النظام في سورية,
لا يقيم وزناً لأحد كائناً من كان, وعمل منذ توليه السلطة, على محو كل المرجعيات
في البلد, اجتماعية وسياسية وعلمية واقتصادية, من التي هي محل توافق بين أبناء
الوطن, لذا حقر من شأن العشائر وشيوخها, والشيخ أو الوجيه, إذا لم يكن في سلة
النظام, فلا يمكن أن يصل أو يقدر أو يحترم, بل يحارب ويهمش, ويصنع بدلاً عنه شيخ
آخر, أو وجيه ثان, وحارب كبار المفكرين من كل الاتجاهات, لأنه لا يقبل إلاّ من
يصفق له, وهناك تجار في المدن السورية الكبيرة, كانوا ركب البلد, فقام النظام, (بتحجيمهم),
وحربهم, ووضعهم في الزاوية التي لا يمكن لهم أن يتحركوا من خلالها, إلاّ في اتجاه
واحد, وصنع بالمقابل, أصحاب رؤوس أموال من الطائفيين, ومن لف لفهم من السفهاء
(والحرامية) والانتهازيين.
ذلك أن هذا
النظام, جاء إلى السلطة بطريقة غير شرعية, كما هو معروف, جاء
ويحمل معه حقد
السنين, وميراث المنافقين, وأجندة هولاكو, وسلاح غورو, ولسان حاله يقول: أيها
البلد, يا شعب سورية, سأريكم ما لم تروه في تاريخكم, من ويل وثبور وقتل وفساد.
أعلن نظرية الحزب
الواحد, والقائد إلى الأبد, وهدد وتوعد, وأخذ ينفذ برنامجه في
الفساد المنظم,
سياسياً وأخلاقياً واقتصادياً, واجتماعياً ودينياً وثقافياً وعسكرياً, وفي كل
المجالات, وسائر المناحي.
ومن هذه الأشياء
التي بذل كل جهده, ووضع ثقله لإخضاعها أو إفسادها, علماء البلد, الذين هم ملح
البلد, وهم ورثة الأنبياء, وقادة الأمة الحقيقيون, فبدأ يبسط يده عليهم, ويصل إلى
مقاعد حضورهم, وصمد أكثرهم أمام إغرائه وتهديده, وهنا لا بد من ذكر شيخ الشيوخ في
شامنا الحبيب, العلامة حسن حبنكة الميداني- رحمه الله- هذا الرجل الذي صمد صمود
الكبار, وثبت ثبات الرواسي, ولم تلن له قناة, ولم يخضع قيد أنملة, لترهيب النظام
وترغيبه, وأمثال الشيخ حسن كثر من الربانيين الذين حملوا عبء المسؤولية الملقاة
على كاهل العلماء, فكانوا يقولون الحق, لا يخافون في الله لومة لائم, وأقل
الصامدين حظاً أولائك الذين لم يسقطوا في أحضان النظام, رفضوا إعطاءه الولاء, أو
صفقة اليمين, فلم يمجدوا الطاغوت, ولم يقعوا في أسار المديح, أو كارثة النفاق.
أما أولائك الذين باعوا أنفسهم للشيطان, فصاروا مصفقين
ومطبلين ومزمرين, حتى سبقوا سفهاء الحاكم نفسه, فهؤلاء كرروا ظاهرة أمثالهم عبر
التاريخ.
عمائم لم تكن على
مستوى لابسيها, ومظاهر أساؤوا لأهلها الأصليين, فكانوا نماذج سوء, وتحولوا إلى
علماء سلطان, فضلوا وأضلوا, وإن شئت قلت: بأنهم صاروا
ألعوبة بيد شيطان
الجن, وشيطان الإنس(النظام), فخرقوا مباديء, وحرفوا حقائق,
وأذاعوا قالة
السوء, وأفتوا على هوى السلطان, وقاموا بلي أعناق النصوص لصالح ظلمه وقهره وقتله,
وضلاله وفجوره.
بينما كان
العلماء القدوة, في سجون الطاغية, من أمثال الشيخ سعيد حوى والدكتور حسن هويدي
ومحمد علي مشعل وغيرهم, وفي فترات أخرى الشيخ الزيتوني والشيخ هاشم مجذوب وأمثال
هؤلاء الأخيار- نحسبهم كذلك والله حسيبهم-.
أما الذين شردوا
من العلماء, فتكتب عنهم الأسفار ضخمة, من أمثال الشيوخ عبد الفتاح أبي غدة, ومحمد
عوض, وعبد الله سراج الدين, والعطار, والعباسي, والألباني, وعبد الله علوان, وسعيد
العبد الله, وعبد الحميد طهماز, والحجار, والمسدي, وغيرهم من كبار العلماء
والدعاة.
×××××××××××××××××××××××××××
واليوم مع ثورة
شعبنا البطل, حملة علم يصفقون للنظام, ويرددون ما يقول, ويمشون بنفس طريقه, وعلى
منهجه, ويبررون جرائمه, بذرائع أوهى من بيت العنكبوت, فلا نامت أعين الجبناء.
وعلماء يقفون مع الحق, مع مطالب الشعب, مع
الدماء البريئة, مع المقهورين, مع المنكوبين بهذا النظام, مع الأطفال الذين
يقتلون, مع أرامل الشهداء, مع النساء اللاّتي صمدن وثبتن, مع الذين هدمت منازلهم,
وأحرقت مزارعهم ومتاجرهم, مع المستضعفين.
وهؤلاء العلماء, تارة
يضربون وفي بيوت الله, وأخرى يعذبون في الشوارع, أما التهديد والوعيد والحرب
النفسية, فحدث عن هذا ولا حرج, وكثير منهم في أقبة السجون يعذبون, وتمارس عليهم كل
أنواع الألم, وسائر ألوان التنكيل.
إليهم نقول: (
اصبروا وصابروا ورابطوا) فأنتم ورثة الأنبياء, ودعاة الحق, وحملة مشاعل الهداية,
ومن استحقاق هذا أن تكونوا على الطريق الصحيح, الذي لا لبس فيه ولا عوج, ومن لازمه
كذلك, أن تقفوا إلى جانب المستضعفين من أبناء شعبكم, ومن ضرورة هذا أن تقولوا
للظالم كف عن ظلمك, وللفاجر أن يقف عند حده, فالأمة إذا لم يكن فيها أمثال هؤلاء
فقد تودع منها, والخير موجود, وبشائر النصر تلوح في الآفاق, وسوف تشرق شمس الحرية,
في القريب العاجل بإذن الله تعالى.
وللنظام نقول: كف
يدك عن العلماء, فلحومهم مسمومة, وهم رموز الأمة, وإن العدوان عليهم سيكلفك الكثير,
وإن أمة هان عليها علماؤها, لا خير فيها, ولا أمل يرتجى منها.
يا نظام البغي
والفجور والطغيان, نحملك مسؤولية المساس بأي عالم من العلماء,
وعليك أن تطلق سراحهم,
وتفك أسرهم, بلا قيد ولا شرط, ومن هؤلاء العالم الرباني, الشيخ أحمد معاذ الخطيب
الحسني, وأمثاله من الخطباء والوعاظ والأئمة,
هؤلاء الذين
تسجنهم, لأنهم قالوا كلمة حق, ولم يكونوا في ركابك, ولم تستطع أن تشتريهم بالدرهم
والدينار, اعتقلتهم لأنهم دافعوا عن شعبنا المظلوم, وانحازوا لمطالبه المحقة, ولم
يدخلوا في مشروعك الهداّم, الذي يعمل على حرق الأخضر واليابس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق