الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-05-22

"جنية من هذا الزمان" - بقلم: رهف الدغلي


أصوات تقتل أهازيج الفرح...وحرائق في معابد الغابات...الطبول تقرع في الخلاء...ونحيب تلك الفتاة يكاد يُسمع في العراء...
وعلى ضوء خافت مكلل بجن الظلام...رفعت الستار...ستائر غرفتي خمرية بلون الدماء...وجدت فتاة شعرها مسدل وعيناها حمراواتان...خائفة ترتعش...وعلى رؤوس الأصابع فتحت لها الباب...قلت لها:ادخلي, قالت لي و بصوت واهن ضعيف: أنا جنية جئتك من ماض قد أقفلتيه من زمان...
حنجرتي و صو تي و نفسي غرقوا في ذاكرة النسيان...لا وجود لي في هكذا زمان...صمت مدقع وأنين اللذات...وطائرة بعيدة تحلق في السماء...ذاكرة لعجوز خائفة من مرض السبات...


تلك هي أنا! خائفة من مواجهة الظلام ...من قولي أنا سأكون ضد ذاك الجان...خائفة من صوتي ...من حنجرتي ...من نفسي, أتلفت ورائي...و أقول هل علموا...!!!
بأنني لست من ذاك الجان و لا أؤيد هلكوستا جديدة في هذا الزمان!
دخلت الفتاة غرفتي الباردة...قالت: الشارع لي أدفأ من غرفتك المحاطة بجمود يقتل الأبرياء...سأخرج...إلى أين ؟ قلت لها.

قالت : إلى البركان...أموت دافئة خير لي من موت صقيع يطقطق العظام...انهمرت دموعي ...فقلت لها: ابق..علي استنجد بك..حنجرتي قد أصابها مرض من أربعين عام و قلمي قدسرق  منذ أن ولدت في 20 آذار...كتبي و دفاتري كانوا أحبتي و الآن لا أرى فيهم حرارة دفء تحييني من الممات...لا أرى من حولي إلا براكين هامدة..صامتة..مقفئرة..مشمئزة..و أنا ذلك البركان الهامد..قتلني الصمت ..قتلني الخوف ..قتلني الحرمان..
"إلى الأبد ...إلى الأبد يا مالك الجان"

هذا ماتعلمناه في أروقة معابد لتثقيف الأجيال...لم أرددها في حياتي وإن أجبرت كنت أبقى صامتة..حائرة مامعنى هذه العبارة لدين جنوني يؤله سفاح؟

إنه لدين ليس بسماوي...هذا ما اقترفته أيدينا!!! فلنذق اليوم مرارة صمتنا..مرارة عبوديتنا...مرارة غيابنا...
أدارت لي ظهرها الفتاة وقالت وداعا...قلت انتظريني خارجة معك!
ولكن قبل أن أخرج سأحطم جدران غرفتي وسأزيل الستائر ,و سأشعل الضوء..وسأحرق المكان..

جلبت مطرقة وبسواعدي الضعيفة بدأت بتكسير الجدار..تناثرت الحجارة في وجهي..كم صلب هذا الجدار ..كم هو قوي..كم هو مخيف..تراجعت..لطالما أناملي حملت الأقلام و الكتب..كيف لي أن أحمل مطرقة و أكسر جدار عمره ضعف عمري!

سالت دموعي و سال دمي ..وبالطعم المالح ذاقت شفتاي قربان حرية كانت تنتظرني وراء الباب..كسرت الجدار..وأحرقت المكان..وخرجت إلى الشارع حيث هو المكان..وعلا صوت حنجرتي في وجه ذاك الجان..زلزلت بصوتي أرضا كانت قد ماتت..صوتي أحيا الأموات..صوتي كان ليسى وحيدا..كان معي قلمي و دفتري..وحبيب يرصد لي المكان...
ذاك المكان ..سورية..
وذاك الحبيب ..هو خوف مدقع خرج معي و لبى النداء..
لم يعد خوف ..أصبح زلزال...
رهف الدغلي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق