كوميديا رئاسية ج7 ....(الأمن أو الأمان ) – بقلم: د. عبد الغني حمدو

يا مديري العزيز لقد لفت نظري في نهاية حديثك البارحة عن القانون وسيادة القانون، وسؤالي هنا:

هل يمكن تطبيق القانون في بلادنا ؟

المدير : ولما لا ياسيدي الرئيس..!!

أليس من أولى مهماة السلطة هو: تطبيق القانون ..!!؟؟، وإن لم تطبق السلطة القانون، فهل تقول لي يافخامة الرئيس أننا سنكون بحاجة لهذه الحملة حتى تكون سعادتك رأس السلطة القادمة  ؟

وداعاً ياصديقي سأبحث عن شخص آخر أكون مديراً لحملته الانتخابية، يستطيع أن يطبق القانون ومعتقداً بقدرته على تحقيق الأمن، وتشعرني أسئلتك هذه بأنك ستكون حاكماً مستبداً، وحتماً عندها سينطبق عليك قول الكواكبي (مامن من مستبد سياسي إلا ويتخذ لنفسه صفة قدسية، يشارك بها الله )، فنفسي لم تعد تطيق أن تعبد حاكماً بعد الآن .

انتظر يامديري الرائع ولا تكون متسرعاً في الحكم على صديقك الذي تعرفه جيداً، حتى تعرف مغذى سؤالي، ونبحث عن الحل الأمثل للقضية المهمة التي نتباحثها الآن، وهو توفير الأمن والأمان، والذي لايمكن توفيره بدون تطبيق القانون، وهذا الأمن لم يشعر فيه أبناء أمتنا لقرون عديدة قد مضت وحتى الآن .

سأشرح لك أولا بكلمات قليلة، عن فلسفة السلطة وهناك رأيان مهمان

أو كما أطلق عليهما نظريتان :

النظرية الأولى :لأرسطو (تذهب إلى أن الانسان مدني بالطبع وأنه يقبل على الحياة في جماعة سياسية منظمة بفطرته )

النظرية الثانية للفيلسوف الانكليزي توماس هوبز (إن حالة الفوضى هي الحالة الطبيعية في حياة  الانسان،  في حين أن المجتمع المنظم هو مجتمع صناعي خلقه الانسان بإرادته) .

مجتمعاتنا ياصديقي عندها نظرية ثالثة في السلطة، هو أن مجتمعاتنا مجتمعات فطرية أو لنقل مدحاً لازماً مجتمعات مدنية، ولكنها لم تستطع أن تنظم نفسها، ولم تستطع أن تخلق مجتمعاً صناعياً بإرادتها، حتى تنظم حياتها .

لقد انتظرت كثيراً ياسيدي الرئيس لعلك تكمل حديثك لتصف لي النظرية الثالثة، أو تسمها لي

معك حق ياسعادة المدير، ولكن لايمكنني تسميتها مالم نعرج على الأركان الأساسية لقيام الدولة، والمختصرة بالتالي:

الآقليم ----- الشعب ----- السلطة

المدير : هذا يعني أن اختلال ركناَ واحداً من الأركان الثلاثة أعلاه فقدت الدولة معناها، ونحن في وطننا عندنا الاقليم ليس ثابتاً فهو في حالة تآكل مستمر، والشعب مجموعة من الرعاع لامعنى لوجوده إلا في خيال صاحبه، بينما عندنا السلطة ثابتة لاتتغير .

لقد أضحكتني ياصديقي، وقبل أن تسألني عن السبب سأقول لك :

إن السلطة عندنا سبقت النعجة دولي بقرون عديدة

يضحك المدير وكاد يقلب على قفاه من شدة الضحك ....ليهدأ بعدها ويقول :وما دخل النعجة دولي بالسلطة ياسيدي ؟

لاتقلق لها دخل كبير في الأمر، فهي قد استنسخت من ثديي أمها، وليس لها أب، والسلطة عندنا ياسعادة المدير ينطبق عليها نظريتي الثالثة في فلسفة السلطة وهي نظرية الاستنساخ .

من هنا ياسعادة المدير يمكننا الحكم على أن السلطة عندنا مستنسخة من هابيل ولم تتغير حتى الآن، والاقليم كما ذكرنا لايملك حدوداً معلومة أو ثابتة، وبقي عندنا الشعب .

المدير: الذي أستطيع استنتاجه، أن هذا الشعب هو الذي يقوم بعمليات استنساخ السلطة، فلولا وجود الشعب ماوجدت سلطة بحد ذاتها .

من الطبيعي أن يستنسخ الشعب دولي النعجة حتى تحكمه، وبناءاً على ذلك لايمكن أن توفر نعجة اسمها دولي الأمن والأمان للدولة .

المدير : سؤال ياسيدي، لماذا شعبنا يستنسخ النعجة، أليس الأولى بهذا الشعب أن يختار سلطة ورثت جيناتها من أب وأم ينتمي لهم وليس من العصر ماقبل التاريخ ؟ وحسب معلوماتي أن الاستنساخ في غالبه يكون مشوهاً .

لذلك ياصديقي في تاريخنا الطويل من السلطة لم نجد إلا نسخات قليلة اسنتسخها شعبنا فغلب عليها التأثير البيئي، فكان وضعها كطفرة وراثية ظهرت مرة واحدة ومن ثم اختفت بعدها لقرون عديدة، وهذه الحالة حتى مذنب هالي لايحسدها، فهو على الأقل يظهر كل سبعة عقود .

إننا لن نشعر بطعم الحياة ياصديقي، مالم نشعر بالأمن والأمان، وهذا لن يتحقق مالم يكن هناك إقليم،يعيش فيه شعب، هذا الشعب يخلق السلطة التي تنظم حياته .

لذلك ياسعادة المدير سنشرح في المرة القادمة، أهم ركن من أركان الدولة الأساسية وهو الشعب، حتى نبين لماذا يعتمد على دولي المستنسخة والأسباب المتعلقة بذلك، وعندما نجد الحلول، سيكون بمقدورنا تحقيق الأمن والأمان، وبوجوده توجد الحياة .

يتبع ج8 .....

د.عبدالغني حمدو