تناقل أهل الغيرة
والمروءة والشهامة والتدين في حلب، أواخر الستينات من القرن الماضي، أنباءً عن رجل
في مدينة اللاذقية ملقى مع أسرته على الرصيف، يسومه أشقياء الطائفة العلوية
الكريمة سوء العذاب - ضعوا أربعة خطوط تحت كلمة الكريمة، لأنني لن أعيد كتابتها
مرة أخرى - كل ذلك لأنه ترك دين الطائفة وأصبح سنياً… منعت عنه يد العون والمساعدة…
ويُضرب صباح مساء… بينما يفترش مع زوجته وأطفاله الرصيف، ويلتحفون السماء إلاَ من
أثمالٍ باليةٍ… تدارس أهل الهمة والنشاط وضع الرجل في حلب، وأرسلوا جماعة من
الغيورين استنقذت العائلة المنكوبة من براثن شذاذ الآفاق، وآووها في مدينة حلب، تم
ذلك بسرعة خاطفة، وتم بعدها توظيف ربِ الأسرة في الإصلاح الزراعي، التزم السيد
معروف ( صاحب الاسم المنتقى بعناية) الدروس والحلقات والأذكار التي كان يقيمها
الشيخ أديب حسون… ومن شدة التزامه وتدينه ومصاحبته للشيخ أصبح من مريديه، وأطلق
لحيته، وبدأ الناس ينادونه باسم ’’الشيخ معروف’’… كان الشيخ معروف ملتزما بدوامه
في دائرته الحكومية، رغم قلة الراتب… حيث كان التزامه بالدقيقة، يدخل الدائرة أول
الداخلين ويخرج منها آخر الخارجين … صابر محتسب، كثير الصمت والتسبيح ‼‼ ...
يقول له الموظفون
من حوله ومن محبيه والمعجبين فيه: أنت صاحب عيال، ومرتبك لا يغطي مصاريف العائلة
لنصف الشهر، كيف تطيق هذا الضيق ؟؟؟ وكيف تتدبر أمرك لآخر الشهر؟؟؟‼! فيجيبهم بلسان الزاهد العابد
الحامد الشاكر، لم يتركني، ولله الحمد، مشايخي بحاجة، فلقد آويتموني يا أهل حلب، ونصرتموني،
أعزكم الله يا إخواني، يا أهل حلب، ولا أعرف كيف أرد لكم جميل فضلكم علي… ولو ضاقت
بي الحال أكثر من ذلك، لأرسلت إحدى بناتي لتخدم في بيت شيخي أديب حسون، والأخرى في
بيت الشيخ الجليل عبدالله سراج الدين والثالثة في بيت الشيخ الفاضل عبدالقادر عيسى…‼ ..ولن أجد أفضل من تلك البيوت، لتحمي عرضي، وتربي بناتي على الفضيلة
والأخلاق الحميدة‼!
تحسنت أحوال
الشيخ معروف، ودرس أبناؤه في الثانوية الشرعية في حلب، وكل هذا غير مفاجئ …. لكن
المفاجئ عندما قامت الثورة ضد حافظ الأسد في الثمانينات، فوجئ بعض المشايخ باستدعائهم
سرا وعلانية لفروع الأمن والمخابرات وكان
الاستدعاء، بصورة خاصة، للذين يدعمون الثورة ويقفون معها، وشيئاً فشيئاً، اكتشف
النابهون مصدر الخطر، وإذا بالشيخ معروف العابد الزاهد التقي النقي الورع ضابط في
الأمن، ويعمل معه، ويعلم تفاصيل حلقات المشايخ وأسرارهم، ومن يحضر عندهم ومريديهم
بأدق التفاصيل .
ونظراً لقرب
الشيخ معروف والتصاقه بالشيخ أديب حسون، أسهم بقسط وافر في هندسة ابن الأخير
المدعو أحمد بدر الدين حسون، وصنعه على عينه، ليكون يد ورجل ولسان النظام، إنه
مفتي سوريا المنافق الأكبر الذي تتناغم الكثير من تصريحاته تمام التناغم مع ترانيم
الطائفتين العلوية والشيعية ولن نزيد …
فهل عرفتم يا أهل
حلب أولاً، ويا أهالي سوريا ثانياً، سرَ التشبيح الخفي الذي يمتد لعقود، ذلك
التشبيح الذي يضع مفتي سوريا بعمامة كالبرج وجبة كالخرج سهماً مسموماً مدسوساً باسم
الدين وناطقاً باسمه، وكم أسهم ذلك المنافق الأكبر في تأخير التحاق أهالي حلب بركب
الثورة رغبا ورهبا …. فكم من الشبيحة الخفيين والمتخفين دُسُوا بين صفوفكم ياأبناء
الثورة السورية المباركة اليوم ؟؟
رصُوا الصفوف
ولاتَعَافوا ثغرةً يندس منها
خائنٌ ومفرقُ
اسألوا آبائكم
وأجدادكم، إن كنتم لاتعلمون، عن المندسين الحقيقيين بين صفوفكم باسم الدين …
وماخفي أعظم، وكل أربعة عقود من التيه والخراب والدمار وأنتم بخير، وصح النوم ….
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق