سنتناول اليوم ياسعادة المدير
موضوعاً هاماً لم تعرفه شعوبنا منذ قرون عديدة , وموضوعنا هذا يتعلق بشعارات ثورات
الربيع العربي والتي انطلقت منادية بالحرية , متبنية بيت الشعر المشهور لأبي
القاسم الشيباني (إذا الشعب يوماً أراد الحياة ...فلا بد أن يستجيب القدر) .
والسؤال هنا ياسعادة المدير :
هل تستطيع أن تعرف لي مامعنى
الحياة وما معنى الحرية وعلاقتهما ببعض ؟
المدير : ياسيدي هو موضوع شائك
ومترابط وليس من السهولة بمكان الجواب على سؤالك هذا , ولكن يمكنني اختصار الاجابة
بقول أحدهم ( هل تعلم أيها المحرر الأكبر أنه لايكفي تحرير الناس , لكن لابد من
توفير سبل الحياة لهم بعد تحريرهم ) .
أقول لك بصراحة يامديري الحكيم ,
إنني في كل يوم أكتشف فيك صفات رائعة تدل على الحكمة والنباهة , وبدأت أحسد نفسي بوجودك
إلى جانبي , وهذا يخيفني جداً .
المدير وما سبب الخوف ياسيدي ؟
عندما يعجبني شيء خاص كعمل قدمته
أو وجدت صحتي جيدة , يحصل عكسه فتنقلب سعادتي لتعاسة , وقد أسميه الحسد , ولكن
لاتخف أحسد نفسي ولا أحسد الغير , ولكي لاتخاف فهاءنا أقول (ماشاء الله لاقوة إلا بالله ) ..فهل اطمأنت نفسك ؟ نوعاً
ما ياصاحبي الرئيس.
لنعد إلى موضوعنا ونناقش الحياة
اولاً , وكما يقال عندنا في المفهوم الشعبي المرأة هي الحياة , وقبل هذا هل سمعت
بالرواية المسماة (دون كيشوت ) .. نعم سمعت بها وقرأتها مرات كثيرة فهي للروائي
الاسباني (سرفنتيس ) , والتي يقول فيها (العدالة في حاجة إلى منفذ ,الحرية في حاجة
إلى ملهم , السلام في حاجة إلى نبي ) ..تماماً كما ذكرت ولكن سوف أذكرك بهذا الشعر
الرائع عندما يوجه خطابه للمرأة فيقول :
لقد جئتي لتحميني من كل ضعف وهذا
يكفي لكي أثق في نفسي وفي كل انتصاراتي , لقد جئت لأنك تثقين في يقظتي , وهذا يكفي لكي أظل يقظاً , لقد جئت لأنك
تثقين في حقيقتي , وهذا يكفي لكي أحافظ على الحق , ولأنك تثقين فيما أثق فيه وهذا
يكفي لكي اتأكد من كل شيء أعرفه .
فمما تقدم أعلاه نجد أن الحرية
لاتعني شيئاً , مالم تتوفر سبل الحياة , وسبل الحياة لايمكن توفيرها إلا بوجود
منفذ لهذه العدالة , وعندما تملك الحرية وسبل الحياة , وبوجود من ينفذ العدالة في
المجتمع , يكون ضعفك محمياً وثقتك بنفسك عالية , في نومك كأنك يقظاً وفي يقظتك
آمناً , وعندها لن تشعرك حقيقتك إلا بالحفاظ على الحق , وعندها تثق بالحياة فستكون
عندها أبواب الحكمة والمعرفة مفتوحة أمامك .
فالحرية تعني بحد ذاتها هي السعادة
, فكل عمل تقوم فيه بحريتك , ولا يكون هذا العمل فيه شر عليك أو على الآخرين فهو
سعادة بالغة تشعر فيها بداخلك .
ولكن هذه الحرية التي نسعى إليها
في بلادنا , حتى نشعر أننا نحيا في هذه الدنيا , فلا يمكن ان تجدها ولن تشعر
بطعمها , وقد تميل النفس في كثير من الأحيان لحب الموت على حب الحياة, وقد ينتحر
البعض , عندما يضطر لأن يبيع حريته وكرامته وإنسانيته لقاء طعام يأكله أو ملبس أو
سكن يعيش فيه , ويطعم عائلته والمكلف برعايتهم .
يبرز عندنا ثلاث قضايا رئيسية ,
حتى تعيش الحياة بحرية وتشعر بسعادة الحياة وهي :
العدل ...الحرية ....وسائل الحياة
فبغياب العدل تصبح الحياة غابة يعم
فيها الصراع من أجل البقاء والحياة للأقوى , وهنا يمكننا الحكم مباشرة إن ساد
العدل, يجب أن تنعم بحياتك وتسعد فيها ,حتى تتخذ حريتك مسيراً لايؤذيك ولا يؤذي
غيرك , عندها تستطيع أن تسعد بحياتك وتكون فيها بناءاً ولك أثر طيب في المجتمع
الذي تعيش فيه , وقد يكون أثرك عاماً على البشرية كلها .
المدير علينا أن نركز في حملتنا
إذاً على تأمين وسائل الحياة للناس أولاً
, ولا ينفصل ذلك عن ارساء العدل , والقانون هو الحكم الفصل بين الجميع , والحرية
هنا تكون تحصيل حاصل تفرضها الأعراف والتقاليد والقوانين , عندها لن يشعر الكائن
الحي منا بأنه..(حي ميت ...وميت حي )
يتبع ...ج7
د.عبدالغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق