا ترغبون فعله
بالشَّعب السُّوري العظيم؟. صدق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حيث قال: (إنَّ ممَّا
أدرك النَّاس من كلام النُّبوَّة الأولى، إذا لم تستح فاصنع ما شئت)رواه البخاري. المتابع
لمسيرة عائلة الأسد الحاكمة في سوريا منذ عام 1970م، يلاحظ أنَّ هذا البلد الصَّغير
المعروف بعروبته ومساندته للقضايا العربيَّة، تحوَّل خلال العقود الأخيرة، من سوريا
المعروفة بقلب العروبة النَّابض، إلى سوريا بلا قلب.
عانى الشَّعب السُّوري
الأمرَّين منذ وصول حافظ الأسد إلى الحكم، بعد أن انقلب على أصدقائه في حزب البعث،
وأطلق على انقلابه اسم: الحركة التَّصحيحية، على اعتبار أنَّ أصدقائه البعثيين، انحرفوا
عن مسار حزب البعث، وانحرفوا عن شعاراته المتمثِّلة في: الوحدة، والحريَّة، والاشتراكيَّة.
أدرك الأسد الأب
أهميَّة إحاطة نفسه بأفراد من العائلتين، الصُّغرى: آل الأسد، والكبرى: الطَّائفة العلويَّة،
فسلَّم عائلته وأعداداً من الطَّائفة العلويَّة مناصب حسَّاسة في الحزب، والدَّولة،
والجيش، بحيث باتت قوَّة حقيقيَّة مؤثِّرة، كما قرَّب أفراد عائلته من مفاصل السُّلطة،
وبينهم شقيقه: رفعت، غير أنَّ حافظ الأسد، رأى في قوَّة أخيه المتصاعدة داخل الجيش
مؤشراً سلبيَّاً، فأطاح به خارج الجيش والبلاد عام 1980م، بعد أن كان ذراعه العسكريَّة
التي فتكت بالإخوان المسلمين عام 1980م، أمَّا شقيقه الآخر: جميل، الذي تورَّط بتأييد
رفعت، لكن من دون تدخل فعليٍّ، فقد بقي إلى جانب شقيقه، مفضلاً الاهتمام بشؤون غير
سياسيَّة، فيما يتولى أبناؤه مهام متعدِّدة في الدَّولة، والجيش، والحزب.
اتَّخذ الأسد الأب
قراراً بتوريث نجله الأكبر باسل السُّلطة، فباتت صوره إلى جانب صور أبيه في كلِّ زاوية
من سوريا ولبنان. كان من الطَّبيعي أن يكون باسل، هو الوريث لوالده. فقد مشى باسل على
خطى الأب في الجيش والسِّياسة، فيما كان بشَّار يتخصَّص في طبِّ العيون في لندن. لكن
باسل الذي يحبُّ ركوب الخيل والسَّيَّارات السَّريعة، قضى في حادث سيَّارة عام
1994م، عندما تحطَّمت سيَّارته المرسيدس على طريق دمشق السَّريع، وهو ابن 31 عاماً.
قيل: إنَّ الأمَّ أنيسة مخلوف، كانت تفضِّل الابن الأصغر: ماهر لكونه رجلاً عسكريَّا
صلباً. ولكن! الأسد الأب فضَّل بشار الذي استدعاه من لندن ليدخل القوات المسلحة سريعاً،
وترقَّى خلال 5 سنوات، ليتبوَّأ مناصب كبيرة، أهَّلته ليكون الرَّئيس الجديد للجمهوريَّة
بعد وفاة الأب. فاجتمع مجلس النُّوَّاب سريعاً، وعُدِّلت القوانين اللازمة لوصوله إلى
الرَّئاسة، وتمَّ انتخابه فوراً، ليصبح الرَّئيس الجديد للبلاد، وعمره 34 عاماً فقط.
مع وفاة الأسد الأب،
بدأت مرحلة جديدة في سوريا، عنوانها الظَّاهر هو «الحداثة» والرَّخاء الاقتصادي، ومضمونها
تورُّط أفراد العائلة في الحياة الاقتصاديَّة إلى حدٍّ كبير، مع تسجيل حالات فساد
هائلة، في الاقتصاد الوطنيِّ السُّوريِّ، وتزعَّم عمل الفساد، رأس الفساد وعنوانه:
رامي مخلوف، ابن خالة الرَّئيس الجديد، الذي أصبح يسيطر على معظم المرافق الاقتصاديَّة
للبلاد.
وإليك - عزيزي
القارئ - نبذة عن بعض أفراد عائلة الأسد الذين أهلكوا الحرث والنَّسل، وعاثوا في
سوريا الفساد والإفساد المبرمج والممنهج:
- ماهر
الأسد
|
ولد ماهر الأسد
الشَّقيق الأصغر للرَّئيس السُّوري عام: 1968م. ويتولى ماهر قيادة الحرس الجمهوريِّ الذي يضمُّ حوالي: 12 ألف رجل،
وقيادة الفرقة الرَّابعة في الجيش. ويحتلُّ ماهر الأسد بحكم ذلك موقعاً أساسيَّاً في السُّلطة مؤثِّراً
على السِّياستين الدَّاخلية والخارجية –العلاقة مع إيران- ونقلت وكالة "أي بي" عن الصَّحافي السُّوري
المعارض المقيم في لندن: بسام جعارة قوله: " إنَّ نفوذ ماهر شقيق الرَّئيس
واسع للغاية، فهو قائد الوحدتين الأكثر قوَّة في الجيش ممَّا يجعله من الطَّبيعي
صاحب الكلمة الأخيرة ". وإذا كان بشار يتمتَّع بصورة الإصلاحيِّ فإنَّ ماهر الأسد
يمثِّل الجناح المتصلِّب في النِّظام " الوجه الذي لا يعرف الرَّحمة "
بحسب رأي: إنياس لوفرييه، دبلوماسي
سابق، وصاحب مدوَّنة مخصَّصة
لسوريا على موقع صحيفة "لوموند". كما يتحكَّم ماهر
بأولاد عمِّه، منذر وفواز الأسد اللَّذين يقودان: "الشَّبِّيحة" الميليشيا التي تلعب
دوراً مفصليَّاً في قمع الانتفاضة الشَّعبيَّة ضدَّ النِّظام. وكان الاتِّحاد الأوروبيُّ فرض عقوبات ضدَّ ماهر
الأسد عام 2011م، ولم يتردَّد في وصفه بِ: " مهندس حملة القمع ضدَّ
المتظاهرين السِّلميين" الذين رفعوا في مظاهراتهم ضدَّ النِّظام شعارات تندِّد
شخصيَّاً بشقيق الرَّئيس السُّوريِّ الذي يصفه الكثيرون بِ" عصبيِّ المزاج، غريب الأطوار،
ودموي ". ويذكر أنَّ اسم ماهر الأسد ورد
كمشتبه فيه باغتيال رئيس الوزراء اللُّبناني السَّابق: رفيق الحريري في التَّقارير
الأوليَّة للجنة التَّحقيق الدُّولي.
- أصف شوكت
|
يبلغ الجنرال: آصف
شوكت من العمر: 51 عاماً، وهو متزوِّج منذ 1995م، من بشرى الأسد الشَّقيقة الكبرى
للرَّئيس السُّوري. وقد وقفت عائلة الأسد ضدَّ هذا القران في البداية. في نوفمبر - تشرين
الثَّاني 1999م، أصيب آصف شوكت بطلقات ناريَّة وجَّهها إليه شقيق زوجته: ماهر
جرَّاء سجال في القصر الرِّئاسي.
بعد تلك الحادثة
صعد نجم شوكت في القيادة العسكريَّة، فانتقل من قيادة استخبارات القوَّات البريَّة
إلى مساعد قائد الاستخبارات العسكريَّة، وتولَّى قيادة هذا الجهاز في 2005م. ويُعدُّ شوكت من الرِّجال الأوسع نفوذاً في النِّظام. في نهاية
2008م، وبعد أن أغارت إسرائيل على موقع سوريٍّ، قيل: إنَّه مبنى تجرى في داخله
أنشطة نوويَّة، وبعد اغتيال القائد العسكريِّ لحزب اللات والعزَّى اللُّبناني:
عماد مغنيَّة في قلب دمشق، أزيح شوكت عن الاستخبارات. ولكن إبعاد شوكت لم يدم
لفترة طويلة، إذ عيِّن مساعداً لرئيس الأركان في الجيش. ويذكر أنَّ
اسم آصف شوكت يرد كمشتبه فيه في التَّحقيق الدَّولي باغتيال رئيس وزراء لبنان السَّابق:
رفيق الحريري.
• رامي مخلوف
نجل شقيق والدة
الرَّئيس بشار الأسد: أنيسة. ولد رامي – من الطَّائفة العلويَّة- في العام 1965م،
مولود في جبلة، ومتزوِّج من ابنة محافظة درعا: وليد عثمان. استغلَّ نفوذ العائلة للسَّيطرة
على حوالي: 60 % من الحياة الاقتصاديَّة في سوريا. وتشير مجلَّة: "جون أفريك"
إلى أنَّ امبراطوريَّة: رامي مخلوف تمتدُّ من قطاع الاتِّصالات إلى تجارة التَّجزئة،
مروراً بالمحروقات والمصارف، ووصولاً إلى حقل النَّقل الجويِّ. ويعتبر رامي مخلوف المقرَّب
من ماهر الأسد، رجل الأعمال الأكثر ثراء في سوريا. ويخضع رامي مخلوف منذ العام
2008م إلى عقوبات الخزينة الأمريكيَّة، وفي مايو - أيار 2011م، فرض الاتِّحاد الأوروبيُّ
عليه جملة من العقوبات، واتَّهمه " بتمويل النِّظام ممَّا يسمح بمواصلة القمع
ضدَّ المتظاهرين السِّلميين ". كما نزعت عنه قبرص مؤخراً الجنسيَّة القبرصيَّة
التي كان يحملها. ويتَّهم المتظاهرون رامي ابن خال بشار الأسد بالفساد. وأعلن رامي
مخلوف في منتصف يونيو - حزيران تخصيص جزء من ثروته للأعمال الخيريَّة. ويذكر أنَّ شقيق
رامي: حافظ مخلوف -36 سنة- هو قائد أجهزة الأمن في العاصمة دمشق.
علاقة آل مخلوف
بآل الاسد قديمة، حيث حرص الرَّئيس الهالك: حافظ الأسد على ترك مساحة لاستفادة محمد
مخلوف (أبو رامي)، بدعم من الأسد شخصياً، حيث استلم مخلوف الأب إدارة " الرِّيجي
"، ثمَّ المصرف العقاري، لكن مخلوف الابن كان " محظوظاً " أكثر، إذ
تولَّى حصريَّاً تجارة السَّجائر، من لبنان إلى سوريا، عبر معبر الجدَيدة، وأنشأ رامي
مخلوف لاحقاً شركة " غوتا " التي تولَّت التَّفاوض مع شركات السَّجائر الأجنبيَّة،
والمشروبات الكحوليَّة الأجنبيَّة لترتيب الوكالات لها في السُّوق الحرَّة التي سيطرت
عليها بدعم من النِّظام.
في سنة 1998م، طرحت
وزارة المواصلات السُّوريَّة مناقصة صوريَّة لتشغيل قطاع الهاتف الخليويِّ، ظهر فيها
رامي مخلوف كشريك لشركة " أوراسكوم " المصريَّة لصاحبها المليونير: نجيب
ساويروس، لكنَّ مخلوف ما لبث أن اختلف مع ساويروس، فصودرت أموال الشَّركة المصريَّة
في سوريا، ووضع عليها حارسان قضائيَّان هما: إيهاب مخلوف (شقيق رامي)، ونادر قلعي (مدير
أعمال رامي مخلوف)! لكنَّ التَّهديد باللُّجوء إلى التَّحكيم الدَّولي دفع للإعلان
عن "حلٍّ ودِّيٍّ " للخلاف في تموز 2003م، بحيث باتت شركة: "سيرياتل"
التي يمتلكها مخلوف إحدى شركتين تشغِّلان الهاتف المحمول في سوريا. ويبدو اليوم أن
مخلوف هو واجهة الشركة بينما المالك الحقيقيُّ هو بشار وماهر الأسد. تسيطر الشركة حالياً
على 55 % من السُّوق المحليَّة، ولديها مليون ونصف مشترك، بينما تركت الحصة المتبقية
لشركة: أريبا التي يملكها الرَّئيس: نجيب ميقاتي. إنَّ ما يثير الانتباه هنا أنَّ التَّرخيص
لـِ: "سيرياتيل" تمَّ بدون مقابل، مع أنَّ مخلوف قال: "إنَّ إيرادات
الشَّركة سجَّلت خلال عام: 2005م، 1.7 من النَّاتج المحليِّ الإجماليِّ لسوريا"!.
ويملك مخلوف أيضاً
شركة: "راماك" التي تعمل في المجال العقاريِّ، وتلتزم مشاريع كبرى بمناقصات
وهميَّة، ومؤخَّراً أسَّس في سورية شركة: شام القابضة، بالشَّراكة بين عماد غريواتي،
وهي شركة تعمل في الاستثمار السِّياحيِّ. ولمخلوف استثمارات في قطاع الإسمنت، وله أكثر
من نصف أسهم بنك المشرق الاستثماريِّ، وشركة "الكورنيش السِّياحيَّة" لإقامة
المشاريع التِّجاريَّة والخدميَّة.
وقد حاول مخلوف
السَّيطرة على قطاع تجارة السَّيَّارات، لكنَّه اصطدم بشركة أبناء عمر سنقر، الوكيل
الحصريُّ لسيَّارات مرسيدس الألمانيَّة، وقد وقفت "مرسيدس" إلى جانب سنقر،
ممَّا دفع الحكومة السُّوريَّة لإلغاء الوكالات الحصريَّة، وفرض عقوبات على "مرسيدس".
كما استولى مخلوف على وكالة BMW
وصارت وزارة الدِّفاع "ملزمة" بشراء السَّيَّارات للضُّباط
المسرَّحين والمتقاعدين برتبة لواء وعميد منه. كما أسَّس مخلوف شركة خاصَّة لمراقبة
تطابق السَّيَّارات المستوردة مع المواصفات الحكوميَّة، بالشَّراكة مع إميل لحود.
حاول رامي مخلوف
مدَّ شبكة استثماراته الخلويَّة إلى باكستان عام 2004م، ولكن العقد سحب منه بعد شهر.
كما حاول الاستثمار في أوكرانيا، لكن المحاولة لم تنجح بسبب شبهات تبييض الأموال التي
ثارت حوله. واستطاع مخلوف الفوز باستثمار كبير في مجال الاتِّصالات مؤخَّراً في اليمن،
غير أنَّ الاستثمار الخارجيَّ الأهمَّ لمخلوف ابتدأ بعد مقتل الرَّئيس: رفيق الحريري،
حيث حوَّل قسماً من أمواله إلى دبي، واشترى برجين، سجَّل أحدهما باسم زوجته، والآخر
باسم أولاده.
لمخلوف علاقة بقضيَّة
بنك المدينة الشَّهيرة، وهو على علاقة تجاريَّة بشخصيَّات لبنانيَّة قريبة من النِّظام
السُّوريِّ من بينها: إميل لحود الصَّغير، وطلال أرسلان، وغيرهم. وله استثمارات في
مصارف لبنانيَّة، وهو يملك حالياً صحيفة "الوطن" في سوريا التي تدَّعي بأنَّها
مستقلة، فضلاً عن الكثير من الاستثمارات غير المعروفة بعد.
إنَّها أموال الشَّعب
السُّوريِّ التي يتمتَّع بها زبانية نظام الأسد، فيما يئن معظم السُّوريين تحت وطأة
الفقر والعَوز.
يا عائلة
الأسد!! ماذا بعد ؟.
سوريا التي كانت
في يوم من الأيام قلب العروبة النَّابض، وحامية الحمى، وضحَّى شعبها طيلة عقود من أجل
العروبة والإسلام، جاءت عائلة الأسد لتحوِّل هذا الوطن الطَّاهر الذي كان مهد الدَّولة
العربيَّة الإسلاميَّة الأولى" الأمويين" لتصبح دولة طائفيَّة، تنتمي إلى
طائفة همُّها الأساسي الانتقام، وإلحاق سوريا بإيران، التي أصبحت الآن تقود هلالاً
شيعيَّاً، يمتدُّ من إيران إلى لبنان، مروراً بالعراق وسوريا، ولكنَّ الشَّعب السُّوريَّ
انتفض، وأعلن أنَّ مشروع العائلة الأسديَّة انتهى، وسوريا ستعود قريباً؛ لتأخذ مكانها،
ولتبق قلب العروبة النَّابض، بعد أن تحوَّلت في عهد العائلة الأسديَّة إلى قلب بلا
رحمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق