ما يحصل في سوريا من قتل وذبح وإرهاب تنفطر
لهوله النفوس والأكباد، وينشر الحزن والكمد في القلوب ومع ذلك لا يكاد يلتفت إلى قضيتهم
من إخواني الكتاب الليبيين سوى قلة قليلة، وحتى هؤلاء لم يسلموا من نقد ضيقي التفكير
الذين يتحركون بمشاعر شبيهة بتلك التي تحرك القطعان في الغابات.
إنّ قطيع الحيوانات في الغابة يتحرك وفق ما يحسبه مؤمّنا لحياة أفراده،
ثم لا يهمه بعد ذلك ما يحصل لبقية الأنواع الأخرى من الحيوانات، لكن معشر بني آدم تجمعهم
رابطة الإنسانية وتربطهم وحدة الأصل وإن اختلفت ألوانهم وتباينت أديانهم، فليت شعري
ما الذي يجعلهم يتجاهلون قضايا إخوانهم في الدين والإنسانية، ولماذا يكون تفاعلهم مع
قضاياهم تفاعلا ضعيفا هشا لا يقدم ولا يؤخر؟
عجبي من أشخاص يسارعون إلى إرسال السلاح والبشر-لم
اشأ أن أصفهم بالرجال، فأكون كاذبا- إلى الإرهابي بشار أسد لمساعدته في قتل أبناء سورية الشجعان الأبطال الذين سطروا بدمائهم صفحات
مجد قلما سطرت في تاريخ البشرية، ونحن نعجز حتى عن كتابة مقالة أو مقالتين في الأسبوع
تدين ما يحصل من إرهاب وإجرام ضدهم. وقد يسارع متحذلق فيقول: نحن لدينا ما يكفينا-قرأت
مثل هذه التعليقات الباردة التي تعكس ضحالة تفكير كاتبيها-وعندنا مشاكل وتحديات جمة!،
فأسأل هؤلاء: ماذا كان سيحصل لو أن العالم قال حين بدأ الطاغية القذافي بإرسال دباباته
وطائراته إلى بنغازي الأبية: نحن لدينا همومنا ومشاكلنا الاقتصادية فلن نتدخل؟ أكنا
نستطيع الإعداد لخوض الانتخابات الحرة التاريخية بعد أسابيع قليلة من الآن إن شاء الله؟
أكنا نستطيع استنشاق نسيم الحرية الذي نستمتع باستنشاقه هذه الأيام لو أن دول العالم
وقفت تتفرج على السفاح وهو يبطش ببعضنا هنا، ويدمر ويحرق هناك ولم تمد لنا يد العون
والمساعدة؟
ثم إني أسأل هؤلاء المرجفين الزاعمين وجود
ما يشغلهم: هل أنتم حقا مشغولون بقضايا بلادنا انشغالا يستحيل معه وجود وقت أو حيز
من تفكير تخصصونه لأهلنا الأبطال في سوريا؟ ألستم تقضون عشرات الساعات في الشهر في
مشاهدة برامجكم المسلية-كما تعدونها-أو في مناقشة المسائل التافهة التي لا ينفع العلم
بها ولا يضر جهلها؟ يقولون: الطيور على أشكالها تقع، وثورة سورية شبيهة إلى حد ما بثورة
بلادنا المجيدة، وثوارها يجاهدون من أجل ما جاهد من أجله ثوارنا: الحرية، الكرامة،
العدل، انهاء حكم العائلة الاستبدادية القاتلة، إلا أنهم ابتلوا بقوى إقليمية أشد وأخبث
من القوى التي واجهها شعبنا، تناصر سفاحهم الجبان بشار أسد، وعلى رأس قائمة هذه القوى
تأتي دولة إيران وعميلها في لبنان ما يسمى بحزب الله، وقطعان وعصابات مقتدى الصدر،
يذبحون أبناء سورية وينتهكون أعراض نسائها الشريفات المصونات، وفي المقابل نجد صمتا
مخزيا من قبل عشرات الملايين من المسلمين، بل وتحتفل جمهورية إيران الطائفية بعيد ما
يسمى الجيش الإسلامي في طرابلس وهو الجيش الذي كان يمد ويعين الطاغية القذافي إلى آخر
لحظة!!. إنه الجيش الذي يساهم في قتل إخواننا في سورية كما ساهم في قتل إخواننا من
شعب ليبيا العظيم حين ساند قوات الطاغية القذافي بكافة الأسلحة، ومع ذلك يُحتفل به
في عاصمة بلادنا كما نشر خبره موقع صحيفة الوطن الليبية في عددها الصادر يوم الاثنين
28 شهر مايو سنة 2012. هذا رابط الصحيفة:
http://www.alwatan-libya.com/index.php
أما رابط الخبر فإنه يأخذ حيزا كبيرا من الصفحة،
فلم أشأ وضعه.
ومن الجدير بالذكر أن المهندس عصام العول رئيس
تحرير الموقع هو مؤسس رابطة محبي القذافي في العالم كما بين رابط نادي لصوص الكلمة،
والعهدة عليهم:
http://bader59.com/isam_page.htm
قبيل إرسال هذه المقالة إلى بعض المواقع، تصفحت
موقع صحيفة الوطن الليبية وفوجئت بلقائها مع معاون وزير الخارجية الإيراني،-نشر هذا
اللقاء يوم 30 من شهر مايو- ولم يسئل هذا المعاون عن معاونة حكومته لنظام الإرهابي
القذافي ولا عن وقوفها الظالم مع حكومة لإرهابي بشار أسد، ولا عن احتلالها للجزر الإماراتية
أو عن احتلالها لإمارة الأحواز العربية منذ سنة 1924 فهل يصبح هذا الموقع بوقا من أبواق
الحكومة الإيرانية في بلادنا بالرغم من كل الجرائم التي ارتكبوها في حق الشعب الليبي
وحق الشعب السوري؟
ليعلم الذين لا يناصرون إخوانهم وأخواتهم أهل
سوريا الكرام وهم يخوضون معركة مجيدة بالنيابة عن الأمة كلها أن الله سائلهم يوم القيامة.
ليعلم الذين يستطيعون التظاهر أمام سفارات إيران وروسيا ويستطيعون الكتابة عما يجري
لأهلنا في سوريا لكنهم آثروا التفاعل مع بعض القضايا المرتبطة بالشأن الليبي تفاعلا
عميقا جعلهم يكتبون في نفس الموضوع عشرات المرات، ليعلموا أنهم سيقفون أمام الجبار
يوم القيامة فليعدوا الجواب إن كان هناك جواب.
وربما قال متحذلق آخر: وهل نحن مسؤولون عن
حل مشاكل العالم؟ فالجواب: كلا، لكننا مسؤولون عن بدل ما نستطيع من جهد في سبيل حلها
وفق أهميتها وعلى قدر استطاعتنا. يقول ربنا سبحانه وتعالى:(فاتقوا الله ما استطعتم)
ويقول الشاعر:
وما على المرء إلا أن يسعى إلى الخير... جاهدا،وليس
عليه أن تتم المقاصد
اللّهم اشهد أني قد بلغت.
سالم بن عمار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق