الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-05-14

كوميديا رئاسية ج3 – بقلم: د. عبد الغني حمدو


سوف نخرج ياصديقي من التنظير إلى التشخيص , ومنها ننطلق لحل المشاكل المعروفة , ولكن بعد تحديد أسباب وجودها , وفي هذه الحالة عند معرفة الداء يمكن البحث عن العلاج بعدها وإيجاده .


عندنا معادلة ذات طرفين وحتماً تفاعل العناصر من اليمين في المعادلة ستؤدي إلى تفاعلات ثابتة ’ ةلن تتغير هذه النتائج إلا بالتأثير البيئي عليها .

الاستبداد +الظلم + الفساد الفقر +الجهل + الكذب


نحن الان نعيش مع حراك اجتماعي جديد في منطقتنا العربية , وهو بالفعل الربيع العربي كما يطلق عليه , ولو تتبعنا تاريخياً سنجد أن السبب الرئيسي في انحطاط وتخلف الأمة , هو أنظمة الحكم بحد ذاتها , فكل أنظمة الحكم عندنا تعتمد على السلطة الفردية المطلقة , هذه السلطة الفردية جعلت من الصراع على السلطة مستمراً طوال الوقت , فالحاكم يخاف على وجوده لذلك يلجأ دائماً لتفريغ البلاد من الأصوات الحرة والمفكرة , ومن العلماء والحريصين على مصلحة الوطن , والتخويف المتزامن من عدو خارجي قد يكون حقيقي أو هو يخترعه , وفي نفس الوقت ينزع الثقة المتبادلة بين الناس , وتركيز الثروة بيده وبيد المقربين والداعمين له , ويعم الفساد , ويترعرع مع نموه الفقر لدى غالبية أفراد المجتمع ويسيطر الجهل والتخلف , لتصبح نتائج المعادلة هي كما موضح أعلاه , فالكل يكذب والكل يراوغ , والخيانة تتجذر في نفوس الغالبية , خيانة المجتمع أو خيانة الأسرة والأفراد أو خيانة , الدولة بحد ذاتها , لتصبح الذاتية هي المسيطر الوحيد على المجتمع ككل , فتجد الأب يخون أبناءه والأخ يخون أخاه ويتنكر له , والزوجة ليس عندها مانع او الزوج أن يضحي بشريكه لقاء مصلحة ذاتية .

ويصبح المال العام ووالقطاع العام عرضة للتدمير المبرمج وتحطيم أسس وكيان الدولة , والزعيم الأوحد غارق في عسل الشهرة والفساد والنزوات والفواحش .

مثال بسيط : في عام 1993 كنت في العراق واشتد الحصار المفروض على الشعب العراقي , وكانت توجد حصة تموينية توزعها الدولة للشعب (نصف كيلو سكر ...كيلو ونصف من الرز , وثلاث كيلاوات من الطحين لكل فرد ) , ولكن نفدت هذه المواد من المخازن , وخرج الزعيم وقتها على التلفاز ليقول : لن تستطيع الدولة بعد الآن الايفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين في تأمين الحصة التموينية المقررة ..

بينما كان الزعيم يمتلك عشرات القصور في العراق , وكان مفروضاً على كل قصر تحضير ثلاث وجبات طعام رئيسية , من أرقى وأشهى المأكولات والمقبلات والحلويات , وعليهم أن ينتظروا لعله يمر الزعيم على القصر هو ومرافقيه , وهو حتماً لن يمر على كل قصوره , فيكون مصير هذه الأطعمة سيارات الزبالة , ويمنع منعاً باتاً توزيع أي منها على الفقراء , والتي تكفي لعشرات الآلاف من المواطنين يومياً . وكانت حسرة الناس الحصول على وجبة بيض شهية , ولكن كان البيض يلقى للسمك في البحيرات الخاصة بابن الزعيم .

إن كل الأحزاب الموجودة على الساحة السورية , ديكتاتورية شمولية إقصائية تلغي الآخر وتعتبر مشروعها هو الوحيد الصالح لبناء الأمة , كحكم العسكر من قبل , ومن المستحيل أن تجد الخلاف بين هذه الأحزاب على تقديم الأفضل للأمة , وإنما فقط الصراع على الحكم والايستيلاء على كل شيء , وعند الجميع أن الشعب عندنا لايحكم إلا بالاستبداد , ولا يمكن ان يعطى الفرصة لانتخاب من يحكمه على مشروعه وبرنامجه السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يتبناه , وأن مجتمعاتنا لايمكن أن تع الديمقراطية السياسية على الأقل .

لذلك ياصديقي المدير علينا أن نبدأ أولا بتطويع الابن وأن لايكون عاقاً في المستقبل ونستطيع محاسبته متى شئنا , والذي يمثل الابن هو الحاكم والشعب هو الوالد .
يتبع .....
د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق